العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    عدن.. هيئة النقل البري تغيّر مسار رحلات باصات النقل الجماعي    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    تضحياتٌ الشهداء أثمرت عزًّا ونصرًا    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    مانشستر سيتي يسحق ليفربول بثلاثية نظيفة في قمة الدوري الإنجليزي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    عين الوطن الساهرة (1)    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ المعلم يحذر العلماء والإعلاميين من "مغبة " ما يسطرون بأيديهم و يقولون بأفواههم
نشر في التغيير يوم 01 - 10 - 2011

في خطبته أمس الجمعة بمسجد خالد بن الوليد بمدينة المكلا محافظة حضرموت تحدث فضيلة الشيخ أحمد بن حسن المعلم نائب رئيس هيئة علماء اليمن ورئيس ائتلاف حضرموت للتغيير عن خطورة نتائج ما يكتب وما يقال وبالذات من العلماء والإعلاميين فقال :
الحمد لله رب العالمين القائل:(( مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌۭ)) والصلاة والسلام على خاتم رسله محمد بن عبدالله القائل:(وهل يُكبُّ الناس على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله وأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله في كل شؤوننا عموماً وفيما نقول ونفتي خصوصاً قال تعالى:(( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَقُولُوا۟ قَوْلًۭا سَدِيدًۭا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)).
وانظروا عباد الله كيف ربط الله بين الأمر بتقواه والقول السديد بحيث يفهم منه أن من أعظم أوجه التقوى أن يقول الإنسان قولا سديداً أي نافعاً غير ضار لا في ذاته ولا في شيء من ملابساته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) متفق عليه. ثم اتبعه بالآيتين المنوهتين بعظم الأمانة مما يفهم منه كذلك أن الكلام أمانة بل من أعظم الأمانات التي يجب على المسلم حفظها وعدم إضاعتها أو جعلها تابعة للأهواء والنزوات أو للمطامع والشهوات فقال تعالى:(( إِنَّا عَرَضْنَا ٱلْأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَ‌ٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلْإِنسَٰنُ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومًۭا جَهُولًۭا * لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَٰتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًۭا رَّحِيمًۢا)).
لأجل مكانة الكلمة وخطورتها وعظيم أثرها نفعاً وضراً كثر الحديث عن الكلام وتفنن المتحدثون في وصفه ووصف الآثار المترتبة عليه قال الإمام الماوري رحمه الله :(اعلم أن الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات الضمائر ويخبر بمكنونات السرائر لا يمكن استرجاع بوادره ولا يقدر على رد شوارده فحق على العاقل أن يحترز من زلله بالإمساك عنه أو بالإقلال منه) ثم انه ذكر للكلام شروطاً أولها (أن يكون الكلام لداع يدعو إليه إما في اجتلاب نفع، أو في دفع ضرر. ذلك أن مالا داعي له هذيان ومالا سبب له هجر ومن سامح نفسه في الكلام إذا عن ولم يراعِ صحة دواعيه، وإصابة معانيه كان قوله مرذولاً ورأيه معلولاً).
وخطورة الكلام وبعد أثره شاملاً جميع المجالات التي يتكلم فيها الناس بدءًا بحديث الرجل مع زوجته وأولاده وجلسائه ومروراً بكلام الإعلاميين في جميع وسائل الإعلام ووصولاً إلى العلماء في فتاواهم وخطبهم ودروسهم ومؤلفاتهم وبالجملة فهو يشمل جميع طبقات الناس ومختلف شرائحهم ولذلك جاءت كثير من النصوص الشرعية المنوهة بمكانة الكلام والمحذرة من خطورته شاملة عامة تخاطب جميع الناس.
ومن تلك النصوص العامة قول النبي صلى الله عليه وسلم :(إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه) رواه مالك والترمذي والنسائي وغيرهم عن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه. وكلما كان المتكلم ممن يبلغ قوله مدى بعيداً ويؤثر على الناس كانت مسؤوليته أكبر والخطورة عليه ومنه أشد.
وان من أشد الناس تأثيراً على العقول والقلوب وعلى السلوك والأخلاق وعلى تشكيل وعي الناس وتوجهاتهم طائفتان هما العلماء والإعلاميون، فالإعلاميون بجميع شرائحهم وسائر وسائلهم يقفون موقفاً خطيراً ويحملون سلاحاً يبني أو يهدم ويعمر أو يدمر ويستطيعون بواسطته أن يشعلوا الفتنة ا وان يحققوا الأمن والطمأنينة والسلام وأن ينشروا الخير أو يشيعوا الفاحشة والسوء وحسبي أن أذكرهم ببعض النصوص وخير الكلام ما قلّ ودلّ:-
§ يقول الله تعالى:(( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۢ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوٓا۟)) هذه الآية توجب التثبت وتبين أن في الاستعجال في قبول الأخبار وبناء الأحكام عليها خطورة كبيرة ((أَن تُصِيبُوا۟ قَوْمًۢا بِجَهَٰلَةٍۢ فَتُصْبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَٰدِمِينَ)).
§ ويقول تعالى:(( وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌۭ مِّنَ ٱلْأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُوا۟ بِهِۦ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُو۟لِى ٱلْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنۢبِطُونَهُۥ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُۥ لَٱتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَٰنَ إِلَّا قَلِيلًۭا)) وتعني هذه الآية أنه حتى لو صح أصل الخبر فإنه يجب النظر فيما يترتب عليه وما يؤدي إليه وما يحدث بسبب نشره أو يتوقع أن يحدث كل ذلك تجب مراعاته قبل نشر الخبر. هذا عندما يكون أصله صدقاً أما إذا كان كذباً فهناك عقاب آخر. ففي حديث الرؤيا الطويل الذي رواه البخاري يقول صلى الله عليه وسلم:(فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلّوب من حديد وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثلما فعل بالجانب الأول...الخ ثم قال في تعبير الرؤيا أن الذي يعذب هذا العذاب هو الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق).
§ ويأتي في سياق الخطاب الذي يعني الإعلاميين والذي ينطبق على بعض منهم قوله تعالى:(( إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌۭ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ ۚ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)) إذ تبرع ذلك البعض بالدعوة إلى مساوئ الأخلاق ونشرها وترويجها والدفاع عنها وتزيينها للناس فعليهم وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. هذا عدا أولئك الإعلاميين الذين يعكسون الحقائق ويلبسون الحق بالباطل ويدافعون عن الظلمة والطغاة وهؤلاء مع ما ينتظرهم من الإثم في الآخرة سيلقون جزاءهم العاجل في الدنيا قبل الآخرة وقد حصل ذلك لإخوانهم الذين سبقوهم بالسقوط وسقوط من يدافعون عنهم والسعيد من وُعظ بغيره.
وأحب أن أنوّه أنه حتى إذا كان من تتولاه وتقف إلى جانبه محقاً فلا يجوز أن تنصر ما معه من حق بالكذب أو تقليب الحقائق أو أي محرم من محرمات القول و الفعل.
وأما العلماء الذين رفعهم الله درجات وجعلهم ورثة الأنبياء فإن في كلامهم مسؤولية لا تعدلها مسؤولية وفيه نفع لا يبلغ مداه نفع إن استقاموا فيه على الحق كما أن فيه خطورة وإثم وعقاب في الدنيا والآخرة لا يكاد يبلغها غيرهم إن هم مالوا عن الحق .
وفضائل العلماء المستقيمين على الحق لا شك كثيرة ولكني أنبه إلى العقوبة التي تلحق من انحرف منهم وقال ما يعلم أنه باطل لغرض من الدنيا حقير أيّاً كان ذلك العرض وخير ما ينبه به على ذلك ما ضربه الله من مثل للذي آتاه آياته فانسلخ منها حيث قال تعالى:(( وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىٓ ءَاتَيْنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخْلَدَ إِلَى ٱلْأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ ۚ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّ‌ٰلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بَِٔايَٰتِنَا ۚ فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) وربما بلغ أحدهم بذلك منزلة سيد الشهداء.
ومن خطورة مواقفهم أنهم شركاء فيما يدعون إليه ويدلون عليه مع من يعمل بذلك من خير أو شر أو إثم أو وزر قال صلى الله عليه وسلم:( من دعا إلى هدى ، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا . ومن دعا إلى ضلالة ، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) رواه مسلم وغيره. وليعلم العلماء والإعلاميون وسائر من يتحدثون في الأمور العامة هذه الأيام أنهم في زمن فتنة وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن وقع اللسان فيها أشد من وقع السيف.
والعلماء واجبهم الأول بيان الحق واضحاً جلياً دون لبس ودون مراعاة لأحد أو أن تأخذهم في الله لومة لائم ((وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُۥ)) فإن فعلوا فلهم أعظم الأجر وأرفع الدرجات وإن حادوا عن ذلك الطريق وكتموا ما يعلمون من الحق حاقت بهم اللعنة والعذاب قال تعالى:(( إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَٰتِ وَٱلْهُدَىٰ مِنۢ بَعْدِ مَا بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِى ٱلْكِتَٰبِ ۙ أُو۟لَٰٓئِكَ يَلْعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللَّٰعِنُونَ * إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُوا۟ وَأَصْلَحُوا۟ وَبَيَّنُوا۟ فَأُو۟لَٰٓئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ)) وهذا صنف من المخذولين لهم أسوأ الآثار على مجتمعاتهم، وليس كل من أخطأ من العلماء وتسبب في الانحراف لدى الأمة من هذا الصنف، ولكن هناك صنف آخر أقل جرماً ولكنهم أشد أثراً على الأمة أولئك هم الذين لا يتهمون في دينهم ولا بأنهم يريدون الباطل ولكن مشكلتهم ضعف التدبير وسلامة الصدور وعدم إدراك ما عليه الناس والسياسيون بوجه أخص........ إن كثيراً من السياسيين اليوم شعارهم (إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروه) يبحثون عما يؤيدون به ما يريدون وعما يحقق لهم ما تمليه أهواؤهم فإن وجدوه من قبل العلماء أخذوه ونشروه ومجدوا العلماء بسببه وإن كانت الأخرى طوي ذلك الحديث ولم ينشر وقلبوا للعلماء ظهر المجنّ. وأيضاً هؤلاء السياسيون منهم من هو كمن وصفهم الله عز وجل بقوله:(( وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌۭ مِّنْهُم مِّنۢ بَعْدِ ذَ‌ٰلِكَ ۚ وَمَآ أُو۟لَٰٓئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوٓا۟ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌۭ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُن لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوٓا۟ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ)) ثم عاتبهم الله، قال:(( أَفِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوٓا۟ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُۥ ۚ بَلْ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ)).
إن من أخطر آفات الكلام أن تضعه عند من يحمله على غير ما تريده أنت. وقد تنبه عبدالرحمن بن عوف إلى ذلك حين أراد عمر أن يخطب في أمر من أمور السياسة وأمور الإمارة والإمامة والخلافة في الحج في منى– وهو أكبر جمع تشهده جزيرة العرب- ظانّاً أن الناس سيحملون كلامه على ما يريد فسمع بذلك عبدالرحمن بن عوف فدخل عليه قال يا أمير المؤمنين سمعت أنك ستقول كذا وكذا، قال نعم قال يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الذين يشهدون مجلسك ويكونون أقرب إليك هم جفات الناس وجهالهم فيسمعون كلامك فيحملونه على غير محمله فيذهبون به ويتفرقون في الآفاق ثم يترتب على ذلك – بمعنى كلامه- مفاسد وفتن عظيمة ولكن دعهم وإذا رجعت إلى المدينة وصرت بين المهاجرين والأنصار فقل ما شئت فإنهم أهل الفقه والفهم أو كما قال رضي الله عنه والقصة في صحيح البخاري. فانظروا إلى هذا الفقه العظيم من عبدالرحمن بن عوف ومن تأييد واستجابة عمر بن الخطاب لذلك باعتبار أن هذا هو الحق ألا يقال كل كلام في كل مكان وألا يطرح كل كلام على أي أحد بل لابد أن يتوخى ويبحث عن الموضع الصحيح الذي يقال فيه ذلك الكلام.
الحجاج وما أدراك ما الحجاج سأل أنس بن مالك رضي الله عنه وقد كبر وبلغ من السن مبلغاً كبيراً سأله ما هي أشد عقوبة عاقب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقصّ له قصة العرنيين وفي القصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمل أعينهم- أي كواها- وقطع أيديهم وأرجلهم بما فعلوا هم بالرعاة ولأنهم محاربون لله ولرسوله فأخذها الحجاج وصار بعد ذلك يفعل ما يفعل بمخالفيه فيقتل ويقطع الأيدي والأرجل ويقول هذا قد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس أخذوا لقاحاً من الإبل كيف بمن يتنقّصنا ويبغي علينا ويفعل ويفعل، ومن هنا قد لام عمر بن عبدالعزيز أنساً على تحديثه بهذا الحديث للحجاج، وكذلك الحسن البصري لامه وبين له أن هذا الظالم سيتخذه ذريعة إلى تعميق ظلمه وتكثير فتكه بالمسلمين، بل هو رضي الله عنه قد ندم على هذا التحديث، إذاً حتى ولو كان الكلام حقاً فإنه أحياناً يوضع في غير موضعه ويستغل استغلالاً سيئاً، يتمنى من تكلم به أنه لم يتكلم به ولكن لا ينفعه الندم بعد أن يصبح سلاحاً في يد ظالم يظلم به الناس ويفتك بهم.
وإن البيان الذي صدر بالأمس نحن لا نشكك في نوايا ومقاصد وضمائر أولئك العلماء فكثير منهم فيهم شيء من الخير وكثير منهم لا يدرون ما هي عواقب كلامهم ، لكن الواقع والنتيجة أن ذلك البيان يفتح باب الفتنة ويزيد من الشر ويعطي البرهان الشرعي لمن يستخدمه في غير محله، بل من يستخدمه بعكس ما يريد العلماء.
إن الواجب كان على الجميع أن يحذر من التمادي في الدماء والاستخفاف بالقتل وأن يدعو الجميع إلى نبذ العنف وأن ينبذ الجميع كل سبب يؤدي إلى ذلك هذا هو العقل وندعو إلى أخذ المبادرة التي تخرج الناس من دوامة هذا العنف وتخرج البلاد مما وقع بها من أضرار، وليس بأن نؤلب هذا الطرف أو نقوي حجته على الآخر أو نقوي الطرف الآخر على خصمه فهذا ليس هو موقف العلماء الربانيين .
أسأل الله عز وجل أن يوفق ويسدد ويهدي وأن يخرج بلادنا من محنتها،وأسأل الله ألا يبدلنا عن ظالم بظالم أظلم منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.