غريب أمر هذه الدنيا ..يغدو أحدنا من بيته بعد جلسة ودٍّ وفنجان حبٍّ مع الأهل والأولاد قبل أو بعد الشروق تغمره السعادة ويحمد مولاه بكل خطوة وعلى كل نعمة , يصل محل عمله , يفتح بابه ومعه باب رزقٍ كتبه الله , يستند إلى كرسيه يأخذ قلمه ، يكتب في جدوله أعمال يومه التي يريد انجازها بكل همة وصفا نفس وطيب خاطر .. تدعوه نفسه بشوق للاطلاع على أخبار العالم ومستجدات الأوضاع , يضغط زر جهازه فتُفتَح له نافذة يسيل خلالها طوفان الفتن وتصطحب معها من الهموم ما يهد الكيان . هنا ..أبناء عمّ بأسماء مستعارة يشتم أحدهم الآخر بألفاظ لا يحتملها سفيه ,هنا يضع آخر فرية افهم بعدها معنى حديث الرسول _صلى الله عليه وسلم _ (وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ,فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق..). هنا ..مؤامرة تحاك يروح ضحيتها أبرياء وتدمّر بسببها أوطان يظن حائكها أنه المستفيد وما درى أنه قد خاب!! هنا..صورة وضعت في غير محلها لحاجة في نفس رافع..هنا عنوان مدفوع الثمن يشحن النفوس ويدفعها للهلاك دفعاً..هنا تحليل واستقراء مطوّل لواقع الكون يكتبه عاجز عن حل مشكلة أطفاله. هنا ..تصريح مناضل ونداء زعيم واتهام بالعمالة والخنوع يطلقه فاعل مستتر خارج حدود الوطن وربما خارج حدود الزمان !!.هنا أثر مكيدة تدبر بليل يختلط فيها الحابل بالنابل ويتيه فيها العاقل والجاهل , تدفع ثمنها أرضنا مرتين ؛مرّة بتكاليف ثمن المسرحية وأخرى بما ستؤول إليه أوضاعها. هناك..لفيف من صغار السن وآخرون قد شابت لحاهم ومزيج من حجّاج السبعين يتجهون قوافل إلى معبد الستين على شط بحر العرب لأداء النسك. هنا ثائرون يطالبون بدولة يموتون في سبيلها غير أنهم يستميتون في الدفاع عن رموز عدوّهم ، ويكثرون الصلاة لبقائه!!. هنا أبكي وحُقّ لي البكاء ,حينما أرى الأمين يخوّن وأرى الخائن ماموناً..ربّما أتلذذ بعذابات الدموع حينما لايفهم فصاحة لساني غيري في زمنٍ يدع الحليم حيراناً,, ..هنا فتنة نائمة .. لعن الله من أيقضها ,, هنا...نااااااااااااااار ٌ سنكون جميعاً وقودها إن اشتعلت !!.