تعتبر الحرب أشد وأقسى وأعنف آلية ينكرها عقل الإنسان في تدمير أخيه الإنسان، حباً في تحقيق طموحاته الذاتية، وإشباع نزعته التسلطية والاستحواذية ليزيد من نفوذه وقوته على الآخرين. هذه الحرب تؤدي إلى سلسلة تفككات اجتماعية بدءاً بتمزيق نسيج العلاقات بين أفراد الوطن الواحد، داخل الأسرة والعشيرة والقبيلة وحتى في المنطقة الواحدة، والحرب أكبر كارثة يصنعها الإنسان لأنها تقطع العلاقات الاجتماعية بالدم الإنساني فهي توقد روح الكراهية والتعصب الطائفي والقبلي والحزبي والمناطقي.
كذلك تنمي ثقافة العنف من خلال ملاحظة أحداث القتل والتخريب، وتدمير المنازل والبُنى التحتية، أومن خلال مشاهدة القنوات الفضائية، ووسائل الإعلام الأخرى، وقد تنمى أيضاً ثقافة العنف والحقد والتعصب والكراهية من خلال التلقين من المحيطين.
والحرب تعتبر سببا رئيسا لتفاقم حالات الإعاقات الجسدية، فالدول التي تعاني من الحروب المستمرة التي يصنعها الإنسان، تتفاقم فيها ظاهرة العنف والجرائم والقتل والتخريب والإرهاب والانفلات الأمني، وهذه الظواهر ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتفاقم حالات الإعاقات الجسدية المتعددة.
لقد أجمع كثير من الباحثين أن معايشة خبرات الحرب تترك آثاراً نفسية مدمرة، لا تزول بانتهاء الحرب بل تظل كامنة، وتتراكم لعشرات السنين وتفرز اضطرابات نفسية خطيرة كالخوف والقلق والوسواس والاكتئاب، وعدم الثقة بالنفس والثقة بالآخرين، وأكثر الناس تأثيراً من الحرب هم الأطفال والنساء والمسنون.
وعلينا أن نتذكر بأن نتائج كل حرب تكون متشابهة إن لم تكن واحدة، جميعها تبدأ بالرعب والتهديد والتدمير، والقتل الجماعي وتنتهي بالتفككات الاجتماعية والأسرية، وهذه ظاهرة اجتماعية صنعها الإنسان بإرادته النرجسية وتفكيره الأحمق لا لكي يغير المجتمع بل لإشباع حاجاته وإشباع نزعاته العدوانية، وحب الاستحواذ على التراث والرغبة الجانحة في الحكم.