قال تمام سلام رئيس وزراء لبنان الذي يستعد لتشكيل حكومة تهدف الى حل أشهر من النزاع حول الانتخابات البرلمانية وحماية لبنان من الحرب في سوريا المجاورة يوم الاحد ان الانتخابات المقررة في يونيو حزيران المقبل تواجه تأخيرا محتملا. وقال سلام وهو من الشخصيات المعتدلة التي فازت بدعم سياسي واسع ليصبح رئيس وزراء انه سيحاول جمع كل التيارات السياسية المتناحرة في حكومة تكون اولويتها تمهيد الطريق للانتخابات البرلمانية. وقال سلام انه في ظل معارضة معظم الكتل السياسية لقانون الانتخاب الحالي بما في ذلك حزب الله القوي المدعوم من ايران وقوى 14 اذار المدعومة من المملكة العربية السعودية والغرب فان التوصل الى اتفاق بشأن قانون انتخابي جديد سيستغرق وقتا. أضاف "لا شك ان هذه الحكومة هي حكومة عنوانها الاساسي اجراء الانتخابات النيابية فهي حكومة المصلحة الوطنية والمصلحة الوطنية تقتضي في هذه المرحلة ان تتم الانتخابات لان هذا الاستحقاق الدستوري الديمقراطي هو ما يؤمن للبنان الامن والاستقرار." وتابع سلام في مقابلة مع رويترز في قصره الانيق المبني على الطراز العثماني في منطقة المصيطبة ببيروت حيث كان يستقبل حشودا من المهنئين "هي حكومة انتخابات عمرها من عمر الانتخابات تجري وتشرف على هذه الانتخابات وتسلم الامانة لانه دستوريا بعد الانتخابات فورا تستقيل الحكومة." لكنه أضاف "هناك عدة إحتمالات. هناك إحتمال هو الاسوأ هو إحتمال الفراغ وهذا يبعدنا كثيرا عن المؤسسات وعن الديمقراطية ويضع البلد في المجهول وهذا أهواله ومخاطره كبيرة جدا. وهناك إحتمال لتأجيل تقني ريثما يتم إقرار قانون جديد للانتخابات وهذا قد يحدث وهو أقل ضررا وأقل سوءا ولكن هناك أيضا إحتمال لتمديد المجلس النيابي سنة أو سنتين وهذا أيضا ربما يطعن فيه دستوريا وهو إحتمال فيه مخاطر." وردا على سؤال حول إستحالة إجراء الانتخابات في موعدها قال سلام وزير الثقافة السابق البالغ من العمر 67 عاما "حسب على أي قانون. إذا كان (وفق) قانون الستين الحالي فما زال هناك مجال لإجراء الانتخابات في موعدها ولكن إذا لم يكن لأن غالبية القوى السياسية معارضة لهذا القانون فإخراج قانون جديد سيتطلب وقتا." وسلام المولود لعائلة سياسية مسلمة سنية بارزة متحالف مع قوى 14 اذار برئاسة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري لكن تم إختياره كمرشح توافقي مقبول من قوى الثامن من آذار المنافسة والتي تضم حزب الله وحلفاءه. ويسود البلاد توتر سياسي حاد منذ اندلاع الحرب في سوريا حيث تدعم قوى 14 اذار الانتفاضة في حين تؤيد قوى الثامن من اذار الرئيس بشار الاسد. لكن سلام حصل على تأييد 124 عضوا من 128 في البرلمان يمثلون المعسكرين المتنافسين. وعندما سئل عما اذا كان سيسعى الى تشكيل حكومة تمثل جميع الفصائل السياسية في لبنان بما في ذلك حزب الله الشيعي قال سلام "لا اعتقد ان المحاذير التي لم تتجسد في التكليف يجب ان تتجسد في التأليف. طالما الكل شارك في التكليف فان الكل يجب ان يشارك في التأليف ايضا." وردا على سؤال حول توقعاته بشأن سرعة تشكيل الحكومة أقر سلام بان الامور ليست ممهدة قائلا "في أي تأليف لاي حكومة في أي ظرف الامر ليس سهلا ويتداخل مع الكثير من المعطيات ويأخذ وقتا." وأضاف "أول أولوياتي حاليا هو تأليف الحكومة وهذا يتطلب جهدا... وان شاء الله لا يطول لان الناس تنتظر انه كما تم التكليف وبالطريقة التي تم فيها يتم أيضا التأليف." بيد أنه أعرب عن أمله في أن تعي كل الاطراف السياسية الظرف الدقيق الذي تتخبط فيه البلاد على وقع التطورات الجارية في سوريا والمنطقة. ورفض الخوض في تفاصيل شكل الحكومة وحجمها ريثما تتم الاستشارات النيابية لتشكيلها هذا الاسبوع. وكلف الرئيس اللبناني ميشال سليمان السبت سلام بتشكيل الحكومة بعد أسبوعين من استقالة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي امضى عامين في منصبه سعى خلالهما إلى احتواء التوترات الطائفية والاضطرابات والمعارك في الشوارع والعواقب الاقتصادية نتيجة الحرب الأهلية في سوريا. وتبنى ميقاتي سياسة النأي بالنفس عن الازمة السورية وسعى لابعاد بلاده عن الاضطرابات. لكن احيانا وجد ميقاتي نفسه على خلاف مع وزير خارجيته الذي انتقد بشدة خطوة جامعة الدول العربية تعليق عضوية سوريا وبدا مترددا في نقل احتجاجات الحكومة بشأن القصف السوري عبر الحدود. وقال سلام "النأي بالنفس كان عنوانا جيدا ولكنه لم ينفذ بشكل صحيح وانه شهد بعض القصور من حين لاخر." وأضاف ان لبنان بحاجة لاخذ موقف واضح فيما يخص سيادته وتعهد سلام بتشديد الامن على الحدود. وقال ان الخطوة هدفها ايضا منع عبور مسلحين من لبنان للانضمام الى القتال. وقال ان فلسفته هي "الاعتدال في بلد كان حكمها معتدلا لسنين طوال ولكن عانت من التطرف في احيان اخرى." وينحدر تمام سلام الذي درس الاقتصاد وادارة الاعمال في بريطانيا من عائلة سنية بيروتية جذورها عميقة في السياسة ومعروفة بخطاب الاعتدال. فهو نجل الزعيم السني الراحل صائب سلام الذي تولى رئاسة الحكومة ست مرات بين عامي 1952 و1973 والذي كانت تزين سترته قرنفلة بيضاء رمزا لسلام العائلة. ووالدته التسعينية هي من عائلة دمشقية بارزة. وقال "تاريخيا عشنا في لبنان في وضع دقيق للغاية... متأثر بالتطورات العربية والاقليمية والدولية وكذلك داخليا من الاطراف الدينية المختلفة التي يتكون منها البلد." وأضاف "الان هناك حد ادنى من الاستقرار في البلاد وحد ادنى من القانون والنظام. لكن هذا يكفي للحفاظ على لبنان (وبالنسبة لنا) لممارسة مهامنا الديمقراطية."