مع الاعتذار للأديب محمد القعود الذي أستعير منه عنواني الذي كتب تحته مقالا منذ حوالي عقد عن ذاته الصلعاء كمشروع رئاسي حالم بحكم وطن طوباوي يقيم فيه مدن وأحلام الفارابي الفاضلة. الحوثيون كمشروع سياسي ديني يستند إلى ميتافيزيقا ظهور صاحب الزمان المعروف ب " المهدي المنتظر " وخروجه من سردابه ليحكم الأرض ممثلا للآل فإننا كيمنيين في مثل هذا الظرف الحساس والصعب والحرج رغم تحسرنا من مواقف الرئيس الهادي وضعفه الذي أدى إلى إضعاف الجيش وسقوط الدولة بيد الميليشيا الحوثية المسلحة وهو ما ادى الى سقوطه شخصيا بأيديهم وسجنه في منزله إلا أننا مع ذلك انتظرنا لحظة خروجه الأشبه بخروج المهدي المنتظر بقلق فائض من سرداب إقامته الجبرية تحت وطأة الحوثية في منزله ليعيد آخر شرعية ( الرئاسة ) كادت تؤدي إلى شرعية الانقلاب الحوثي حال سقطت إلى أن جاء الفرج فكان لنا أصلع الوطن المنتظر ( الرئيس ) كما لهم المهدي المنتظر .
ومع تخوفنا مرة أخرى أن يكون مجرد حلقة جديدة في مخطط كبير يستهدف إسقاط الجنوب إلى جانب إسقاط الشمال في أيديهم إلا أننا مع ذلك تحدونا رغبة عارمة أن يكون خروجه من سردابه الستيني قد أدى إلى صحوة ضمير أخرى تتجاوز أخطاءه الفادحة بحق وطنه وشعبه الذي أمل فيه ليبدأ معه صفحة جديدة من الصدق والوفاء والإخلاص والبناء والعمار.
كاد قطار التاريخ أن يخلفه وراءه كما خلف غيره ممن قدموا أنفسهم على الشعب واعتبروا أنفسهم فوق الوطن إلا أن هادي وبعودته إلى كرسي الثعابين بات بإمكانه استدراك ما كاد أن يفوته واللحاق بالقطار وعبوره لتدوين صفحات أكثر نصاعة . كم كنا سنحزن - وسبق وأعلنا الحزن - إن كان هادي قد ذهب كما ذهب سابقوه إلى مزبلة التاريخ محملا بأنواع الشتائم الصادرة من الألسن اللاهجة بالنعت والكراهية لشخصه لكن بإمكانه الآن إعادة الأمل والبشاشة في الوجوه المحبطة والقلوب المكلومة والأعين الحسرى والألسن العاثرة أمام انهيار أمة بأسرها إذ هو المسئول عنها أمام الله والتاريخ والشعب .
يستطيع أن يكون الفارس والملهم والقائد والفذ والموحد والرمز أن يتجاوز بشعبه المحن إلى بر الأمان وحياة الاستقرار والسكينة والأمن والطمأنينة لو أخلص النوايا وسار على درب عظماء التاريخ الذين أفنوا حياتهم لبناء ونهضة أممهم فالتاريخ اليمني المعاصر بحاجة إلى من يتسيد مواقفه بشجاعة وتفاني مهمة الرئيس الهادي في هذه المرحلة اللحاق بسجل التاريخ لتدوين اسمه فالتاريخ فرص يصعب التقاطها وعليه التقاط فرصته ليضم اسمه مع عظماء التاريخ الذين وهبوا انفسهم وحياتهم وراحتهم واموالهم لأوطانهم وان كانت فرصته التاريخية قد فاتته – قبل انقلاب 21سبتمبر وأثناءه – فهي اليوم قد واتته من جديد وعليه أن يكون نبيها وذكيا إذ البيئة الشعبية باتت بمسيس حاجة إلى مخلص ومخلص يعمل على ترتيب أوراقه المبعثرة وإعادة روح الطمأنينة للنفوس القلقة من مستقبل مجهول يصعب حتى على أصحاب الدراية من قراء الواقع قراءته والتنبؤ به .