لا نخشى شيئاً في هذه الأيام، قدر خشيتنا من تكرار التجربة الليبية، في كل من سوريا واليمن، الصدام المسلّح الداخلي، كارثة يحتجب فيها العقل، وتدفع الأوطان الثمن في النهاية، وليس الطبقة السياسية الحاكمة التي تطفو على الدم، وتصر على قرع الطبول بشكل مثير للاشمئزاز . إن أسوأ ما قد يتورط به نظاما الأسد وصالح، هو أنهما لم يفهما الدرس الليبي، ولم يدركا أن ما يبدأ بالهراوات والحجارة والاحتجاجات قد ينتهي بغير هذا، خصوصاً في يمن ملغوم ومتوتر حتى النخاع، وفي شام مشحونة بالقمع على مدى عقود .
يوماً بعد يوم، يبدو الاستدراك شبه معدوم في ذهنية السلطويين في صنعاء ودمشق، الذين لا يدركون قوة العواصف التي مهدت لهذه الأوضاع الراهنة، وضاعفت الإحباطات . إن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، والتدجين لم يعد ممكناً، بعد أن تلقح الناس ضد كل مصادر التخوين والترويع والتخويف .
لقد ناشدناكم مراراً وتكراراً من هذا الموقع بالذات منذ البدايات، بالاستماع إلى نبض الشارع المسالم، وقيادة مرحلة التغيير والإصلاح الجاد والعميق، قبل أن يصبح الوقت متأخراً، والاستدراك متعذراً، وقبل أن تختلط الأوراق والأجندات، وتتعمق الحدود بين تضاريس المجتمع .
إن الذين أداروا ظهورهم لكل المقدمات، انتهوا إلى ما هم عليه الآن، وأصيبت أوطانهم بعطب وتذرر وحمامات دم وشقاء . واشتبك ذوو القربى والجيران، في المجتمعين المدني والعسكري، وصار الدم ينزف من كل الخاصرات .
لا تفوّتوا على أنفسكم الفرصة التاريخية، لاستدراك ما تبقى، واعتبروا مما سبق، وتلقحوا ضد التكرار الخائب والعقيم للظاهرة المقيتة والمريضة المسماة “القذافي” .
ارحموا شعوبكم . . يرحمكم الله ويذكركم التاريخ بالخير .