تجنب الرئيس هادي موقفا محرجا كاد ان يسببه له الرئيس المخلوع بدعوته لحضور الاحتفال بذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام. لكنه قاطع الاحتفال مع سفراء الخليج ودول الاتحاد الاوروبي وأمريكا، وهم الرعاة الفاعلون للتسوية السياسية في اليمن، ما يعني ان الرسالة شديدة الوضوح التي بعثها هؤلاء وهي عدم رضاهم عن تحركات صالح السياسية وظهوره الإعلامي في الفضائيات تحت أي مبررات. وباعتقادي ان تركيز وسائل الإعلام على هذه النقطة، أي مقاطعة الرئيس هادي ورعاة المبادرة الخليجية، كان هو الأكثر أهمية لتقييم الاحتفالية التي حشد لها الرئيس السابق في قاعة 22 مايو بصنعاء بدل التركيز على حجم الحضور والذي يستطيع أي شخص نافذ في هذه البلاد الحشد له بسهولة. ومع ذلك، لا يبدو ان المقاطعة قد بددت الكثير من التساؤلات المعلقة حول مصير التسوية السياسية في البلاد والتي نال بموجبها صالح حصانة كاملة من الملاحقة القانونية والقضائية مقابل تخليه عن ممارسة العمل السياسي لولا عدم وجود نص صريح بذلك في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وهي مشكلة يتحملها الرعاة والأطراف الموقعة على المبادرة. وبالنسبة لهادي، ليست هذه أول مرة يتعرض فيها لدعوات إحراج من سلفه، فقد سبق ان تلقى عدة دعوات تنظيمية من رئيس الحزب، ورفضها تجنبا للوقوع في المآزق التي يراد تكبيله بها أمام الرأي العام المحلي وشركاء العملية السياسية في البلاد. والراصد للتطورات التي تمت حتى الآن بموجب المبادرة الخليجية، لا يستطيع التشكيك بجدية هادي والمجتمع الدولي في تجاوز نظام صالح ونقل المجتمع اليمني إلى نظام سياسي جديد، غير ان هناك مشكلة حقيقية في كون هذا الأخير لا يزال مصرا على البقاء في المشهد السياسي وتعطيل جهود المجتمع الدولي. وما يمكن قراءته من خطابه الأخير أكبر من مجرد توقف عند مسألة حب الظهور، فهو يرى بأن السلطة دوارة وستعود إليه كاملة رغم عدم انتزاعها منه بشكل كامل حتى الآن، والمقلق تهديداته وتحريضه الواضح بالتمرد على الوضع القائم الذي اعتبره سيئا وخاطب المواطنين بمثل شعبي يستنهض حمية تمردهم بقوله إن الشعب اليمني ينطبق عليه القول "من تزوج أمنا كان عمنا". ورغم انه قال هذا المثل وفمه ممتلئ بالمرارة، إلا ان حضور نزعة الانتقام في نفسيته وخطابه يثير تساؤلات مقلقة حول مصير التسوية السياسية وموقف الأطراف المحلية والدولية من قضية بقائه في المشهد السياسي لاعبا ومتربصا بالثغرات وما أكثرها.