قالت جماعة الاخوان المسلمين بمصر يوم الاربعاء انها ستشارك في مظاهرات حاشدة يوم الجمعة للمطالبة بسحب وثيقة مباديء دستورية أعلنتها الحكومة وأن يسلم المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد السلطة في أبريل نيسان. وتقول الجماعة وأحزاب وجماعات سياسية مختلفة ومرشحون محتملون للرئاسة ان الوثيقة تعطي المجلس الاعلى للقوات المسلحة حصانة في مجال انفاق ميزانية الجيش وتضمن له السيطرة على الشؤون العسكرية في البلاد بعد نقل السلطة للمدنيين.
وبحسب الوثيقة لن يكون من حق الاعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى وحدهم اختيار جمعية تأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد.
وتقضي تعديلات دستورية اقرت في استفتاء بعد أسابيع من اسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط بأن يعين الاعضاء المنتخبون في مجلسي الشعب والشورى جمعية تأسيسية تضع الدستور الجديد للبلاد.
وفي الشهور التالية دعا نشطاء وقوى سياسية الى اصدار مبادئ توافقية ملزمة لضمان عدم تغيير اسس الدولة المدنية اذا فازت التيارات الاسلامية بالاغلبية في مجلسي البرلمان وانفردت او كادت بوضع الدستور. ووعد المجلس الاعلى للقوات المسلحة باصدار مثل هذه الوثيقة.
وقالت جماعة الاخوان المسلمين في بيان ان المباديء الدستورية التي اقترحها نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطي علي السلمي توقع البلاد في "فتنة هي في غنى عنها."
وأضافت "كان كل أملنا أن ينصاع الدكتور السلمي للارادة الشعبية المتمثلة في الاعلان الدستوري الناتج عن استفتاء مارس... وأن يستجيب لمطالب معظم القوى الوطنية ويسحب وثيقته... ويهيء الظروف لانتخابات حرة شفافة كخطوة أولى على طريق الديمقراطية."
وقال البيان "مددنا حبال الصبر ودخلنا في مفاوضات معه الا أنه ومجلس الوزراء أصروا على التشبث بالمواد غير الديمقراطية ولذلك لم نجد مناصا من النزول في مليونية حماية الديمقراطية يوم الجمعة." وتابع "سوف تكون هذه الفعالية بداية لسلسلة فعاليات متصاعدة اذا لم يتم سحب هذه الوثيقة."
ومن المقرر أن تجرى الجولة الاولى من انتخابات مجلس الشعب يوم 28 من نوفمبر تشرين الثاني على ان تنتهي اخر مرحلة في انتخابات المجلسين في مارس اذار.
وقال الاخوان وحلفاؤهم في بيان بعد اجتماع عقد يوم الاحد انهم يمهلون الحكومة الى يوم الاربعاء لسحب وثيقة المباديء الدستورية.
وطالبوا المجلس الاعلى للقوات المسلحة أيضا باعلان جدول زمني يضمن تسليم السلطة بحلول أبريل نيسان في حين يقول مراقبون ان المواعيد التي قررها المجلس للانتخابات التشريعية والرئاسية وكذلك وضع دستور جديد للبلاد قد لا تسمح بتسليم السلطة قبل أوائل عام 2013.
وقال مصطفى النجار العضو المؤسس في حزب العدل الليبرالي ان المفاوضات التي استهدفت تعديل الوثيقة الدستورية انهارت بعد أن اجتمع مجلس الوزراء مع المجلس العسكري الذي أصر على عدم تعديل بند خاص بالجيش في الوثيقة.
وقال "عدلنا البندين اللذين حولهما الجدل وهما البند التاسع والبند العاشر اللذان يحصنان الجيش في الدستور. اجتمع مجلس الوزراء مع المجلس العسكري ثم عاد ليقول انهم يصرون على ابقاء البند التاسع."
ونص البند التاسع على أنه "يختص المجلس الاعلى للقوات المسلحة دون غيره بالنظر في كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم ادراجها رقما واحدا فى موازنة الدولة. كما يختص دون غيره بالموافقة على أى تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل اصداره.
"ورئيس الجمهورية هو القائد الاعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة. ويعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة المجلس الاعلى للقوات المسلحة ومجلس الشعب." وقالت بعض القوى السياسية انها لن تشارك في المظاهرات المقررة يوم الجمعة.
ووافقت أغلبية ساحقة من الناخبين على الاستفتاء الدستوري في مارس اذار لكن سياسيين ومحللين يقولون ان كثيرين من الناخبين اقترعوا للاستقرار وعودة الامن بعد مبارك ولم يكن واردا في أذهانهم كثيرا امكانية أن يهيمن الاسلاميون على وضع الدستور الجديد للبلاد.
ومنذ نحو أسبوعين دعا نشطاء الانترنت الى مظاهرات حاشدة يوم الجمعة مطالبين المجلس الاعلى للقوات المسلحة بتسليم السلطة فورا للمدنيين.
وجماعة الاخوان المسلمين أقوى قوة سياسية منظمة في مصر وبامكانها حشد عشرات الالوف في الشوارع. وتقدر عضوية الجماعة المسجلة بما بين 800 ألف ومليون ويتعاطف معها بعض المصريين.
وأبدى مثقفون مخاوف من بند في الوثيقة قالوا انه مسعى لتكميم الافواه وتهديد لمدنية الدولة. واعتبرت نقابة الصحفيين البند "سابقة خطيرة" ستقود البرلمان القادم لفرض قيود على حرية التعبير في الوقت الذي يطالب فيه المصريون بانهاء مختلف تلك القيود بعد الانتفاضة التي أسقطت مبارك.
ونص البند 14 في الوثيقة على "حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة ووسائل الاعلام مكفولة بما لا يمس حرمة الحياة الخاصة وحقوق الغير والمقومات الاساسية للمجتمع المصري. ويحظر فرض الرقابة على وسائل الاعلام أو مصادرتها أو تعطيلها الا بموجب حكم قضائي مسبب ولمدة محددة."
وقال كتاب ان الفقرة الاخيرة تمكن الحكام من اصدار قوانين تكفل الرقابة على وسائل الاعلام ومصادرتها وتعطيلها. وقال مجلس نقابة الصحفيين يوم الاربعاء في بيان انه "يدين هذه السابقة الخطيرة المتمثلة في استحداث توجيه دستوري للبرلمان باصدار تشريعات تفرض قيودا جديدة على حرية التعبير والصحافة والاعلام."
من محمد عبد اللاه ومروة عوض (شارك في التغطية سعد القرش)