هم يقولون : لم تنتصروا ! ونحن نقول : انتصرنا وقطعنا أشواطا ، وسننتصر النصر الكامل الذي نريده ! سننتصر لعدة اعتبارات ، وعدة حقائق ثبتت ، على مدى تاريخ الإنسانية مع الظلم والطغيان ، وقد وثق القرآن عددا منها كقصة فرعون و قارون والنمرود ، وذو نواس وغيرهم ، على اعتبار هلاكهم سنة كونية مؤكدة لا شك ولا مراء فيها . ومن هذه الاعتبارات والسنن الالهية ، التي لا يمكن تبديلها ولا تحويلها : أننا سننتصر ، لأننا ننصر الله بوقوفنا مع الحق ضد الباطل.. لأننا نقول للظلم كفى.. لأننا ننتصر للمظلومين والمقهورين..قال تعالى: (وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ ﴿40﴾ الحج سننتصر..لأننا ظُلمنا فدعونا الله على من ظلمنا . قال تعالى: (فَدَعَا رَبَّهُۥ أَنِّى مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ ﴿10﴾ فَفَتَحْنَآ أَبْوَٰبَ ٱلسَّمَآءِ بِمَآءٍ مُّنْهَمِرٍ ﴿11﴾ وَفَجَّرْنَا ٱلْأَرْضَ عُيُونًا فَٱلْتَقَى ٱلْمَآءُ عَلَىٰٓ أَمْرٍقَدْ قُدِرَ ﴿12﴾القمر وقال -عليه الصلاة و السلام: (دعوة المظلوم ليس بينها و بين الله حجاب) سننتصر ..لأنه إذا جاء الحق ، فإن الباطل – من كل بد – منزهق قال تعالى: (وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَٰطِلُ إِنَّ ٱلْبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقًۭا ﴿81﴾ الإسراء سننتصر.. لأن التاريخ يعيد نفسه ، ولم يسبق في التاريخ أن انتصر طاغية على شعبه – المنتفض- أبداً . سننتصر.. لأن التغيير سنة الكون ، وطالما استيقظ شعب وطلبه فلا مجال للعودة للوراء ، فللزمن مسار واحد فقط.
سننتصر.. لأن العزيمة والإصرار على التغيير في تزايد مستمر رغم كل الإحباطات الحقيقية والمفتعلة ..لأننا واثقون أنما النصر إلا من عند الله . قال تعالى:( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُم بِأَلْفٍۢ مِّنَ ٱلْمَلَٰٓئِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴿9﴾ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿10﴾ سننتصر.. لأننا شعب عظيم وعريق وأصيل، وما الفساد الذي أصابنا إلا أمر دخيل وطاريء علينا بسبب الفاسدين الذين تولونا ، وسرعان ما سنسترد أصالتنا وأخلاقنا العريقة التي شهد لنا بها الله ورسوله، ومستحيل أن ينتصر الطاريء على الأصيل. سننتصر.. لأن إرادة الشعوب من إرادة الله ، فمن ذا يستطيع كسر هذه الإرادة؟! سننتصر.. طالما ونحن ندفع ثمن هذا النصر من أرواحنا ودمائنا، ومن قوتنا وأمننا ، ومن ضروريات حياتنا .ندفعه بصبرنا وعزيمتنا التي لا تنكسر. سننتصر.. لأننا ندرك أنه لا خيار لنا غير النصر، فهزيمتنا تعني نهايتنا الفعلية.. تعني الرجوع للخلف مئات الأميال.. تعني مزيداً ومزيداً من الظلم والاستبداد والطغيان !
سننتصر.. لأن من عرف طعم الحرية ورأى النور، مستحيل أن يعود للحفرة والظلام حتى لو دفع حياته ثمناً!. سننتصر.. لأن الله لا يعطي نصره للشيطان ، ولو تخيل الشيطان غير ذلك! سننتصر.. لأنه من المستحيل ، ومن العبث أن يستمر الظلام في مقاومة النور! سننتصر.. لأن سنن الكون وقوانينه التي سنها الله لا تتبدل ولا تتحول . ومن سننه إهلاك الظالمين والفراعنة وجنودهم بظلمهم ومكرهم السيء على مدار التاريخ . قال تعالى :( ٱسْتِكْبَارًۭا فِى ٱلْأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِۦ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلًۭا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلًا ﴿43﴾ أَوَلَمْ يَسِيرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ فَيَنظُرُوا۟ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوٓا۟ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةًۭ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُۥ مِن شَىْءٍۢ فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِى ٱلْأَرْضِ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَلِيمًۭا قَدِيرًۭا ﴿44﴾فاطر وقال تعالى:( دَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ ۙ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِوَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰٓ أَهْلَكْنَٰهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا۟ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًۭا ﴿59﴾هِمْ ۚ كَذَّبُوا۟ بَِٔايَٰتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَٰهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَآ ءَالَ فِرْعَوْنَ ۚ وَكُلٌّۭ كَانُوا۟ ظَٰلِمِينَ ﴿54﴾الأنفال سننتصر .. فلا يجب أن نستعجل هذا النصر لأن إرادة الله تقتضي نصر المظلومين، ولكن هذه الإرادة وهذا الإقتضاء مرهونان بحكمته تعالى وليس تبعاً لإرادتنا نحن البشر، وسلعة الله غالية ، فقبل النصر وقبل معاقبة الظالمين لابد من التمحيص والابتلاءات للمؤمنين بقضيتهم ، حتى يستحقوا ثواب الله العظيم على جهادهم في الحق . قال تعالى : وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحْزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿139﴾ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌۭ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌۭ مِّثْلُهُۥ وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴿140﴾وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَيَمْحَقَ ٱلْكَٰفِرِينَ ﴿141﴾ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا۟ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُوا۟ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴿142﴾آل عمران وقال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍۢ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍۢ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ ۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴿155﴾ البقرة سننتصر..والله الذي لا إله إلا هو.. سننتصر