ليس لي بالمهاترات السياسية، والدخول في النوايا، والتشكيك في بوادر السلام، مهمتي المسؤول عنها أن أعي ما يقال أمامي وترصده الوقائع والميادين.. لا أنكر أني توجستُ خيفة من شائعات أخبار وصلتني بأن أول قرار اتخذه الوزير هو إقالة الجندي، والردمي، وعدد من الإعلاميين والإعلاميات في الفضائية اليمنية، وقناة سبأ، وقناة عدن، ولم يكن ذلك الهاجس والتوجس من شيء إلا أني لمستُ أن في هذه الخطوة إلماحة إلى مستقبل سيقوم على تصفية الحسابات والانتصار للمواقف الشخصية على حساب المصلحة العليا والعامة للوطن. ويبدو أننا جميعاً بحاجة إلى أول درس مهني في اليمن الجديد، وهو درسٌ إسلامي ومنهج ديني، درسٌ نعيد به تأهيل أنفسنا يقوم على حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع" حين سمعتُ إنكار الأخ وزير الإعلام لهذا الخبر، ولن أبالغ بأن تلك القاعدة النبوية هي ما يجب أن يضعها كل إعلامي نزيه وشريف أمامه عند كتابة أي خبر. أهنئ نفسي أولاً وكافة ذوي النفوس الصادقة تجاه أمن الوطن وأمانه أن أسمع ردود الأخ وزير الإعلام في عددٍ من القضايا الساخنة والحساسة والتي قد يستخدمها البعض في إضفاء المزيد من الترويج الشخصي لسيرته بعيداً عن المصلحة العليا للبلاد، وذلك حين استمعتُ إلى ردوده فيما يخص قناة الجزيرة، أو قطر، وفيما يخص قناة سهيل، فيما يخص رده حول تغطية الساحات، وغيرها من القضايا الساخنة أشكر رده الدبلوماسي والوطني ومنهجه الذي اختطه فيما يتعلق بدعوته للتهدئة وعدم عرض وبث ما يستفز النفوس من أي الأطراف. كل ما ورد على لسان الأستاذ علي العمراني في مؤتمره الصحفي (التعارفي) كما أراد أن يسميه ينبئ عن شخصية مسالمة، تنظر لليمن الجديد بسياسة الهدوء وتغليب درء المفسدة على جلب المصلحة، وهنا تكمنُ المسؤولية، وهنا تتجلى الحكمة في جدولة الأولويات تجاه اليمن الجديد. "إن رأيتمونا أفسدنا فحاسبونا" جملة تكتب على مدخل مجلس الوزراء، ومجلس النواب، ودار الرئاسة، لا ينطقها إلا شخص يعنيها ويعني ما يقول. حديثه عن الإعلام الإلكتروني يشعرني بأنه حتماً سيواجه اصطداماً مع واقع هذا النوع من الإعلام، فأمنيات الأستاذ العمراني حول هذا النوع من الإعلام وتحديداً فيما يتعلق بمواضيع حجب المواقع من عدمه، ومضامين التعليقات السيئة والاختباء وراء المسميات الوهمية والأسماء المستعارة يؤسفني أن أقول أنها أمنيات ستكون مغايرة للواقع الذي تعيشه هذه المسارات الإلكترونية من الإعلام، لأنها بكل سهولة مرتبطة بثقافة مجتمع ينتظر هنا دور الإعلام المسؤول في تنمية مداركه واهتماماته، ويخرجه من دائرته الضيقة المرتكزة على مقارعته للآخر واجترار التهم واستحضار الضغائن إلى أفق أوسع ينطلق نحو رحاب هذا الوطن وبنائه. أدرك بأن أمام الأستاذ العمراني كثير من العقبات، كثير من الهموم، كثير من المشكلات، والكثير الكثير من المعوقين والمثبطين، لأن النفسية والروح التي يتحدث بها والمنطلقات التي ينطلق بها تتصادم وتتنافى مع كثيرين من دعاة التصعيد الثوري، فهو في الوقت الذي يدعو فيه إلى الهدوء للانشغال ببناء اليمن الجديد، نجد في ذات التوقيت قنوات التصعيد الثوري وهي تبث أخبار المسيرات والمظاهرات والاحتشاد مقرونة بمقاطع راقصة على أصوات المزامير. لن ندخل في معمعة وفسطسائية الحديث عن هدف الثورة وتحقيقه حتى وإن اختلفت الوسيلة، فقد قلنا حينها ومازلنا نقول ونعلنها دعوا حكومة الوفاق تعمل، وتقدم ما تستطيع لهذا الوطن، ولا تضعوا أمام أترأسها العقبات، ولا نكن كالتي نكثت غزلها من بعد قوة انكاثاً، ولتستخدم تلك المؤسسات الإعلامية صوتها وصفحاتها في بث روح البناء والالتفات إلى اليمن وبناء اليمن. شخصياً أرى بأن معالي وزير الإعلام بتصريحاته وإجاباته التي تحدث عنها في مؤتمره الصحفي الأول كأنه بذلك يضع خطوطه العريضة ومنهجه ليكون هو محك التحدي لمرحلة اليمن القادم، وهو محك التحدي لمن نراهن عليهم تجاه بناء اليمن الجديد، من يمكن من المؤسسات الإعلامية أن يتلقى تصريحاته بمنتهى الواقعية ويتعامل معها بكل موضوعية تطبيقاً لمبادئ الدولة المدنية الحديثة ومدى احترامها للقانون والنظام، ومن سيقفز على هذه الدعوات ويضرب بها عرض الحائط مستقوياً بنفوذه القبلي لنضرب حينها كفاً بكف، ويداً بيد.