سيكون إعلان وتحديد يوم بدأ الحوار الوطني يوما وطنيا وعالميا للحوار الشامل على مستويات لم نتخيل يوما أن تتحاور. وسيكون حوارا قويا ومكتسحا ومتبادلا بعنف بين كل فئات وشخصيات ومدخلات المجتمع اليمني بكل اختلافاتها ومكوناتها وتعددها.
ولن يكون مقتصرا على الساسة أو المصفقين للساسة أو الواجهات المهمشة أو المدفوعين والمندسين ..بل سيكون شاملا وملما بكل اليمنيين.سيكون حوار اليمني المبتلى والصابر المحتسب مع نفسه المرهقة والمشبعة بأماني تموت كل يوم أمام ناظريه لا يملك حق إنعاشها، أو الحفاظ عليها.
سيكون حوار بين الرجل وأبنائه وكيف انه لم يكفل لهم معيشة مشروعة لكل البشر ..لماذا عجز عن توفير متطلبات الحياة لهم أو حمايتهم من كل الأخطار التي تحيط بهم.
سيكون حوار بين العامل المستعبد الذي يسقي الأرض بدموعه قبل عرقه وبين رب العمل الظالم الجاحد والغير منصف.. مصاص دماء الفقراء والمساكين.
سيكون حوار بين المستأجر الذي تلاحقه نهاية الشهر طوال عمره حتى تقطع أنفاسه وبين المؤجر الذي انتزعت إنسانيته وحل بدلا عنها سندات قبض الأرواح والأرزاق ولا بسط أبدا.
وسيتحاور السائق الذي مل دفع الأتاوات في كل جولة مع كل مخالفة أو بدونها مع رجل المرور عديم الضمير الذي يقف في الشارع كي يجبي أموال الكادحين لا أن ينظم سيرهم.
وسيشمل الحوار قطعان القبائل والمتقطعين ليكون لهم حوارا مع التحضر والمدنية ليلحقوا بركب البشر العقلاء ويتركوا أوهام داحس والغبراء.
وحوارا للسجناء في سجون لا تصلح أ ن تكون حظائر للحيوان مع مسؤولين مرفهين في قصور بنيت برشاوي الظالم والمظلوم، مسؤولين لربما كانوا اشد إجراما من سجناء دفعتهم ظروفهم للأجرام.
وسيكون حوارا مؤثرا بين مهربي الموت في جرعات الأسلحة والدراجات النارية والدواء الفاسد والغذاء المسموم والمبيدات القاتلة وبين قوافل ضحاياهم على طول الوطن وعرضه.
وسيكون حوارا بين زارع القات ومبيداته المدمرة صديقة السرطان، وبين شجرة البن والمزروعات التي اجتثها ليحل بدلا عنها رمزا آخر للتخلف والفقر والمرض.
حتى أسلاك الكهرباء وخطوط توصيل النفط ستحاور منتهكها ومن يمزق أوردتها كي يشل اليمن بأكمله.
سيكون حوارا بين القاتل والضحية ...بين الأحلام وواقع الكوابيس.
وكما سعينا لهيكلة حقيقية وشاملة للجيش اليمني ونسينا أننا بحاجة لهيكلة أنفسنا ولملمة أشلاء رغباتنا المبعثرة علينا ان لا ننسى أننا بحاجة لحوار شامل لنعرف ماذا نريد من هذا التحاور؟.