لما كانت حكومة الوفاق في شرعية وجودها ومبررات قيامها تستند إلى مقومات وجود لا تنسجم مع الإرادة الثورية فإن وجودها عند شريحة واسعة من الغاضبين من الثوار يعد تجريد فارغ من أي دلالة ثورية ليس الا.. وجود يفترض البعض على انه المفضول مع وجود الأفضل بمعنى انه الأنسب وان كانت هناك أمنيات أفضل...يعتقد بقدرة هذا النمط على إدخال معادل جديد على معادلة النظام يجعل من التغيير ممكن مع مراعاة لخصوصية الحالة اليمنية وتعقيداتها وتحلل النظام وعدم قابليته وقدرته على الاستجابة لمطالب الشارع... مهما كان مدى مصداقية هذا الطرح فأن ذلك لايغير من حقيقة استناد شرعية هذه الحكومة الى مفاهيم الممكن السياسي المتجاوز والمتخوف من الممكن الثوري...وتكاد ان تكون علاقتها بالمبذول الثوري كنسبة العدم من الوجود..تلك الحكومة مجبورة ان تسعى باتجاه نيل الرضى وبناء الشرعية من خلال عملها كأداة لتجسيد قيم الثورة ووسيلة لتحقيق احتياجات الوطن ...ولن يتم ذلك الا بتعيين وجودها سماتها وخصائصها بشكل يتسق مع المصلحة العلياء للوطن...الشراكة مع من أهان اليمن ومارس المتعة في قتله وتعذيبه سقوط أخلاقي وإفلاس سياسي وارتهان ثوري...مهما كانت الذراع كثيرة كدفع الضرر الأعلى-حرب تدمير-بتحمل الضرر الأدنى-شراكة البلاطجة-فإن ذلك لا يمكن ان يكون اعتذارا عن السقوط المريع في مهاوي الهلع والخوف وشراكة القتلة...وأي كانت الحجج المصبوغة بالوطنية فلن يكون مقبولا ان تكون حجة لقمع من يرفض الحكومة... اذا كانت الشرعية في حدها الأدنى تقتضى رضا المحكومين-باختيارهم الحر-بأحقية الحاكم سواء كان فرد او جماعة في ممارسة السلطة عليهم طواعية فأي شرعية تمتلك هذه الحكومة..استمرار الرفض يتحول تدريجيا الى خطر يتهدد وجود الحياة السياسية برمتها..وإذا كان يعتقد البعض ان الحكومة تشكل نمط مناسب يستحق فرصة لاختبار قدرته على حلحلة الجمود وفتح الباب أمام إمكانية التغيير..والمبرر في طلب هذه الفرصة يعود إلى تطابق الإدارك المتسق بالمصلحة الوطنية العلياء من قبل شركاء الثورة ...مهما كان ذلك صحيحا فهذه الفرصة لا يمكن ان تضمن الاستقرار لفترة طويلة لأمور عدة منها انها لم تقترن بأيمان ويقين يعكس بشكل ضمني او صريح ان القوى الثورية ترى معها تطابق بقيمها ومبادئها الاخلاقية والثورية والتزاماتها بالوفاء لدماء من سقطو من رفاقها في نفس محاريب النضال,هذا من جهة ومن جهة أخرى ايمان صالح بعدم حق الناس بالعيش والتغيير وتجاوز نظامه... إيمانه هذا الذي يجعله يمارس الغطرسة والوضاعة بكل أصولها ملغما الهوية الوطنية ومدمرا النسيج الاجتماعي..بإمكاننا القول بطريقة درامية كئيبة ان حالة من الخوف والرفض والشك تسود الموقف بين الحكومة والشباب-تضاؤل الشرعية ان لم يكن غيابها-حكومة باسندوة ليست الأولى في العصر الحديث التي جاءت بطريقة لا تحقق الرضا الشعبي فعملت تلك الحكومات على بناء شرعيتها من خلال تحقيق تطلعات المواطنين وتلبية احتياجاتهم فكانت الفاعلية والكفاءة الإدارية هي الطريق إلى الوصول إلى الشرعية بعد الوصول إلى السلطة بطريقة غير مشروعة..وفي نفس الوقت هناك الكثير من الحكومات التي وصلت السلطة بطريقة متفق عليها بين أفراد المجتمع السياسي ومع هذا اضمحلت شرعيتها بعجزها عن مسايرة وعي جماهيرها وتحقيق تطلعاتهم...بيت القصيد ...ان حكومة الوفاق على المدى القصير والبعيد وان كانت مشكلة بطريقة تغضب الثوار فهنالك فرصة لأن تكسب ولاءهم من خلال تحقيق توقعاتهم التي هي في حدها الأدنى الأمن والأمان وأسعار المعيشة واشراك الناس في تقرير مصيرهم كسبيل امثل لتعزيز المشاركة السياسية..الطريقة صعبة ووعرة وآه يا خوفي من آخر المشوار.