إن الشعوب الحرة والحية والتواقة إلى العمل الدؤوب لا يهدأ لها بال بتفاعلها في الكشف والبحث في سبل الإنتاج، وذلك من أجل صنع حياتها بما ينسجم ويتلاءم مع طموحاتها ومنطلقاتها المعهودة. ولنا في بعض شعوب العالم ودولها مثال على ذلك كالدول المصنعة: أمريكا وأوروبا واليابان، والصين، وبلدان شرق آسيا، ما يعني أن هذه البلدان بالذات قد حمّلت نفسها من البداية عناء البذل والاجتهاد في سبيل الدراسات والتنقيبات نصب عينيها للوصول إلى غايتها وأهدافها المنشودة في التقدم والازدهار وتماشياً مع مخططاتها وبرامجها المعدة سلفاً من قبل حكومات هذه الشعوب. لذا لا غرابة في شيء من الأمر طالما والإحساس والشعور قائم بقيمة وأهمية الحياة في نفوس هذه المجتمعات، وما آلت إليه من تطور تكنولوجي وعلمي في شتى مناحي ومتطلبات العصر، الأمر الذي جعلها من خلال مشوارها الطويل من التحكم في السيطرة على مثالب الحياة في أسواق العالم ومنتجاتها المختلفة وتعدد موادها وأشكال وأنواع سلعها في الإنتاج والمرتكز في الأساس على الخلق والإبداع ومن اكتشافات أخرى وغيرها من المعجزات المذهلة الذي نحن بدورنا قد نعزوه فيما تقدم، وفي المقام الأول إلى طبيعة تلك الأنظمة السياسية التي حظيت بها تلك الشعوب سالفة الذكر، فهي أنظمة قائمة على الديمقراطية في التعددية الحزبية والحكم المدني وحرية الفرد والرأي والرأي الآخر وحرية الفكر والعقيدة، وجميعها مصاغة ومدونة في دساتيرهم وتشريعاتهم وقوانينهم والمطبقة عملياً في واقعهم المعاش، مما سهل على الفرد والمجتمع أن ينطلق بثقة راسخة وبإيمان وبمصداقية نحو بناء أنفسهم دون توقف أو تعثرات قد تحد من سيرهم. وما نريد أن نصل إليه أن نلتفت إلى ذواتنا باهتمام بالغ، كي نعيد حساباتنا من جديد بمراجعة أوراقنا ودراسة أوضاعنا وماذا نريد ونطمح إليه مستقبلاً، ليمكننا وضع اللبنات الأساسية كمداميك لمنطلقاتنا والمتمثلة أيضاً في تشريع دستور وقوانين تلبي وتواكب تطلعات الجميع من أبناء مجتمعنا اليمني، ويهيئ ويفجر في الوقت نفسه طاقاتنا بانفتاحنا على الحياة بصورة مطلقة. بهذا التوجه والمنهجية في العمل نكون قد خلصنا تماماً من أوضاعنا المشينة من فساد ومفسدين، ومن كل ما خلفه النظام العائلي والقبلي بشكل عام، وانتشلنا من واقعنا المزري، ودخلنا في طور آخر من النجاح في التغيير والتحول في إطار بناء تقدمنا وازدهارنا. ولا ننسى بالمناسبة من خلال هذا السياق وللأمانة والتاريخ ولولا الثورة الشبابية الشعبية السلمية- بعد الله- لما تحقق لنا هذا التغيير، وتعتبر أول خطوة من خطوات أهداف الثورة تم إنجازها لتغيير رأس النظام، ولا زال شبابنا مثابراً ومواصلاً ثورته حتى إسقاط بقية أركان النظام الزائف من خلال تحقيق أهداف الثورة كاملة لينطلق مجتمعنا نحو العلا، ولتسمو بنا إلى حياة سعيدة ورغيدة في ظل نظام مدني ديمقراطي عادل تسوده العدالة والحرية والمساواة في المواطنة دون إقصاء أو تمييز، وفي ظل أجواء متاحة لتكافؤ الفرص للجميع في البناء والتنمية المستدامة دون تعثرات أو عوائق قد تحد أو توقف من طموحنا أو أهدافنا السامية بسيرنا إلى أهدافنا المنشودة المراد تحقيقها مستقبلاً، من خلال عودتنا لبناء وطننا على أسس علمية ومدروسة لتشكيل واقعنا المتجدد والمبنية على دولة النظام والقانون والمؤسسات، لا دولة الفرد في السيطرة والتحكم والعبث بمقدرات الشعب بحسب أهواء ومزاج الحكام، فالماضي قد ولى ولا رجعة له، فالشعب كل الشعب أصبح يعي كل ما يدور من حوله بفضل التحولات الجارية في العالم وبصفة خاصة في الوطن العربي.