كم نحن اليوم بأمس الحاجة لعودة الشهيد المناضل عبد الرقيب عبد الوهاب أو ظهور شخصيات وطنية مثيلة له, فعمّا قريب قد تشهد صنعاء حصارا جديدا يسعى لإنهاء ثورة 11 فبراير إلى الأبد بهدف العودة بالشعب إلى ذات المربعات الماضوية, وأخطر ما فيه التقاء مصالح بقايا أدعياء الإمامة والجمهورية, فربما استدعاء الموتى الرجال من شهداء ثورة سبتمبر العظيمة , خير من استدعاء الأحياء من أدعياء ثورة أصابتهم نوبة الخذلان وافترقوا في سبيل تحقيق مآرب سياسية آنية متناسين مستقبل أمتهم ووطنهم . بدعم لوجستي وعسكري من بقايا نظام صالح تسقط عمران بيد ميليشيا الحوثي , لتبيت الحوثية قاب قوسين أو أدنى من العاصمة صنعاء , وتبدو معها دلالات تباشير عدد من خلايا الحوثية النشطة داخل صنعاء العاصمة بقرب دخول ميليشياتهم لإسقاط صنعاء واقعية ومعلومة لديهم مسبقا .
الصمت والتخاذل اليوم يعيدان إلى الأذهان حصار السبعين والتفاف أعدائها عليها داخليا وخارجيا لإجهاضها , ويشعرنا بمدى حاجتنا لرجل كعبد الرقيب الذي وقف بتحد منقطع النظير دفاعا عن العاصمة وعن ثورة سبتمبر بجيش قوامه (30) جندياً في مواجهة أكثر من (200) ألف مرتزق تم تجميعهم من كل حدب وصوب وإغراقهم بالأسلحة والأموال، ولم يكن أمام عبد الرقيب سوى الصمود وبشجاعة القائد المنافح عن الثورة قال قولته : " جئت صنعاء لا أملك سوى بزتي العسكرية وبها سأموت أو أنتصر للثورة " هذا رغم خذلان كثير من قيادات الثورة الذين أحسوا بإمكان سقوط صنعاء المحاصرة من معظم جبالها المحيطة , وببسالة حقق مع رفقائه الثوار البواسل نصرا ثوريا أشبه بالحلم رغم سقوط معظم المناطق بيد العصابات الإمامية .
صنعاء اليوم أشبه بصنعاء حصار السبعين , وثورة 11 فبراير أشبه بثورة 26سبتمبر , مع فارق أن الثانية انتصرت بفضل رجالها الأوفياء والأولى تنتظر اليوم من ينتصر لبقائها وتثبيت عراها , وإلا فإنها تبقى رهن الفشل وتراجع أهدافها المدنية الحديثة .
إن القوى المتآمرة على ثورة 11 فبراير لا تريد لها الانتصار أو النجاح، لأن أهدافها الساعية لتثبيت دولة مدنية تعمل لتثبيت سيادة النظام والقانون وتحقيق العدالة والمساواة بين الأفراد والطبقات والفئات الشعبية على اختلافها , تتناقض وأهدافهم الفردية العائلية والوراثية , والسلالية المنوية .
سقوط عمران لا يعني نهاية الحرب فكل المبررات التي بناها الحوثيون ومن يشايعهم لإشعال الحروب وإسقاط المدينة قد أزيلت في أوقات سابقة من قبل الدولة التي عرت حقيقتهم من خلال تلبية طلباتهم, لكنهم مع كل تلبية لطلب يبنون مطالب ومبررات جديدة للبقاء , فأهداف الحوثية وبقايا نظام صالح لن تنتهي حد استشهاد العميد حميد القشيبي والسيطرة على اللواء (310 ) أو إسقاط مدينة عمران , فقد هيئوا للوصول إلى صنعاء ميليشياتهم في المناطق المحيطة بها وخلاياهم داخلها، إضافة إلى من سيأتي منهم من عمران وهم يستعدون في خطوة لاحقة لدخولها , وتصريحاتهم بعدم دخول صنعاء , لم يكن سوى تكتيكا لاستعادة الأنفاس وتطمين الدولة , وترتيب الأوضاع والبحث عن مبررات جديدة تتناسب ودخول صنعاء – كما عودونا على ذلك – فهم لا يعرفون اتفاقات ويجيدون نقض العهود والمواثيق ويسعون لتحقيق ما يصبون إليه فقط .
سقوط صنعاء لن يعني سوى سقوط الجمهورية والثورة واليمن في يد براثن التخلف والرجعية والوصولية والسلالية والعائلية وعصابات المصالح .. فمن ينقذها إن لم يتوفر لها رجل كعبد الرقيب عبد الوهاب يعيد للجمهورية اعتبارها وللثورة القها .