الأحلام الكبيرة للشعوب لا تموت، قد تخفت حينا من الزمن، لكنها سرعان ما تستعيد آليتها وعنفوانها وعلى نحو متجدد وجديد، هانحن نعيش اللحظة التي قرر فيها الوطن التألق، بعد ان كان قد فقد بعض روحه أو هكذا تبدى الامر، كان المشهد قد استغرقه الجمود، وقيل إن الإذعان الاجتماعي قد بلغ منتهاه، واصبح واقعاً مألوفاً ولكن من قال إن التاريخ لا يتغير لانه قطعا يتغير كلما توافرت القوى الاجتماعية القادرة على تغييره، ففي كل حقبة من التاريخ ينهض الشباب بدور في مجتمعهم تبعاً لحجم التحديات التي توضع أمامهم. قبل نحو ثلث قرن رأى استاذنا الكبير عبدالله البردوني الذي نعيش هذه الايام الذكرى الثالثة عشرة لوفاته، رأى في التفاتته الى الحركات الشبابية في اليمن بين أربعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي إنها اعمدة ضوئية لعلم الثورة، وانهار نارية على طول الخط التحركي وفي التفاتته الى الينابيع «كتابة اليمن الجمهوري» يشير الى ان الانتفاضة الطلابية في الخمسينات كانت البشير بالوعد المنشود والدليل الى المنتظر، وان المظاهرة الطلابية العارمة قبل الثورة بشهور 1962 كانت إنذاراً للطغاة باليوم الأخيرة، وقال: لقد انتهت الحركات «الشبابية» الى ثورة تحولية أخرجت الشعب من قيوده الى رحاب وجوده تحت اسطع الاضواء، وببصيرة الشاعر والمؤرخ يذهب الى ان ثورة الشباب تتسم بالتواصل الحار وبالنشاط الذي لا يهدأ. ومن مزايا شبابنا يقول البردوني: ان طموحهم لا يتجاوز مصالح الشعب، ولا ينطق من غير مشروعية، فكما انهم الربيع الدائم للأمة، فهم التجدد المستمر في جذور الحياة، وفي دفع الإرادة من تحقيق الى تحقيق، وكأني بشاعرنا الكبير وهو يؤرخ لليمن الجمهوري يقرأ المستقبل، كأني به قد استشرف الثورة الشبابية الشعبية التي سجلت وطننا على دفتر النهضة والتغيير عندما قال: وأمام شبابنا اليوم مهمات قد تختلف عن مهمات سابقيهم، وقد تكون مشاكلهم اعقد، إلا أن كفاءتهم على المجابهة والتجاوز سوف تكون اقدر موقعاً وإعداداً والغد على ذلك من الشاهدين». لئن تخلفت اليمن كثيراً، فإن مصيرها الى سماء التقدم والإنجاز، هاهي اليوم تمضي واثقة بصواب حلم شعبها نحو التغيير، تمضي بعزمه المستعد نحو انجاز الدولة المدنية الديمقراطية. عجلة التغيير دارت، ولن تعوقها افاعيل المعوقين وطنياً واخلاقياً، ومؤامراتهم. لا أفق لمن يحاول إعاقة عجلة التاريخ، فمآله الى الخسران والانقراض لقد قرر الشعب التغيير، وهانحن نعيش اللحظة التاريخية التي قرر فيها الوطن التألق ونعيش تحولاته، ولابد ان يجني الشعب ثمرات ارادته وتضحياته حرية وديمقراطية، وعدلاً ومواطنة متساوية وتنمية مستمرة.