يذهب نظام ويعقبه آخر، وتظل الثقافة كما هي موجودة تغذي كل نظام يحكم ويدير شئون المواطنين، اليمن أكثر دولة عربية شهدت ثورات ضد الفساد والظلم والاستبداد وغياب القانون، وتظل أكثر دولة تعاني من الفساد والظلم وغياب القانون، تنتهي الثورة ويبقى ما كان سبب حدوثها واندلاعها، منذ ثلاثينيات القرن الماضي والأنظمة الحاكمة في اليمن تواجه سخط الشعب ورفضه للفساد والتعسف والاستبداد، تمرد بداية حكم الإمام يحيى قُبل بالقمع، ثم ثورة 48، وثورة 55، وثورة 62 والانقلاب على السلال ثم الارياني ثم مقتل الحمدي والغشمي حتى وصلت الكرة الى ملعب صالح وكل تلك الأحداث -باستثناء فترة الحمدي- لها أسبابها تصب في قالب إخراج اليمن من وحل الفساد وشراك الأزمات، ولكن دون نتيجة حقيقية تذكر يلمسها المواطنون غير تغير أسماء الحكام دون تغيير سلوك الحكم، عدا فترة حكم الحمدي التي شهدت بداية تغيير فعلي حرك اليمن الى الأمام خطوات ثم توقفت من بعده.. تسلم صالح السلطة وطال حكمه وتحكمه، كبل اليمن بقيود التخلف والفقر والمرض، وبرغم التغييرات التي طرأت على المنطقة بعد اكتشاف البترول وما رافق هذا الاكتشاف من نهضة اقتصادية ومعرفيه إلا أن اليمن أخذت سمة الجمود والتقوقع، أضحت الأقطار تتقدم واليمن تعود الى الوراء، وشاء الله أن يجعل من ثورات الربيع العربي بارقة أمل تتنفس اليمن الصعداء بثورة تغيير نظام صالح.. بعد شهور من اندلاع الثورة رحل صالح الفرد، وبقي صالح النظام، والثقافة والسلوك، والتخلف، ثقافة رفض الآخر والتعصب، ثقافة تغليب النفوذ على القانون بقيت أدواته التي حكم بها اليمن ثلاثون سنة ونيف، أدوات لا تقل خطراً بإعادة إنتاج نظاما آخر ينحو نحوه، ويسلك دربه، حتى وأن اخلص وصدق بعض القادة إلا أن الأرض المحروثة بتلك الأدوات، المزروعة ببذر لا ينبت إلا رفض التغيير الجوهري الايجابي تمنعهم وتعيقهم من المضي في طريق بناء الدولة المنشودة، دولة اليمن الجديد.. نحن أمام مرحلة تطلب التغيير في الفكر والوعي الى الأفضل، ونشر ثقافة البناء لا الهدم، ثقافة تأصيل أصالة الإنسان اليمني التي غيبت كثيرا عن الواقع، وتجاهلها الإعلام ورسم صورة مغايرة تماما في أذهان الآخرين، ، ثقافة نبذ الغلو والتطرف، فالإيمان يمان دون غلو، ورفض العصبيات القبلية، والمناطقية والمذهبية ثقافة صقل الصداء عن الجوهرة (اليمن) حتى يعود بريقها يضئ الآفاق، ويصدح ذكرها الحسن أرجاء الكون، ، ثقافة تعيد الاعتبار للقبيلة اليمنية الأصيلة بدحض سلوكيات ليست من القبيلة بشيء، فالاختطافات والتقطعات وأعمال التخريب والإضرار بمصالح الناس ليست من أخلاق القبيلة. ينبغي أن نقف جميعا على صعيد واحد من اجل اليمن، نعمل بيد واحدة وبقلب واحد، يد تصلح ما أفسده الفاسدون، وقلب يخفق بأمل المستقبل المشرق، بطموح التجديد النابع من النفس، بدافع التخلص من الإرث سلبي و السلوك الغير حضاري، من أجل بناء وطن اسمه اليمن الجديد، يتسع للجميع خال من الفساد والأنانية وحب الذات.. دعوة الى ثورة وعي وفكر، فبوعي الشعوب تبنى الحضارات..