أطلقوا عليها من الأسماء ما شئتم وكيفما شئتم، ثورة انتفاضة أو حتى انعتوها بصفة الذكورة وأطلقوا عليها انقلاب، فجميعها واحدة وأن تعددت مسمياتها بالنسبة لنا واختلفت مأربكم منها، فما يُعنينا هنا أن اليمنيين ثاروا وانتفضوا وانقلبوا وأنهوا حكم الفرد المتمثل في النظام الإمامي الاستبدادي في 26 سبتمبر 1962. يُعرف الكاتب والمحلل السياسي عبدالناصر المودع في كتابه دليل المصطلحات السياسية بأن الثورة هي (عمل شعبي يؤدي إلى تغيير جذري في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الدولة) وهذا بالفعل ما حدث بعد ثورة 26 سبتمبر من تغيير شامل في حياة اليمنيين وما تلاها من انجاز في قيام ثورة 14 أكتوبر. قد يتبادر إلى الأذهان أن ثورة 26 سبتمبر لم تحقق جميع تطلعات اليمنيين خاصة بعد تلك الأحداث التي تلت الثورة، وأن صح لنا هنا التعبير ونسميها بسميات العصر الحديث من سرقة للثورة كما يحب والدي أن ينعتها، ولكن من الإجحاف بمكان أن نلغي منجزات ثورة 26 سبتمبر وأن كان الإمام الجديد قد استولى عليها في عام 1978 وأراد أن ينتج لنا حكماً إمامياً توارثياً بصيغة جديدة شكلا لا مضمونا فالاستبداد واحد وأن تعددت أشكاله. فالجميع يعي تمام المعرفة ما الذي كانت ستؤول إليه الأمور لو لم تقم ثورة فبراير من العام 2011 وتنهي عصر الإمامة الجديد الذي بدأ يظهر ويتشكل ويُصنع له عداد ومن ثم يُقتلع من قِبل سلطان البركاني. هانحن اليوم قد شاهدنا المخلوع كيف أصبح يُجهز خارطة الطريق للإمامة بوجهها الجديد ويحول اليمن إلى وريثة لأولاده من بعده، ويا ليته كان سينتج لليمن واليمنيين ملكية بشكل مشابه لملكيات العصر الحديث ولو بشيء اليسير، إلا أنه كان قد بدأ يفرز ملكية لا تختلف البتة عن ملكية ما قبل 26 سبتمبر من العام 1962، لذا قامت ثورة فبراير لتصحيح مسار ثورة 26 سبتمبر، حتى وأن قامت بعد خمسون عام فأنها أتت بعد تغيُر الجيل، فالآباء أصبحوا منهكين يائسين مما حدث لثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر من انتكاسات وسطو ونهب. ففي مقابلة للمناضل اللواء حمود بيدر أحد مناضلي ثورة 26 سبتمبر على صحيفة الناس، وفي سؤال عن رأيه بثورة الشعب الشبابية السلمية اليوم؟ أجاب بأنها ثورة عظيمة وهي التي أعادت الاعتبار لثورة 26 سبتمبر واصفاً أيها بأنها عبرت عن مشاعر اليمنيين حقاً وقال بأن الحكم لم يعد مجديا فكان لابد من التغيير. فهاهو اليوبيل الذهبي يهل علينا هذا العام بدون الإمام الجديد الذي سطا على منجزات الشعب ولو كان بيده تغيير عجلة التاريخ لسمعناه يقول أنه من قام بثورة 26 سبتمبر. واليوم فقط يأتينا اليوبيل الذهبي وقد قُلع العداد تماما ولكن هذا المرة ليس من قِبل سلطان البركاني ولكن من قِبل الشباب الذين قدموا أرواحهم ودمائهم فداء لتصحيح مسار ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر. وفي فرحة غامرة يهل علينا اليوبيل الذهبي لثورة 26 سبتمبر للثورة الأم وهو متأنق متجدد لأنه خلع ثوب الردة لما قبل 1962، وجاءنا وهو متأنق لأول مرة منذ 33 عاماً وقد تخلص من كل من كان يعيق تأنقه وتزينه وتبهرجه طيلة الأعوام السابقة.