تعتبر محافظة الجوف ثالث محافظة في اليمن من حيث المساحة الجغرافية، وهي غنية بالثروات النفطية والمعدنية والزراعية، لكنها لم تُستخدم بعد، ولا تزال بكراً بثرواتها. المحافظ الجديد محمد سالم بن عبود الشريف يتحدث في حوار نشرته صحيفة «الناس» الأسبوعية، ويعيد نشره «المصدر أونلاين».
حاوره/ جبر صبر
* البعض وصف موقفكم مما حدث مؤخرا في مديرية الزاهر من اشتباكات بالمتفرج؟ - ما حدث بالزاهر عبارة عن تداعيات سابقة للوضع السابق بين الحوثيين ومدير المديرية محمد الجيشي، ونحن حاولنا احتواء الموقف في حينه، ووجهنا مدير المديرية لاحتواء الموقف وان يتعامل مع الجميع كمسئول والكل في المديرية بمختلف مشاربهم الحزبية والمذهبية يعتبرون أبناء مديرية واحدة وهو المسئول الوحيد في المديرية الذي يمثل السلطة المحلية, ووجهناه ان يحتوي الموقف ولو أدى إلى ان يتنازل عن بعض الأشياء التي تخصه شخصيا لا الذي يمثل الدولة والسلطة المحلية، وان يفهم الجميع أن سقفه هو سقف السلطة المحلية بالمديرية ويجب أن يكون هو أعلى سقف، من أي سقف كان حزبي أو مذهبي، سواء كان مشترك أو مؤتمر أو حوثي، والكل تحت سقف السلطة المحلية التي يمثلها مدير المديرية محمد الجيشي. * إلى أين وصلت هذه القضية؟ - تم احتواؤها، ووجهنا بعض المشائخ للتدخل في القضية، لأنها قبلية أكثر مما هي حكومية أو سياسية، وحاولنا ان لا نرسل أي قوة حتى لا يتأزم الموقف، ولا تجير هذه القوة من قبل الإخوة الحوثيين ويقولون انه موقف سياسي، وانه دعم لتفجير الموقف، وذلك حتى لا تراق قطرة دم في هذه المحافظة التي يكفيها ما عانته في السابق، وبنفس الوقت كنا تحت الجاهزية لو استدعى الأمر التدخل من قبل الحكومة إذا تفاقم الوضع وحاولت أي جهة إضعاف سلطة الدولة في المديرية، أو حاولت ان يكون سقفها أعلى من سقف السلطة المحلية، ونحن في المحور العسكري وإدارة الأمن تحت الجاهزية لرصد ودعم السلطة في المديرية لتظل هيبة الدولة، وفرض الأمن والاستقرار داخل المحافظة بما فيها مديرية الزاهر. * مؤخراً ألقى أمن الجوف القبض على مدير الشئون القانونية السابق بالمحافظة لاعتدائه على خلفه، فهل تعتبر هذه خطوة أولى لاستعادة هيبة الدولة؟ - نحن نعتبرها خطوة ضمن الخطوات التي نسعى لإيجادها في محافظة الجوف، ولا نعتبرها الأولى وسبقتها خطوات كثيرة، وستعرفون ذلك، مقارنة بين وضع الجوف بعد نزول المحافظ ووضعها قبله.. * حادثة الإعتداء هذه ليست الأولى في الجوف، فلماذا يضطر البعض الى هذا السلوك؟ - طبعا هذا الشخص كان مطلوبا جنائيا وقد وجه وزير الداخلية والشئون القانونية والنائب العام مذكرات الى محافظ المحافظة لإلقاء القبض عليه وتسليمه للعدالة، وتمت متابعته، ومؤخراً تلقينا مذكرة بالقبض القهري عليه، وعندما تمكنا من القبض عليه تم الحفاظ عليه ومراقبته وتسليمه للجانب الأمني، ثم نقله الى امن محافظة مأرب ليتم تسليمه الى النيابة والقضاء لينال جزاءه، والقضاء سيبت ان كان هذا الجاني له حق أعطاه وان كان عليه حق أخذه منه، ونحن نطمح ان يكون هناك قضاء عادل بين شرائح وأفراد الشعب اليمني، ونحن نبحث عن هذا القضاء، وهو كان من ضمن أهداف الثورة السلمية. * وماذا عن المهندسين المختطفين؟ - ما يزالان في الحجز عند المدعو ناجي مرشد علهان في مديرية خب. * ما هي خلفية احتجازهما؟ - هذان المهندسان نزلا لأجل الخير لأبناء المديرية، لكن تلقفتهما أيادي التخريب والغدر التي تريد الإخلال بأمن الجوف، وبالذات بمديرية خب، بحجة أن لديهم مطالب لدى الدولة لم تحقق. * ماذا فعلتم لإطلاقهما؟ - طبعا تواصلنا مع الخاطف وقال أن لديه مشروعا لدى الدولة، فكنت صريحا معه وأبلغته: إن كان لديك مطالب شرعية وقانونية فنحن سنتابعها لك، وإذا لم يكن لك مطلب شرعي فلن تحصل على شيء مهما مارست من أساليب غير شرعية وغير قانونية، وقمنا بالتواصل معه بالطرق السلمية والمتعارف عليها بالجوف للإفراج عن مهندسي الصندوق المحتجزين لكن دون جدوى، وأخيرا تمت معرفة المتعاونين والمساندين له من أصحابه، وتم التعميم لإلقاء القبض عليهم في جميع المحافظات، وإيقاف مستحقاتهم ورواتبهم، وبالفعل كانت هذه الطريقة من ضمن طرق الضغط عليه لإطلاق المهندسين، فتم إلقاء القبض على خمسة من أقربائه من المتعاونين والمساندين له وتم حبسهم بالعاصمة صنعاء. * هل استلمتم المنشآت والمرافق وكذا المعسكرات التي كانت لدى بعض الجماعات بالمحافظة؟ - نعم تم استلامها، واستعدنا المعدات التي كانت لدى بعض المواطنين بالجوف، مثل المولد الكهربائي الخاص بالصندوق الاجتماعي للتنمية، كما تم استلام المعسكر من قبل المشترك وهو استلام مبدئي، لان الاستلام النهائي سيكون على يد اللجنة العسكرية المكلفة باستلام المعسكرات وحصر ما فيها، من قبل هذه الجماعات التي قامت بحمايتها والحفاظ على ما فيها حتى جاءت قيادة المحور وقائدها العميد الركن عادل القميري. * ماذا حول ما تردد عن صرف اكثر من 200 مليون لمشائخ مقابل تسليم هذه المنشآت؟ - لم ندفع حتى الآن أي ريال لمن قاموا بحماية هذه المنشآت من العبث والتخريب، لكن مثل هؤلاء الأفراد الذين حموا هذه المرافق وحافظوا عليها يستحقون التقدير والإجلال ويستحقون التشجيع والمكافأة، ونحن مقدرون لجهودهم، وقد أعدت اللجنة المكلفة باستلام هذه المرافق تقريراً شاملاً بما فيها، وطالبنا فيها بإعطاء هذه الجماعات والأفراد نوعا من التشجيع والمكافأة. * إلى قبل توليكم المحافظة كان هناك تباين واختلاف بين مختلف مكوناتها وفئاتها فيما يلحظ الآن الانسجام التام بينهم، فكيف استطعتم الوفاق بينهم؟ - عند قدومنا للمحافظة أعلنا بأن لنا هدفا استراتيجيا وهو الارتقاء بمحافظة الجوف، وحددنا لذلك المرتكزات الأساسية الست للتنمية وهي تلامس خدمة أبناء الجوف، ودعونا الجميع لأن ننطلق معا لبناء هذه المحافظة وفق هذه المرتكزات الستة، وأن ننأى بأنفسنا عن العصبية البغيضة سواء كانت قبلية أو سياسية أو مذهبية أو شللية أو فئوية، وان نكون فريقا واحدا بغض النظر عن انتماء كل شخص، فالحزب الواحد الذي ننتمي له جميعاً هو بناء محافظة الجوف، وإذا أردنا النجاح علينا ان نبتعد كل البعد عن أي عصبية كانت، وان نبني هذه المحافظة ونرتقي بها حتى تساير باقي محافظات الجمهورية التي بدأت في التقدم والارتقاء في المجالات الخدمية والتنموية. * كيف وجدتم جدية أبناء الجوف في التعاون معكم للعمل من اجل بناء وتنمية المحافظة؟ - وجدنا أبناء الجوف يريدون الدولة، ومتعاونين تعاوناً كبيراً مع السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ، فلمسنا جدية المشائخ والوجاهات والأفراد في التعاون معنا، لأن الدولة هي التي ستحافظ وتصون دماءهم وممتلكاتهم وأرواحهم، والكل يطمع بان يستظل تحت مظلة هذه الدولة العادلة، الدولة التي تحافظ على حريته وإنسانيته. * تعتبر محافظة الجوف ثالث محافظة بالجمهورية مساحة، فضلاً عن انها غنية بالثروات النفطية والمعدنية والزراعية، بوجهة نظرك هل كان إهمالها متعمداً من قبل الدولة، ام لعدم تعاون المواطنين فيها؟ - كان الإهمال للجوف إهمالا متعمدا من قبل النظام السابق، لأنهم كانوا يعرفون ان المحافظة من المحافظات القبلية ذات القوة والمنعة من الناحية القبلية والبشرية، والجوف فقيرة خدميا وتنمويا لكنها بكر بثرواتها الطبيعية والنفطية والمعدنية والزراعية، وكذا غنية بحضارتها وتاريخها الحافل بمعالمها الأثرية والسياحية، وأيضا ثروتها البشرية، وتعتبر أول محافظة في الاحتياطي من حيث النفط والمعادن، وهي محافظة زراعية غنية بمياهها الجوفية وتربتها الخصبة، ولو استخدمت أرضها الاستخدام الأمثل في الزراعة فإنها ستكون سلة زراعية تكفي اليمن قاطبة إن لم يتم التصدير منها إلى دول الجوار، والحمد لله ان التهميش المتعمد من قبل النظام السابق كان في مصلحة الجوف، فالثروات لا تزال تحت الرمال مدفونة ولم يستطع النظام السابق استخراجها بسبب ما عانته هذه المحافظة من تهميش، وزرع الثارات والفتن بين أبناء هذه المحافظة، مما منع النظام السابق من المضي في التنقيب واستخراج معادنها وثرواتها، وهذه كانت ايجابية كبيرة أنها ظلت محتفظة بثرواتها وخيراتها حتى اليوم ولا زالت بكرا، لتستفيد منها الثورة الشعبية السلمية، وحكومة الوفاق الوطني في المستقبل بمشيئة الله وستكون رافدا وركيزة أساسية من الركائز الاقتصادية المهمة في الجمهورية اليمنية. * ما الذي حققتموه من نجاحات منذ توليكم قيادة محافظة الجوف؟ - أبرز النجاحات أننا عند نزولنا المحافظة بنينا على ست مرتكزات أساسية وسميناها المرتكزات التنموية الست، وعلى رأسها الأمن والاستقرار والتعليم والصحة.. فحققنا في مجال التعليم ان تمت الموافقة على تحويل المركز الثقافي قيادة المحور سابقا إلى جامعة، بحيث يتم ترميمه بالمبلغ الذي كان مرصودا للكلية بالجوف من قبل جامعة عمران، ومن ثم الانطلاق لإنشاء جامعة في الجوف، وفي المجال الصحي وضعنا حجر أساس لمستشفى الثورة العام بالمحافظة، واستطعنا توفير مبلغ معين بداية الربط من قبل وزارة النفط ممثلة بوزيرها احمد دارس وهو احد كبار مشائخ الجوف وان شاء الله سيبدأ العمل فيه قريبا، كما استخرجنا توجيهات من قبل رئيس الجمهورية لإعطاء الجوف حالة استثنائية لإعادة تأهيل الجاهزية، ووجه رئيس الحكومة بذلك وبدوره وجه الوزراء في الجهات المعنية بتنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية، فاصدر وزير الكهرباء توجيها بربط محافظة الجوف بمحطة الكهرباء الغازية بصافر، ومد المحافظة ب3 ميجا من الطاقة المشتراة، إضافة الى 2 ميجا من قبل وزارة النفط (مولدين كهربائيين)، وذلك قبل أن يبدأ الفريق الهندسي للمسح بربط المناطق بهذه الطاقة الكهربائية. * وما أبرز المعوقات والتحديات التي تواجهكم؟ - هناك تحديات كبيرة جدا بمحافظة الجوف، تتمثل في المرتكزات التنموية الست التي ذكرتها، ولكن أبرزها الأمن والاستقرار، وبدونهما لا نستطيع تحقيق الخمسة المرتكزات المتبقية ولا تحقيق التقدم والارتقاء بالمحافظة، ونحن بحاجة الى توجيهات صريحة وعاجلة واستثنائية من قبل رئيس الجمهورية إلى وزير الدفاع والداخلية لإعطاء الجوف توجيهات استثنائية بإعداد وترتيب المحور العسكري وإدارة الأمن في هذه المحافظة مترامية الأطراف.