تقدم مجموعة من الطلاب بدعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية في صنعاء ضد وزارة التعليم العالي بتهمة ارتكاب مخالفات صريحة وإقصائهم من المنح الدراسية في الخارج رغم استحقاقهم، في وقت يتهمونها بابتعاث آخرين غير مستحقين من أبناء الوزراء والمسؤولين والمشايخ. وأبلغت مصادر ذات صلة "المصدر أونلاين" أن 16 طالباً ممن حصلوا على معدلات مرتفعة فوق ال90 قرروا مؤخراً التقدم بتلك الدعوى إلى المحكمة الإدارية التي من المتوقّع بدء النظر فيها عقب الإجازة القضائية الحالية.
وحصل "المصدر أونلاين" على أسماء الطلاب ال16 الذين تتراوح معدلاتهم بين 90% (عملي) كأقل معدل، و96% (علمي) كأعلى معدل، والذين مازالوا منتظرين لمنحهم منذ ثلاث سنوات، وبعضهم مر على انتظار فرصته أربع سنوات.
وكان الطلاب تقدموا بشكاوى سابقة إلى عدّة جهات عُليا معنية، بينها مكتب رئاسة الجمهورية، أوضحوا فيها أن وزارة التعليم العالي قامت مؤخراً بإصدار قرارات تقضي بابتعاث بعض الطلاب للدراسة خارج الوطن على نفقة الدولة (رسوم دراسة + مساعدة)، على الرغم أن معدلات بعضهم أقل بكثير من المعدلات التي حصلوا عليها.
وقبلها تقدّموا بشكوى إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، الذي قام حينها بتحرير مذكرة إلى مكتب رئاسة الجمهورية، أخطره بعدم التزام الوزارة بالأسس والقواعد العامة للترشيح والإيفاد للطلاب الدارسين في الخارج على حساب الدولة.
وأكدت المصادر، التي حضرت إلى مقر "المصدر أونلاين"، أن كافة الطلاب ال16 حصلوا على قبول من جامعات في الدول المراد ابتعاثهم إليها، تنفيذاً لطلب الوزارة منهم ذلك، إضافة إلى اللغات المطلوبة للدراسة فيها. غير أن الوزارة ظلت في كل مرّة – وعلى مدى السنوات الأربع الماضية - تماطلهم بكتابة عبارة "يُضاف إلى كشف الحصر". وبحسب توضيحات المصادر، فإن ضمهم إلى كشوفات الحصر يعني أنهم مستحقون للابتعاث، ومن المفترض ضم أسمائهم إلى أي قرار وزاري قادم، إلا أن قرارات الوزارة التالية كانت تتعمد تجاهلهم، بينها آخر قرارات صدرت منذ أواخر العام الماضي، والتي شملت طلاباً آخرين بعضهم غير مستحقين، بينهم حاصلون على معدلات لم تصل إلى 60%..!!
وفي السياق، أوضحت المصادر أن الوزارة قامت مؤخراً (نهاية العام 2012، وتحديداً في شهر ديسمبر) بإصدار قرار وزاري يقضي بابتعاث 244 طالباً للدراسة في الخارج ضمن منح "التمويل الحكومي"، إلا أن القرار لم يشمل أي من الطلاب ال16 المحالين منذ أربع سنوات إلى "كشوفات الحصر".
وأضافت أنه وبعد هذا القرار السابق (ابتعاث 244 طالباً)، أصدرت الوزارة قراراً آخر، في 23 ديسمبر 2012، شمل ابتعاث 66 طالباً للدراسة في الخارج. وقالت إن هذا الكشف الأخير "كان بمثابة كارثة وفضيحة أخرى تضاف إلى رصيد الوزارة الممتلئة بالفساد والفضائح" - حد وصف المصادر، التي أكدت أن مجموعة ممن شملهم هذا القرار اتضح أنهم أبناء مشايخ ووزراء ونافذين في أجهزة الدولة، إلى جانب بعض أبناء وأقارب مسؤولين كبار في الوزارة نفسها..!!
وأكدت أنه ومن خلال الرجوع إلى الكشف الخاص بأسماء المبتعثين، الذين لم ترد الوزارة في كشوفاتها (متعمدة) معدلاتهم التي حصلوا عليها "حتى لا تنكشف فضائحهم"، اتضح بعد البحث والتقصِّي أن بعضهم معدلاتهم متدنِّية كثيراً، مقارنةً بمعدلات متفوقة كثيراً "ولا يوجد أدنى شك أنها مستحقة" لطلاب ظلوا ما يقارب أربع سنوات بانتظار فرصهم عاماً بعد آخر.
واستشهدت المصادر بورُود اسم نجل الشيخ محمد بن ناجي الشايف ضمن قرار الوزير الأخير، كأحد المبتعثين للدراسة في المملكة المتحدة (بريطانيا)، رغم حصوله على معدل 89% فقط..!! طبقاً لوثيقة خاصة حصلت المصادر على نسخة منها بعد البحث والتقصِّي.
كما أشارت أيضا إلى وجود اسم "أشرف هشام شرف عبدالله" نجل وزير التعليم العالي، ضمن تلك الكشوفات، للدراسة في الولاياتالمتحدة، موضّحة أن القرار صدر بعد شهرين فقط من تعيين هشام شرف وزيراً للتعليم العالي.
ويضم هذا الكشف، أيضا، سحر علي مجور ابنة رئيس الوزراء السابق علي مجور، للدراسة في كندا. ويشغل مجور حالياً منصب مندوب اليمن الدائم لدى مفوضية الاتحاد الأوروبي، في جنيف.
وإلى جانب ما سبق، تفيد المصادر بأن شقيق رئيس جامعة عدن، عمار صالح بن حبتور، حصل هو الآخر على منحة لدراسة الدكتوراه في ماليزيا، إضافة إلى أحد أبناء الدكتور محمد السعدي وزير التخطيط الحالي.
وتفيد المصادر، أيضا، بأن تلك القرارات، التي صدرت بعدها قرارات مماثلة أخرى، ولم يتسنّ الحصول على الأسماء الخاصة بها حتى الآن، تأتي بعد قرار أصدره وزير المالية – مازال معلقاً على باب مدير البعثات - يقضي بوقف الابتعاثات خارج إطار التخصص العلمي.
وتؤكد أن الوزارة خالفت تلك التوجيهات بمنح نجل الدكتور رشاد العليمي، وزير الداخلية الأسبق، منحة إلى كندا لدراسة علم الاجتماع.
وأكدت المصادر ذاتها أن أحد الطلاب المستحقين للابتعاث (معدله فوق ال90%، ويطارد منحته منذ أربع سنوات، وكان حصل على موافقة من دولة أجنبية للدراسة فيها) أوقفت معاملته مؤخراً بتهمة أنه "من شباب الثورة الذين يثيرون الفوضى ضد الوزارة". في إشارة إلى تصريحات سابقة له على إحدى القنوات الفضائية، كشف فيها فضائح وفساد الوزارة.
وعبر "المصدر أونلاين"، وجّه مجموعة من الطلاب ال 16 المتفوّقين في المجال العلمي، ولم يحصلوا منذ أربع سنوات وحتى الآن على فرصهم للابتعاث، مناشدة إلى رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي للتدخل من أجل تصحيح هذه الاختلالات التي قالوا إنها "تُقصي المتفوقين وتحرمهم فرصهم المستحقة بموجب القانون، وتمنحها لغيرهم من الفاشلين الذين ليس لهم من مؤهل سوى المشيخة والمسؤولية والقرابة".
وطالبوا في مناشدتهم رئيس الجمهورية إنقاذ التعليم وتمكينهم من فرصهم التي بذلوا الغالي والنفيس أثناء الدراسة مضحين بأنفس ما يملكون من مال ووقت من أجل التفوق والحصول عليها، التي صدموا بمنحها لمن لا يستحقها ولم يبذل لها أي مجهود.