اتفقت "حركة النهضة" الإسلامية وحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" (يسار وسط) الحائزين على أعلى عدد من المقاعد في المجلس الوطني التأسيسي التونسي على "تكليف" منصف المرزوقي - 66 عاما- أمين عام حزب "المؤتمر" برئاسة الجمهورية. وقال مصدر مطلع في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن قياديي "النهضة" (89 مقعدا) و"المؤتمر" (29 مقعدا) "اتفقوا خلال مفاوضات أجروها اليوم الثلاثاء بالعاصمة تونس على تكليف منصف المرزوفي برئاسة الجمهورية".
وأضاف المصدر الذي حضر المفاوضات وطلب عدم نشر اسمه، أن النهضة والمؤتمر "عرضا على مصطفى بن جعفر - 71 عامًا - أمين عام حزب التكتل من أجل العمل والحريات (يساري وسط 20 مقعدًا) رئاسة المجلس الوطني التأسيسي".
وأوضح أن بن جعفر الذي قالت صحف محلية في الأيام الأخيرة إنه "متمسك" برئاسة الجمهورية "لم يرد بعد على هذا العرض (رئاسة المجلس التأسيسي) وطلب التشاور في هذا الشأن مع أعضاء حزبه".
وتشكل "حركة النهضة" و"المؤتمر من أجل الجمهورية" أهم قوة حزبية داخل المجلس الوطني التأسيسي إذ يملكان مجتمعين 118 مقعدا من جملة 217 مقعدا هى عدد مقاعد المجلس الذي سيتولى صياغة دستور جديد لتونس تجرى على أساسه في وقت لاحق انتخابات رئاسية وتشريعية.
ويعتبر منصب رئيس الجمهورية أهم منصب سياسي في تونس إذ يتولى من يشغله قيادة "القوات المسلحة" (جيوش البر والبحر والجو) وتعيين وعزل الوزراء والمصادقة على القوانين.
المرزوقى رئيس تونس.. نفاه بن على 15 عامًا وعاد ليجلس على كرسى الرئاسة أحمد حافظ- الأهرام المصرية حين عاش الطبيب منصف المرزوقى فى منفاه الاختيارى في باريس لنحو 15 عامًا، لم يكن يتوقع يومًا ما أن يجلس على عرش الجمهورية التونسية.. لكنه فى نفس الوقت كان من أولى الشخصيات التى رشحت نفسها لمنصب الرئاسة، في أول بلد عربى أسقط رئيسه.. وليتم اليوم اختياره اليوم كخامس رئيس لتونس.
المرزوقى على مدى سنوات حكم بن على فى تونس، كان من أشد معارضي النظام الحاكم، برغم كونه طبيبًا، وليس سياسيًا بالأصل، فهو متحدث ماهر باللغتين العربية والفرنسية.
عُرف عن منصف المرزوقي أنه شخصية متواضعة ومحببة عند الجميع، وكان أول من دعا التونسيين إلى عصيان مدني ضد سلطة الرئيس السابق بن علي طيلة سنوات تواجده في فرنسا، معتمدًا على رسائل فيديو مصورة بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"يوتيوب".
حصل المرزوقي على شهادة الدكتوراة في الطب، ويشغل حاليًا منصب أستاذ جامعى ومحاضر فى الجامعات الفرنسي، لكن عُرف عنه أنه كاتب سياسى بارز فى تحليلاته السياسية المناهضة لأساليب الظلم والاستبداد التى ارتكبها نظام بن على فى حق التونسيين طوال فترة حكمه البلاد.
ولد منصف المرزوقي في السابع من شهر يوليو عام 1945 في قرمبالية، وتنحدر عائلته من الجنوب التونسي، والده محمد البدوي المرزوقي ووالدته عزيزة بن كريم، له أربعة أشقاء وسبعة أخوة، حيث نشأ في تونس والتحق بالمدرسة الصادقية بالعاصمة التونسية، ثم غادر تونس للالتحاق بوالده في المغرب، حيث عاش مع عائلته في مدينة طنجة قبل أن يسافر إلى فرنسا التي تزوج فيها، وأنجب بنتين اختار لهما من الأسماء مريم ونادية، وهناك واصل تعليمه، حيث درس الطب في جامعة ستراسبورغ، وتحديدا في كلية علم النفس الطب الشهيرة في المدينة.
بعد أن انتهى من دراسته عقد المرزوقى العزم على العودة إلى تونس عام 1979 برغم إلحاح أقربائه على البقاء في فرنسا، لكنه أصر على موقفه وعاد لبلاده ووقتها شغل منصب أستاذ مساعد في قسم الأعصاب بجامعة تونس، لكنه تم اعتقاله فى مارس عام 1994 لانتقاده نظام الرئيس بن علي، وظل في زنزانة انفرادية لأكثر من أربعة أشهر قبل أن يتم الإفراج عنه إثر خضوعه لحملة دولية أطلقت من أجله ووساطة من الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا.
لم يكتف المرزوقى بالعمل فى الجامعة التونسية، ودراسة الطب، بل قام بتأسيس المجلس الوطني للحريات في الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بمساعدة مجموعة من رفاقه، ثم تم اختياره كأول رئيس للجنة العربية لحقوق الإنسان من عام 1997 حتى 2000.
سبق للمرزوفى أن ترشح لمنصب رئيس الجمهورية فى تونس عام 1994، لكن لم يحالفه الحظ، ومن بعدها تعرّض للسجن والطرد من العمل وتم منع كتبه من الطبع والنشر، وحجب موقعه وتعرض لمحاكمات عديدة، وتم منعه من السفر حتى سافر للعيش فى المنفى بباريس لمدة 15 عاماً، ثم عاد لتونس بعد ثورة 17 ديسمبر 2011 حيث يواصل نشاطه السياسي والفكري.
كان من أهم ماكتبه المرزوقى فى الثورات العربية، إنه قال على قتل اللييبيين للقذافى: "مجددا فرحت بسقوط الديكتاتورية في ليبيا، ولم أفرح بالنهاية المحزنة للديكتاتور الليبي، ولما علمت بتفاصيل قتله أصبت بصدمة، وكنت طالبت الإخوة في ليبيا أكثر من مرة بعدم الركون إلى تصفية الحسابات، لأن شعاري في الحياة كان دومًا، إذا كانت موازين القوى ضدك لا تستسلم، وإذا كنت في موقع قوة لا تنتقم، والذي حصل مع القذافي انتقام أدينه بشدة".