اتسعت رقعة الاحتجاجات العمالية والطلابية المطالبة بإزاحة مسؤولين متهمين بالتورط في قضايا فساد في مؤسسات مدنية وعسكرية. ولا يمر يوم إلا ويشهد انتفاضات في مؤسسات حكومية جديدة. وشجعت الثورة السلمية ضد نظام صالح في كسر حاجز الخوف لدى العمال والموظفين المقهورين للقيام بانتفاضات داخل مؤسساتهم لاقتلاع مسؤولين يصفونهم بالفاسدين.
مواجهة قمعية واختلفت درجة الاستجابة لمطالب الاحتجاجات المتزايدة، فبينما تم إقالة قيادات حكومية، استعان آخرون ب«بلاطجة» لقمع تلك الانتفاضات. وقتل موظف حكومي يدعى «ماهر بن حطبين» أمس الاثنين أثناء مشاركته وزملائه من موظفي الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وقفة احتجاجية تطالب بإقالة مدير الجهاز بفرع عدنإبراهيم علي هيثم. وقال شهود ان مدير الجهاز استقدم عدداً من المسلحين لمرافقته إلى مكتبه بعد منع الموظفين إياه من الدخول إلى مبنى المركز، وحدثت مشادات كلامية بين الموظفين والمسلحين تطورت إلى إطلاق نار، راح ضحيتها أحد الموظفين. ووردت في وقت لاحق أنباء غير مؤكدة عن إقالة هثيم من منصبة. وهذه ثاني حادثة دامية تحدث أثناء الاحتجاجات ضد مسؤولي بعض المؤسسات، حيث قتل جندي وأصيب ثلاثة قبل أيام برصاص مرافقي مدير أمن محافظة صنعاء أثناء احتجاجات تطالب بإقالته. وشهدت مدينة عدن أمس الاثنين احتجاجات في كل من مبنى قناة عدن ومكتب البريد وصحيفة 14 أكتوبر، تطالب بإقالة مدراء هذه المؤسسات. وجوبهت فعالية احتجاجية في صنعاء بعملية قمع عبر «بلاطجة»، أثناء اعتصام نفذه مئات من موظفي صندوقي الرعاية الاجتماعية وتأهيل المعاقين أمام مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية يوم السبت الماضي. وقال شاهد إن عشرات المسلحين أطلقوا النار في الهواء كما رشقوا المحتجين بالحجارة ما أدى إلى إصابة عدد منهم. وكان عدد من المعاقين والمكفوفين يشاركون في الاعتصام، وأصيب بعضهم جراء الهجوم. وقال أحد المحتجين إن «البلاطجة» اتهموهم بالانتماء للمعارضة وهددوهم إن هم عادوا للاعتصام مرة أخرى. واحتج موظفو شركة النفط في محافظة إب للمطالبة بإقالة وكيل المحافظة الشيخ عقيل فاضل بعد اتهام نجله ومرافقيه بإطلاق النار على موظفين بالشركة، متهمين فاضل في الوقت ذاته باستغلال نفوذه ضد الموظفين ونهب كميات النفط المخصصة للمحافظة. وتشهد مؤسسات حكومية بمحافظة إب احتجاجات ضد بعض المسئولين، طالت عدد من مؤسسات ومرافق الدولة في عاصمة المحافظة وامتدت إلى عدد من مديرياتها بينها مديرية ذي السفال والقاعدة والعدين والنادرة وجبلة. وتوزعت الاحتجاجات في مؤسسة الكهرباء والمياه وبعض المستشفيات واحتجاج المعلمين من الموظفين الجدد والمعلمين في بعض المراكز التعليمية في المديريات وجامعة إب والمعهد الصحي وغيرها من المؤسسات الخدمية والتعليمية. وتظاهر عشرات الآلاف من المحتجين أمس الاثنين في شوارع إب دعماً ل«ثورة المؤسسات»، ورفضاً لمنح صالح ومعاونيه حصانة. ونفذ جنود الأمن العام في مدينة ذمار يوم الأحد وقفة احتجاجية أمام مبنى إدارة الأمن للمطالبة بمستحقاتهم التي قالوا إنها نهبت من قبل قيادة الأمن بالمحافظة، مطالبين وزارة الداخلية بالنظر في قضية مستحقاتهم «المنهوبة».
سقطرى تطلب كسر عزلتها واحتشد عشرات المواطنين أمام مكتب شركة طيران اليمنية في جزيرة سقطرى للمطالبة بعودة رحلات الطيران المنقطعة منذ عام كامل. وطالب المحتجون وزير النقل واعد باذيب بسرعة الاستجابة لمطالبهم، وأمهلوا الجهات ذات العلاقة حتى يوم الأربعاء، مهددين بتصعيد احتجاجاتهم حتى يتم الاستجابة وإعادة رحلات اليمنية إلى الجزيرة الواقعة على المحيط الهندي. ورفع أحد المتظاهرين لافتة كتب عليها «سقطرى يمنية.. ونطالب بإعادة رحلات اليمنية». وتتمثل رحلات الطيران الوسيلة الوحيدة للتنقل من وإلى سقطرى، خاصة مع مشاق السفر عبر البحر وتزايد مخاطره بسبب مشاكل القرصنة البحرية والسفن الحربية التي تجوب تلك المنطقة لملاحقة القراصنة الصوماليين. كما اعتصم أطباء وممرضو مستشفى حديبوه العام بسقطرى، استمراراً للاعتصام الذي بدءوه مساء الخميس داخل مبنى المستشفى مطالبين بإقالة مدير مكتب الصحة في الجزيرة سعد احمد القدومي الذي تولى المنصب منذ عشر سنوات. وتطور الاعتصام الذي بدأت مطالبه بحقوق ومستحقات لعمال المكتب المشاركين في المخيم الجراحي متهمين الإدارة باختلاس أموالهم، وقام المحتجون بإغلاق مكتب القدومي وسحب الختم. وأكد المحتجون بأنهم لن يفضوا اعتصامهم حتى يتم تغيير المدير الذي وصفوه ب«الفاسد». ولم يتسنى حتى الآن الحصول على رد من القدومي بشأن تلك الاتهامات.
وفي جامعة صنعاء أصبحت المسيرات أمراً مألوفاً، بل أشبه بحصة إضافية يشارك فيها مئات الطلاب رافعين شعارات تطالب بإقالة رئيس الجامعة الدكتور خالد طميم واعتماد المعايير الأكاديمية والانتخاب المباشر من أعضاء هيئة التدريس لاختيار عمداء الكليات. ويردد المتظاهرون الطلاب شعارات منها: «من حقي أهتف واسأل.. ليش حق الطالب مهمل.. لا قاعات ولا معمل .. يلا ارحل يا طميم»، «في الحاسوب ما فيش حاسوب.. وطالب العلوم منكوب.. معمل من دون ميكرسكوب»، «ليش ساكت يا شعيبي.. ليتك ليتك تدرا بي.. يد طميم داخل جيبي». وفي فعالية أخرى، تظاهر حراس وسائقون يعملون في شركة كنديان نكسن أمام مبنى وزارة النفط بصنعاء للمطالبة بحقوق مالية قالوا إن الشركة حرمتهم منها. وقال علي العماري أحد العاملين في الشركة إن الكثير من العاملين يشتغلون في الشركة منذ ما قبل عام 1996م، بدون عقود عمل أو تأمين اجتماعي وصحي وبدون حوافز مالية أو إجازات سواء كانت رسمية أو دينية. وهتف الموظفون بشعارات تطالب حكومة الوفاق النظر في مطالبهم والاستجابة لها، منها: «يا حكومة الوفاق.. ظلمنا لا يطاق»، مناشدين وزير النفط الأخذ بمطالبهم وحلها على وجه السرعة. وكانت شركة كنديان نكسن النفطية قد توقفت عن إدارة حقل المسيلة النفطي قبل نحو أسبوعين. ويبلغ إنتاجه 70,000 برميل يومياً، وأنشأت الحكومة شركة «بترومسيلة» لإدارة الحقل. ويواصل موظفو المركز الوطني للمعلومات التابع لرئاسة الجمهورية اعتصامهم للمطالبة بإقالة المسؤولين عن المركز المتهمين بالتورط في قضايا فساد وتجميد أعمال المركز الحيوي. وقال بيان صادر عن الموظفين إن قيادة المركز فشلت بسبب الفساد في إنجاز المهمة الرئيسية للمركز، مشيراً إلى أنه تم إنفاق أكثر من مليار ريال لمشروع الشبكة الوطنية للمعلومات الذي بدأ العمل به قبل عشر سنوات على أساس افتتاح المشروع مطلع العام 2011، ولم يتم إنجاز سوى 7% من المشروع. وأضاف ان معظم الموظفين حرموا من حقوق لهم، كما هجرت بعض الكفاءات العمل جراء الإهمال، بينما كانت قيادة المركز تقوم بصرف مبالغ مهولة لأشخاص غير معروفين أو موظفين في المركز بصفة «مستشارين»، بينما يتعرض الموظفون لخصميات في حقوقهم. كما يواصل منتسبو دائرة التوجيه المعنوي التابعة لوزارة الدفاع اعتصامهم للمطالبة بإقالة مدير الدائرة العميد علي حسن الشاطر الذي يتولى المنصب منذ نحو 35 عاماً. ونجحت الاحتجاجات في إيقافه عن العمل لكن الموظفين يريدون تغييره بقرار جمهوري.
طلاب مدارس وتتظاهر طالبات مدرسة سنان في صنعاء أمام وزارة التربية والتعليم منذ أيام للمطالبة بإقالة مديرة المدرسة. وهتفت الفتيات بشعارات «سنان تريد إسقاط المديرة»، و«يا جميلة الأحلسي.. والله ما تجلسي». واعتصم المئات من طلاب مجمع السعيد التربوي أمام المجمع الحكومي في محافظة ذمار بعد اعتصامهم أمام مكتب التربية للمطالبة بإقالة مدير المجمع محمد ضيفالله الهروجي. وقال طلاب إن مدير المجمع حاول إرغام المدرسين والطلاب على الإضراب الشامل الذي دعت إليه نقابه المهن التربوية التابعة ل«حزب المؤتمر»، وهو ما قوبل برفض من قبل الطلاب والمدرسين. ويشغل الهروجي مدير نقابة المهن التربوية. ونفذت طالبات مدرسة «نعمة رسام» في تعز اعتصاما أمس الاثنين لليوم الثاني أمام مكتب التربية احتجاجا على منع الطالبات من دخول المدرسة من قبل المديرة التي يطالبن بتغييرها.
وتظاهر مئات من طلاب جامعة الحديدة للمطالبة بإقالة نائبي رئيس الجامعة وعمداء الكليات ونوابهم وعدد من الموظفين ممن اتهموهم بالفساد داخل الجامعة. وقال المحتجون الذي احتشدوا الأحد الماضي في ساحة الجامعة أن التظاهرات التي يطالبون من خلالها بإقالة قيادات في جامعة الحديدة تأتي في إطار «ثورة المؤسسات» التي تشهدها المحافظات، للمطالبة بإقالة عدد من المسؤولين بتهم الفساد. ونظم موظفو مكتب الثقافة والفنانون والمبدعون في الحديدة اعتصاماً مفتوحاً يوم الأحد في ساحة المركز الثقافي، مطالبين وزير الثقافة بتغيير مدير عام مكتب الثقافة بالحديدة أحمد عزي صغير، متهمينه «بالتلاعب بالمال العام وعدم احترام العاملين وإخلاله بالعمل الفني والثقافي بالمحافظة». من جانب آخر رفض رئيس المجلس المحلي بالمحافظة حسن أحمد هيج قرار وزير الكهرباء بتعيين مجيب الشعبي مديراً لكهرباء الحديدة، مطالباً أن يكون من أبناء المحافظة. وقال موظفون في الكهرباء احتجوا على رفض رئيس المجلس المحلي، إن مدير عام المؤسسة السابق محمد النهاري رفض تسليم إدارة المؤسسة للشعبي، ما دفع الموظفين للاحتجاج تحت شعار «لا للمناطقية». وكان عمال وموظفو شركة الكهرباء بالحديدة قد اعتصموا داخل مبنى الكهرباء في وقت سابق ورفضوا دخول المدير السابق ونوابه ومدير الشئون الإدارية لاتهامهم بالتلاعب بمستحقات الموظفين والعمال. واستجابت حينها وزارة الكهرباء لمطالب العمال والموظفين وأصدرت قرار بتعيين مدير جديد وإرسال لجنة برئاسة وكيل الوزارة فواز العصيمي لإجراء دور تسليم، إلا ان المجلس المحلي عارض القرار ومنع المدير السابق من التوقيع على دور التسليم معللا بان محافظة الحديدة مليئة بالكوادر ولابد أن يكون المعين من أبناء الحديدة.
