من خلال قراءة أولية للأسماء التي وردت في قرار رئيس الجمهورية الخاص بتشكيل مؤتمر الحوار الوطني الشامل أجد ان هناك ما يبعث على التفاؤل ومثله ما يضاعف الإحباط، رغم أني أؤمن يقيناً أن النتائج ومايسبقها من إجراءات ومداولات حقيقية هو المفترض وليس الأسماء. كنت أعتقد أن أكبر أسرة سيكون منها أعضاء في مؤتمر الحوار ستكون أسرة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر – رحمة الله عليه- لكن المفاجأة أن اثنين منهما فقط (صادق وحميد) كانا ضمن قائمة الإصلاح وأستبعد الآخران (حمير وحسين)، فيما ظهرت أسر أخرى بألوان حداثية وأطياف حواثية وأشكال قومية ويسارية.
أعجز عن ذكر أسماء الأسر التي وجد منها أربعة وثلاثة أعضاء بأسمائهم وأسماء أسرهم المعروفة وقد يكون منهم آخرين بأسماء أخرى وأنساب وأصهار، وكأن تلك الأحزاب خلت من الشخصيات في ذات التوجه والشرائح المهنية والمنظمات والمرأة ل(تغرز) عند أسر بعينها بحكم تواجدها الحزبي.
يعني لا فرق بين كل الأطياف فجميعهم (مغرزون) وممنوع حد يضحك على الثاني، فهل فقط يستفز الكثيرين وجود نجلين للشيخ الأحمر في قائمة الإصلاح فيما لا يستفزهم وجود 3 أو 4 من بيت دماج أو من بيت القاضي من مأرب أو شرف الدين؟.
قائمة الإصلاح كانت مستفزة لي حينما أطلعت عليها وخفف استفزازها لي الاكتفاء بنجلين للشيخ الأحمر، لكن حينما أطلعت على قائمة الاشتراكي والناصري والحوثي شعرت باستفزاز مضاعف، حيث ظهر جلياً أن الجمعة الجمعة والخطبة الخطبة ولا غير الله حال.
الأمر لا يقتصر على ذلك، غير أن الأحزاب دفعت بقياداتها كلهم ولم تستثني أحداً ممن مللناهم، بل واستثنت من كنا نرغب بوجودهم في مؤتمر الحوار الوطني.
وخلت قوائم الأحزاب من الخبراء والمختصين خاصة خبراء القانون الدستوري وأنظمة الحكم والانتخابات والعلوم السياسية وعلم الاجتماع والقانون الدولي الانساني وكثيراً من المجالات المهمة التي وضعت ضمن أجندة مؤتمر الحوار الوطني.
بالتأكيد، لا تخلو قائمة تحتوي 565 إسماً من أشخاص وجودهم يثلج الصدر (ذكوراً وإناثاً)، غير ان القائمة تحتوي أسماء كثيرة مللناهم كمسؤولي دولة ومنظرين في مختلف شؤون الحياة، وفاشلين نقابياً وانتهازيين في إطار منظمات المجتمع المدني ووصوليين في الأحزاب ومتعصبين مذهبياً ومناطقياً وقبلياً.
وهناك أسماء لأشخاص آخرين كانوا هم أو آباءهم - وربما أجدادهم- مشاركين في حوارات ما بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر والمصالحة الملكية الجمهورية وصراعات الجبهتين القومية والتحرير ومفاوضات الوحدة اليمنية وفترة الأزمة السياسية بعد قيام الوحدة وحوارات المؤتمر والمشترك.
في قائمة حزب الإصلاح أثلج صدري اسم الصحفي الثائر فهد كفاين عنوان جزيرة سقطرى الأجمل، وفي الوحدوي الناصري كان اسم الصحفي القدير عادل عمر رمز ثوار إب له ذات التأثير وفي قائمة الاشتراكي تظل الناشطة الحقوقية الزميلة سامية الأغبري واحدة من الأسباب للاقتناع ببقية الأسماء.
المجال لايتسع لسرد مايفرح ويحزن ويضحك ويبكي في قائمة أعضاء مؤتمر الحوار الوطني، لكن نتمنى منهم جميعاً ان يخلعوا ثياب التعصب والفشل ويدوسوا على التنظير الكاذب والتخندق الضار وما يتصل به، ويتدثروا بثوب واحد هو اليمن الجديد الذي ينشده الناس من صعدة شمالاً حتى سقطرى جنوباً.
وفق الله اليمن للانطلاق نحو مستقبل مشرق وحلم بدولة مدنية، دولة الحق والعدل والنظام والقانون والمواطنة المتساوية، وهو ما سكب الشهداء لأجله الدماء وقدموا التضحيات لعقود عدة.
ومد الله اليمن بالقوة ومنحها النصر المؤزر لتتجاوز خلافات الساسة التي أنهكتها وأنهكت شعبها منذ نصف قرن.
وفقكم الله يا أعضاء مؤتمر الحوار الوطني وسدد خطاكم إن كنتم تخوضون معركتكم السلمية هذه لأجل اليمن ومصلحة إنسانها وحماية حاضرها ومستقبلها، وأحبط الله مخططاتكم ومؤامراتكم وتكتلاتكم وتحالفاتكم إن كنتم تريدون من وراء المؤتمر هذا المصالح الشخصية أو الحزبية أو القبلية أو المناطقية ولا تريدون مصلحة اليمن وشعبها الصابر والعظيم.