يثير الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الزوابع والغبار لتشتيت الانتباه عن الرفض الشعبي لحكمه الذي استمر أكثر من ثلاثة عقود،ولا شك أنه استطاع أن يحكم اليمن 33 عاما من خلال مناورات مكنته من اللعب على الاختلافات والتناقضات القبلية والدينية والبؤس المعيشي داخليا وإثارة مخاوف دول الجوار خارجيا، ونجح بتسويق "تهديد القاعدة" لجني الكثير من المال من أطراف عربية وإقليمية لتدعيم أركان حكمه وتمويله. صالح يحاول هذه المرة إثارة الغبار من اجل التنصل من استحقاقات المرحلة عبر توجيه سهامه السامة لقطر واتهامها "بتمويل الفوضى في اليمن وفي مصر وفي سوريا في كل الوطن العربي.. عندهم مال كثير وتعدادهم صغير، فعندهم مال لا يعرفون كيف يتصرفون به ويريدون أن يكونوا دولة عظمى في المنطقة، دولة عظمى من خلال قناة الجزيرة". متخيلا أن قطر ربما "تكون حيطة واطية"، يمكنه القفز عنها بسهولة للتحايل على اليمنيين الذين وصفهم بأنهم " خونة وعملاء وقطاع طرق". هذه الغبار يذكرنا باتهاماته لأمريكا وإسرائيل بالسعي لتقويض حكمه وتغير شكل المنطقة عندما، ثم عاد سريعا ليعلن التوبة والندم ويعتذر عن هذه التصريحات، بعد أن اكتشف أن "اللعب مع الكبار قد يحرق أصابعه". يعلم صالح أن قطر لم تكن يوما إلا جسرا للخير، ولم تكن يوما إلا نبعا لخير يتدفق على العرب في كل الدول العربية، ويعلم أن قطر لم تستخدم المال إلا من اجل وقف الحرب في اليمن، ومن اجل لم الشمل والتنمية ودعم الصحة والتعليم والسياحة والآثار لا لشيء سوى حبها لليمن وشعبها، لأنه أصل العرب ومسقط روحهم وحضارتهم، ولأنها مهوى الأفئدة المحبة لكل ما هو عربي. فقطر لم تدفع فلسا واحدا ثمنا لطلقة يطلقها يمني على أخيه اليمني، لكن علي صالح ربما يعتبر المال الداخل إلى اليمن كأنه غير موجود إذا لم يدخل من جيبه. من يقدم على وصف شعب يحكمه بأنه "خونة وعملاء وقطاع طرق" ويلمز من قناة حرائر اليمن العربيات ويتهمهن ب"الاختلاط"، ليس غريبا عليها أن يكيل اقدح الأوصاف لقطر الذي لم تمد إلى اليمن وشعبه إلا أياد بيضاء من غير سوء ولا منة، فهي يد الشقيق للشقيق. مشكلة علي صالح انه ما زال يناور، ويستخدم أساليب قديمة في اللعب على الشعوب، وهي أساليب بالية لم تعد تنفع، فهي تفتح طرقا لمغامرات لا تنتهي إلا بكوارث، ومحاولته التحريض على قطر والالتفاف على المبادرة الخليجية واستخدامها كأداة للإطاحة بآمال الشعب اليمني الذي يطالب برحيله ستنتهي بالفشل، واستخدامه تكتيكات "الفوضى الخلاقة"، لقسم الشارع وشراء الأتباع وحشد الأنصار وتسعير الحرب الإعلامية وقتل المتظاهرين من اجل تفجير حرب في اليمن على الطريقة الليبية، لن ينجح لان الشعب اليمني أذكى وأكثر حكمة مما يعتقد. نعلم تماما أن علي صالح يريد استخدام الاتفاق لتحقيق مآربه وإذا لم يستطع الوصول إلى ذلك فانه سيشعل حربا لا محالة، وهي يريد الحصول على حصانة تبعده عن شبح مصير حسني مبارك المرعب، وهو شبح سيلازمه طويلا حسب منظمة هيومان رايتس ووتش التي قالت إن "الرئيس صالح والذين ينفذون أوامره يجب أن ينتبهوا، لن يعفيكم أي اتفاق حصانة من المسؤولية عن القتل غير المشروع"، أي أن الحساب آت مهما كانت الألاعيب والمناورات، فعندما يسفك الدم فهذا يعني أن هناك ثمنا سيدفع. ذات يوم وصف الرئيس صالح حكم اليمن انه مثل الرقص فوق رؤوس الثعابين، ويبدو انه نسي أن الثعابين تلدغ أحيانا.