على الأقل هادي ليس كاذباً كسلفه. لا ينتقد الكثيرون هادي ويعارضونه على أدائه واستراتيجيته، ولا نتيجة دوافع وطنية نظيفة، فغالبية ناقديه ومعارضيه يعارضونه لأنهم يعتاشون على فضلات موائد أخرى، تتبع إما مراكز نفوذ مختلفة، أو مراكز طامحة للسلطة، وإما قوى فاسدة بقي لديها أمل بالعودة، وتتصور هادي عائقها. ما يسمى معارضة هادي، لا يتوافر على أي منطق بناء، منفصل عن المراكز الفاسدة، ولا يمكن تمييزها بأنها معارضة وطنية دون أن نشك في دوافعها، باستثناء النزيهة منها فعلاً، هذه المعارضة الصغيرة لا تتوافر كذلك على نقودات جدية حقيقية، ويستطيع الجميع تمييزها، والتفريق بينها وبين الحملات، وهذه الحملات الابتزازية والمساومة عموماً سوف تتغيير إذا تغير موقف هادي منها، فهي لا تعارض لتغيير سياساته، وإنما لتحسين ظروفها وشروطها، معارضة باختصار لا تعارض من منطلق المبدأ، ولكن بهدف المصلحة الخاصة.
نحن في الحقيقة نعيش معارضة الأغراض الصغيرة، معارضة فتات الموائد، لا المعارضات التي تحمل فلسفات ودوافع عظيمة. وليس هناك أسوأ من حال شعب، ضمنه أشخاص يمكن استخدامهم، في اليوم الواحد، لجميع الأغراض، هؤلاء حالياً يعادون هادي، لا يعارضونه.
ويستطيع أي من هؤلاء ان يثبت ان دوافعه ضد هادي وطنية، وليست دوافع فتات الموائد.
لست واقعياً، ولا أتبنى مفاهيم الواقعية، لكن باستطاعتي الذهاب إلى ان العداء لهادي يقود البلد إلى الأسوأ والمجهول، فهادي استلم بلداً ليست على ما يرام، فاقدة حتى لمظهر الدولة، وتتسم بالفساد بكل أشكاله والانقسامات بكل أنواعها، بلد كهذا لا يفترض ان يحمّل شخص واحد كافة المسؤولية عن أحداثه ونتائجها، وخاصة وهو أبعد ما يكون عن امتلاك القدرة على السيطرة عليه، بسبب غياب أدوات ومؤسسات الدولة التي تمكنه من السيطرة عليه أساساً.
يحاول هادي، بمسؤولية، تجنب الصراع والاستفزاز، مع كل ما حوله، ويوجه دائماً حديثه بمسؤولية أكبر نحو الشعب، رافضاً فكرة إشعال البلد وإقحامها في صراعات خاضها سلفه، وكانت نتيجتها ترك هذه التركة التي نراها، رئيس كهذا وهذه استراتيجيته، نلاحظها جميعا، لا أدري لماذا تدفع البعض لمواجهته، لا مساندته، وخاصة من الذين يريدونه ان يخوض معركة مع خصومهم، معركة لم يخضها أصلاً سلفه الذي يعارضون هادي لأجله، عوض ان يتحملوا مسؤولية وطنية معه.