خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    رئاسة الحكومة من بحاح إلى بن مبارك    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    صحيفة: أزمة الخدمات تعجّل نهاية التعايش بين حكومة بن مبارك والانتقالي    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الطيران الأمريكي يجدد قصف ميناء نفطي غرب اليمن    مسلحون يحاصرون مستشفى بصنعاء والشرطة تنشر دورياتها في محيط المستشفى ومداخله    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    هزتان ارضيتان تضربان محافظة ذمار    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باباوات الثورة .. وصكوك الغفران!
نشر في المصدر يوم 30 - 01 - 2012

[ يستحيل تحقيق النصر بدون معرفة الهجوم الصحيح والتراجع الصحيح]
الزعيم الشيوعي/ لينين
(1)
أتفهم أن البعض قد يستاءون من الإشارات التي وردت في الحلقات السابقة عن المظاهر والممارسات السلبية لبعض المنخرطين في مسيرة الثورة؛ التي وصلت إلى حد تزوير وقائع، والترويج لحكايات مفبركة تسيء لقوى أساسية في الثورة الشعبية؛ ويجدون فيها ثلمات في الصورة العامة للثورة الشعبية.. لكن من المهم أن نفهم أن الذين في الساحات ليسوا ملائكة، ولا على مستوى واحد من الإدراك لمقتضيات الوقت وواجباته. وإذا استثنينا مجموعات المخبرين والمؤتمريين المندسين في الساحات منذ اللحظة الأولى؛ فإن الساحات لا تخلو بطبيعة البشر من ممارسات سلبية، وأفراد لم يرتقوا إلى مستوى الهدف العظيم الذي خرج من أجله الناس. ومن هؤلاء من يتصدر المنابر الإعلامية حتى يتوهم الناس أنه هو الأصل والفصل!
كل ذلك متوقع كما قلنا نظرا للطبيعة البشرية؛ فحتى حدث تاريخي عظيم في تاريخ الإسلام مثل الهجرة النبوية لم يعدم (أناسا) هاجروا من أجل هدف ليس له علاقة بالهدف الحقيقي للهجرة؛ ومن أجل ذلك كان الحديث النبوي الصحيح على صاحبه أفضل الصلوات والتسليم: {إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه}.. وفيما يتعلق بالساحات؛ فإن من بين المهاجرين إليها؛ الذين لا نجردهم من الإيمان بالهدف الحقيقي للثورة كما يصنعون معنا؛ من راح يتصرف وكأنه (قاضٍ) في محكمة نظام شمولي؛ أو زعيم ضرورة معتق يخشى من خسران منصبه؛ أكثر من أن يكون ثائرا متواضعا شفيقا على ثورته من الانهزام والتضعضع من الداخل، وغير قادر على التعاطي مع جميع الأطياف المشاركة في الثورة. ولا يعني ذلك أن يكف الناس عن انتقاد السلبيات والأخطاء.. لكن هناك فرق بين من يتوخى بنقده التقويم والكمال، وبين من يتماهى في خطابه مع خطاب النظام القذر دون وعي تحت مبرر الشفقة على الثورة وإنقاذها من الفشل أو الاختطاف، وواضعا من نفسه شوكة الميزان التي تفرق بين الحق والباطل.. وبين الثوار الصادقين والمندسين لسرقتها واختطافها!

(2)
بالمختصر المفيد؛ لا نظن أن هؤلاء الذين يثيرون الدنيا ويفتعلون المشاكل يوميا يصنعون ذلك احتجاجا على الأخطاء؛ بقدر ما نجد أن أصل مشكلتهم هي الوجود الكبير لكوادر أحزاب اللقاء المشترك وخاصة الإصلاحيون؛ ليس فقط لأنهم تعودوا على العمل منفردين ولحساب مؤسساتهم الخاصة فلما اكتملت الصورة العامة للثورة وجدوا أنفسهم تحت كمية أقل من الأضواء، والأقل تأثيرا في مسار الأحداث.. ولكن أيضا لأن جزءا منهم –للأسف الشديد- ما يزال يعيش أجواء الصراع السياسي والفكري القديم الذي حدث بين الإسلاميين وعدد من تيارات اليسار، وبعضهم مرتهن لأوهام مذهبية يخيفها وجود من هو أقوى منها في الساحات، وهي الحالة التي تمكنت أطرافها الرئيسية من تجاوزها منذ أكثر من عشر سنوات؛ بل وتوحدت في إطار سياسي فعال لتدارك أخطاء الاجتهادات الماضية.. لكن ظل هناك أناس هنا وهناك متمترسين وراء الخنادق القديمة (رغم أن اللفة خلصت) ويشنون من داخلها معارك فاشلة.. ويا ليتهم فقط آثروا إعادة ترتيب أولوياتهم وفقا لمقتضيات واجب الوقت، وقاوموا الاستسلام لثأرات بني عبس وذيبان وتأجيلها لمستقبل قريب بإذن الله سوف يكتشفون فيه أن هناك من هو أكثر استعدادا منهم لفتح كل الملفات القديمة إن اقتضى الأمر ذلك!
هذه الحالة يمكن أن نضعها تحت عناوين مثل: الغرور الثوري.. والخوف من فقدان لقب: مفجر الثورة أو صانعها الأول.. والإرهاب الفكري الثوري.. وادعاء الوصاية الثورية (رغم أنهم للمفارقة يصرخون مما يسمونه إرهابا وفرض الوصاية على الثورة والثوار).. وهذه الحالة ليست خاصة باليمن؛ ففي كل ثورة، وحركة تغيير، وانقلاب عسكري يتمايز الناس في مواقفهم بين الشدة والمرونة، والتعقل والجنون، ويظهر المزايدون والجامحون في رؤاهم وأطروحاتهم.. لكن كل ذي صاحب صوت مرتفع أو صاحب رأي متصلب ليس على الحق دائما.. وكثير من حركات التغيير النبيلة جاءها الخلل من أمثال هؤلاء أصحاب الصوت العالي والانفعالات الحماسية فائقة العيار!
ميزة ما يحدث في ساحات الثورة اليمنية؛ أن لا أحد يمنع أحدا من الكلام، أو الدعوة إلى الزحف أو الزحف إن أراد.. حتى الذين يشكون من التهميش والتمييز وتغول طرف واحد؛ حتى هؤلاء لا ينكرون وجود التعدد الفكري والسياسي والمذهبي والفني في الساحات، ويعقدون مؤتمراتهم في خيام أقامها المتهمون بالإقصاء؛ وإن كانوا بعد ذلك يجهدون لإثبات أن هناك من يعملون لفرض لون واحد، وفكر واحد، وطقوس موحدة(!) ورؤية واحدة للمستقبل... إلخ الهذيان الثوري!
ولاحظوا كيف أن الذين يشكون من فرض الرؤية الواحدة هم الذين ينددون بمن لا يوافق على رؤاهم ويستجيب لهم، ويتهمونهم بإفشال الثورة بعدم الموافقة على الزحف الثوري واقتلاع النظام من جذوره! وهم -أيضا- الذين يشكون من رواج تهم الخيانة والعمالة للأمن القومي ثم هم الذين (يخونون) من يوافق على المبادرة الخليجية أو قانون الحصانة، ويتهمونهم بالعمالة والاشتراك في جرائم النظام ضد الثورة والثوار!
أين –إذن- الدعوة إلى التنوع والتعدد.. ورفض النهج الواحد.. والرؤية الواحدة.. والطريقة الواحدة للوصول إلى المستقبل؟ أليس من حق كل واحد أن يرفض المبادرة والحصانة كما يحق لكل واحد أن يقبلهما؟.. ولا يزيد الرفض من ثورية ثوري أو ثائرة، ولا ينقص القبول من مصداقية ثوري أو ثائرة؛ طالما أن لكل طرف حيثيات مقتنع بها!
إذا لم يستطع بعض (الثوار) أن يقبلوا مبدأ جواز الاختلاف تجاه المبادرة وقانون الحصانة.. فما الذي يستطيعون أن يقبلوه في المستقبل؟ ثم ألا يوجد في صفوف الموافقين من هم أكثر ثورية وانشغالا بالنضال السلمي ضد النظام منذ سنوات طويلة من بعض هؤلاء الذين يتصدرون جبهة الرفض والتخوين في وسائل الإعلام؟
في إحدى مقالاته؛ استنكر د. محمد المتوكل –شفاه الله- موقف أحد شباب لجنة النظام الذي استوقفه وهو داخل إلى الساحة طالبا منه السماح له بتفتيش حقيبته؛ وعندما سأله عن السبب أجابه: خوفا من تسرب منشورات للنظام إلى داخل الساحة. الشاهد هنا هو فتوى الدكتور التي أفحم بها الشاب بأن من حق المؤتمريين أن يدخلوا الساحة ويوزعوا منشوراتهم ويعلنوا آراءهم؛ لأن هذه ساحة ثورة!
قارنوا هذا الموقف بالضجة التي يثيرها متمذهبون ودعاة دولة مدنية من وجود طلاب في جامعة الإيمان في الساحة أو ذوي قناعات سلفية، ومن فعالياتهم الفكرية والسياسية وحتى من شعاراتهم المطالبة بالدولة الإسلامية المدنية أو الخلافة الإسلامية!
بمعنى آخر: من حق النظام الذي قامت الثورة لاقتلاعه أن يوزع منشورات في الساحة ضد الثورة والثوار وأهدافهم في إسقاط النظام وبناء الدولة اليمنية الحديثة.. ومن حق من يريد أن يتحدث عن العلمانية وفصل الدين عن الدولة، وأن يروج لتهم الخيانة والعمالة لرفاقه في الساحة.. لكن ليس من حق أحد أن يرفع لافتات لا تتفق مع مذهب معين أو فكر سياسي محدد!
(3)
هذه النفسية العوجاء هي التي تدفع بالبعض إلى الكذب (للأسف الشديد)، واختراع حوادث لم تقع، وإثارة مسائل يظن من لا يعرف واقع الساحات أنها من ثوابتها ومفروضة على الجميع بالقوة والإرهاب، ويجعله يكفر بالثورة ويترضى على عهد صالح!
أحدهم –مثلا- زعم أن الإصلاحيين حطموا منصته.. ويعلم الله أني كنت أمر بجوارها –وهي تقع بجوار بوابة جمعية الإصلاح مباشرة- وميكروفوناتها تصدح بالأغاني الوطنية دون أن يحدث لها شيء.. فلما لم تحقق ما يراد منها؛ نقلت في يوم ما إلى جولة القادسية ثم جرفتها مصفحات الأمن المركزي أثناء الصدام الشهير الذي حدث صباح السبت السابق لجمعة الكرامة.. وطوال الليل وحتى الفجر كان شباب الإصلاح يشاركون زملاءهم مصطفين –كما رأيتهم بعيني- صفوفا يتحدون جنود الأمن الذين أرادوا العودة إلى الجولة وإزالة ما استحدث فيها ومنه المنصة، وهاهو ذا ينسى ما فعله الأمن المركزي بمنصته ويركز كل نضاله ضد الإصلاحيين.. وفي أيام لاحقة سمح لمجموعة مذهبية وحلفائها من أنصار الدولة المدنية العلمانية أن يتمددوا بخيامهم من جولة عشرين حتى الجامعة القديمة، ونصبوا المنصة إياها دون أي تأثير يذكر، وظلوا هناك حتى انسحبوا فجأة في إحدى ليالي رمضان.. وكانت المفاجأة أنها الليلة التي اتضح فيما بعد أن قوات الحرس والأمن قد قررتها ساعة صفر لاقتحام الساحة بكل قوتها؛ لولا إلغاء الهجوم بعد سقوط طرابلس في أيدي ثوار ليبيا، وهروب القذافي وأعوانه!
شخص آخر، كان إلى ما قبل الثورة مستشارا عسكريا في إحدى أشهر مؤسسات الفساد بعد أن ترك مربعه الثوري السابق، ثم انضم للثورة ولم يقل له أحد (إزيك يا شاطر؟) بل سعد به كما سعد بالآخرين.. لكن الرجل نسي التواضع وأيام الفتور الثوري، وراح يتهجم على (الإخوان وإخوان الإخوان وعيال عم الإخوان) الذين لا يريدون إلا لونا واحدا، وخطابا واحدا، ومنصة واحدة! وما يثير السخرية أن الرجل مقتنع أن (الإخوان) لا يريدون له أن يسمع أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وأيوب طارش والآنسي وكأن هؤلاء من ثوابت الثورة.. ويفرضون عليه أن يسمع طبلتهم المؤذية للسامعين وأصوات بومهم (انظروا الأدب الثوري والأخلاق الرفيعة!). ولولا أنني رأيت الكاتب بعيني في الساحة لظننت أنه ثائر من منازلهم.. فهذه ميكروفونات المنصة الملعونة تبث الأغاني الثورية بالموسيقى معظم الساعات (باستثناء أوقات الصلاة التي تقام بدون أغاني حليم وثومة.. وكذلك لأنه لم يكن ممكنا بث القرآن بالموسيقى)، وقناة سهيل تبث الأغاني بالموسيقى ليلا ونهارا.. ومع ذلك فالرجل لم يفهم! وحتى لو كان يقصد (السلفيين) بكلامه رغم أنه لم يستخدم إلا لفظ (الإخوان) فالسلفيون الموجودون في الساحة لم يحدث منهم شيء من تلك الفظائع التي حاول أن يوهم القراء أنها موجودة!
وكله كوم.. وغضبه من منع الإخوان الأطفال من تعلم الفن التشكيلي كوم.. فأنا شخصيا مقتنع بأن الفن التشكيلي الموجود في اليمن هو أفضل وأرقى الفنون الممارسة وبألف مرحلة عن الفنون الأخرى.. لكني مع ذلك لا أفهم كيف يمكن تعليم (الفن التشكيلي) للأطفال؟ ثم إن هناك أسماء تاريخية مثل (خروتشوف) الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي (سابقا) كان يسخر من الفن التشكيلي، وأظنه هو الذي وصفه بأنه عبارة عن شخبطات بريشة مربوطة بذيل حمار! والرفيق ستالين نفسه هو الذي وجه بطباعة نسختين اثنتين فقط من ديوان شعر عاطفي توزع على الشاعر وحبيبته فقط.. ولا داع لإشغال الدولة والمجتمع والحزب بمشاعر خاصة.. ومع ذلك كان الرجلان قمة التقدمية والحداثة!
ما الداعي لكل هذه الكتابات؟ ثم أليس من حق أي إنسان أن يرفض الموسيقى والفن التشكيلي طالما أنه لا يفرض رأيه على الآخرين (لو قرأ الكاتب تاريخ زعماء النازية والفاشية سوف يكتشف أن هتلر ومساعديه كانوا مغرمين بالموسيقى والفلسفة إلى حد الجنون)؟
(4)
نعود إلى الأخوة الذين يوجهون تهم الخيانة والعمالة للذين وافقوا على المبادرة الخليجية وقانون الحصانة؛ فأولا فإن الذين وافقوا لم يقولوا إن موقفهم هو الموقف الوطني وغيرهم خونة؛ بل قالوا إنه أهون الشرين والأقل كلفة في تحقيق أهداف الثورة، وعبر الأخ محمد الحزمي عن الموقف من قانون الحصانة بأسلوب محدد( صالح مفسدة كبرى والحصانة مفسدة صغرى)، ومع ذلك دعا أحدهم مهددا المختلفين معه إلى وضع قائمة سوداء للموافقين وكأنه بوش يؤلف قوائم دول الشر والإرهاب والإرهابيين.. ونخع آخر؛ لم يمارس عملا سياسيا ضد النظام إلا بعد أن قرح العرق المذهبي والسلالي في جسمه منذ انفجار حرب صعدة؛ تصريحا يلمز الذين كانوا زمان يرون في صالح مصلحة كبرى ويرشحونه للرئاسة قبل المؤتمر نفسه.. وهو ضرب لنا مثلا ونسي (الصنو) الذي بنى جماعته الرِسالية بأموال صالح وتغذية المؤسسة الاقتصادية العسكرية، ونسي قياداته العلمائية أو العلماء الحقيقيين كما يسمونهم الذين جلسوا خلف الرئيس في مهرجانه الانتخابي في السبعين مبايعين له.. ونسي عبارات المديح والولاء والطاعة لولي الأمر التي كالها الطيبون الطاهرون المكرمون المطهرون للرئيس عندما التقى بهم في حرب صعدة الأولى، وانكشف يومها أنه هو الذي دعم الشباب المؤمن والذين جاءوا بعدهم (زيادة: المكرمون الطاهرون على الطيبين الطاهرين سمعتها من الشيخ/ محمد المؤيد في الثمانينات في مكتبه عندما كان مجتمعا بمجموعة من وعاظ الأزهر، وكان أحدهم يطمئنه أنهم منتبهون لأهمية مراعاة التقاليد المذهبية للبيئة المحلية، وخاصة عدم نسيان إضافة: الطيبين الطاهرين عند الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.. ويبدو أن المؤيد أراد تخفيف توترهم فقال: قولوا: الطيبين الطاهرين المكرمين المطهرين.. يصفوا منهم خمسة عشر نفر!).
المفارقة أن بعض الذين يتهمون الموافقين على قانون الحصانة بالخيانة هم أنفسهم الذين يمجدون المصالحة والتسامح بين قوى الحراك الجنوبي التي أغلقت ملفات الدماء خلال جولات الصراع الدموي السابقة في الجنوب، ويتهمون الرافضين لها بالعمالة للنظام والحقد على الجنوب.. ومنهم من ظل بعد حرب 1994يدعو إلى إغلاق ملفات الحرب والمصالحة رغم الدماء التي سالت. وبعض الذين يرفضون الحصانة من مربعهم المذهبي ينسون أن إخوانهم الحوثيين عقدوا أكثر من هدنة مع النظام؛ منها اثنتان برعاية خارجية؛ ولم يطالبوا أبدا بالقصاص أو بتقديم خصومهم إلى محكمة العدل الدولية. وهذا الإمام علي بن أبي طالب لما طالبه بعض الصحابة بالاقتصاص من قتلة عثمان الموجودين ضمن جيشه؛ اعتذر بأنه غير قادر على ذلك (فالقوم يملكوننا ولا نملكهم)، فقد كانت لهم شوكة أقوى من شوكة الخليفة نفسه، وكان الموقف وقتها صحيحا شرعا وعقلا.. وكذلك لم يطالب الحسن بن علي بديات قتلى أنصار أبيه وأنصاره ضمن شروط الصلح مع معاوية. وحتى معاوية عندما صار خليفة وجاءته إحدى بنات عثمان تطالبه بالقصاص من قتلة أبيها؛ ردها بأن الناس قد دخلوا في صلح ولم يعد ممكنا تحقيق طلبها.
هؤلاء المتشنجون يتعنترون وكأن صالح وأركان حكمه المتهمين بارتكاب جرائم قتل الثوار محجوزون في قبضة الثوار ولا يمنع محاكمتهم إلا اللقاء المشترك والمجلس الوطني، أو كأنهم قادرون في لحظة على اعتقالهم ومحاكمتهم.. وهذه العنترة الكاذبة تشبه صراخهم بأن الإصلاح واللقاء المشترك هم الذين يقفون حجرة عثرة ويرفضون الزحف على مؤسسات الدولة وإسقاطها ومن ثم أجهضوا الثورة، وأضاعوا أكثر من فرصة للزحف وتحقيق النصر النهائي! وأسوأهم ألقى باللائمة حصريا على الإصلاح فهو الذي رفض الزحف رغم إصرار الجميع بما فيهم الاشتراكيون والناصريون.. لكنه لم يفسر لماذا تقاعس الآخرون عن تحقيق النصر وهو بمتناول أيديهم وهم الأغلبية.. ولماذا لم يزحف هو وأتباعه ويحققوا النصر النهائي؟
(5)
من ضمن مسلسل البلبلة الثورية إثارة الدنيا ضد الأحزاب لأنها تحفظت على مسيرتي الحياة والكرامة بل ويتهمونها بالعمل ضدها.. والمسيرتان لم ينزل بهما أمر من الله حتى يصير التحفظ تجاههما جريمة.. لكن لماذا سكت أصحاب مشاريع المسيرات تجاه الرفض العلني والاتهامات القبيحة التي كيلت لمسيرة الوحدة اليمنية التي كان مقررا أن تتحرك من تعز إلى عدن؟ لماذا لم نسمع تعاطفا معها ممن جعلوا من المسيرتين السابقتين فرقانا ثوريا يميز بين الحق والباطل؟.
فكروا في هذه الشعوذة الثورية وأنتم ستعرفون لماذا يهدد البعض بإفشال الانتخابات الرئاسية التي تنهي رسميا حكم صالح، وتحقق أول هدف للثورة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.