كان المهندس ناصر الجرادي ، واحد من كبار مهندسي النفط في القطاع 32 بمحافظة حضرموت (جنوبي شرق اليمن) ، لكن الحرب قلبت حياته راسا على عقب ليصبح عامل تكسير فحم في احد محلات بيع الفحم ، وقصته تلخص معاناة موظفي شركة النفط النرويجية DNO باليمن. ففي مطلع العام 2015 ومع سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنيةصنعاء ، قررت شركة DNO ايقاف عملياتها ومغادرة البلاد وتسريح موظفيها دون اية حقوق .
وكان الجرادي واحدا من 198 موظفا وعاملا سرحتهم الشركة النرويجية بشكل تعسفي ، وبعد مرور عدة اشهر نفذت مدخراته ومثله بقية زملاءه ، واتجه للبحث عن عمل ليحصل على بعض المال يسد به جوع أولاده ، وهو حاليا عامل للفحم.
وغير الجرادي ، كان زميله المهندس خالد شعلان ، يعمل بوظيفة مساعد لمشرف الموقع في القطاع النفطي 43 وبعد تخلي الشركة عنه وعجزه عن دفع ايجار السكن قرر مغادرة صنعاء والعودة إلى قريته ، وقد وجد عملا هناك بعيد تماما عن تخصصه ، لقد اصبح عامل بناء.
بعد شهر من مغادرة الشركة النرويجية وتحديدا يوم 26 ابريل 2015 ، وصل لموظفي الشركة قرار تسريحهم من خلال رسائل نصية الى هواتفهم ، وطلب منهم تسليم العهد والذهاب للشركة للتوقيع على المخالصة النهائية ، وتم اشعارهم ان راتب شهر مايو 2015 هو الاخير.
واكد المتحدث باسم نقابة موظفي وعمال DNO باليمن انيس الهتاري، ان شركتهم ارتكبت جريمة من خلال تسريحهم وان الحكومة تركتهم للمعاناة ويصارعون الجوع
وقال الهتاري ل"المصدر اون لاين :" تم معاملتنا بظلم كبير بسبب غياب الدولة ، نحن من الطبيعي أن ننتقل الى كادر وزارة النفط وننظم لبترومسيلة حيث سينتقل القطاعين الانتاجيين 32 و 43 الى بترومسيلة ، والاتفاقية بين الحكومة والشركة يوجب عليها معاملتنا كما فعلت توتال من تسليم القطاع مع الموظفين.، حيث نحن تدربنا على تشغيل القطاعين بكادر وطني 100c/o وانفقت الحكومة على تدريبنا لذلك الاموال الطائلة بحسب اتفاقية الانتاج.
واوضح الهتاري ، انه عند اندلاع الحرب في اليمن نهاية مارس 2015 تخلت الشركة عن غالبية موظفيها في اليمن بدون إتباع الطرق القانونية في اليمن لتسريح العمال وبدون تعويضات عادلة مستغلة غياب الحكومة ومخالفة لقوانين اليمن والاتفاقية الموقعة بين الشركة ز الحكومة.
واكد الهتاري ، انه منذ 19 شهرا وموظفو شركة DNO يعانون ظروفا قاسية ومعيشة صعبة في ظل الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية والمواصلات وانعدام التأمين الصحي مما تسبب بضرر نفسي ومادي كبير.
ونتيجة تعليقها المفاجئ للعمل وفصل الموظفين بطريقة مخالفة لقانون العمل اليمني رفع الموظفون دعوى قضائية ضد الشركة النرويجية مطالبين فيها الحصول على رواتبهم والاستمرار في وظائفهم وقد صدر حكم من المحكمة العمالية يؤيد طلبهم في تلك الدعوى.
وصدر حكم من اللجنة التحكيمية لمنازعات العمل بأمانة العاصمة قضى بإعادة العمال إلى أعمالهم وصرف مرتباتهم المتوقفة لمخالفة الشركة شروط إنهاء خدماتهم.
و يوم 21 ديسمبر 2016 قامت نقابة عمال شركة DNO-Yemen برفع دعوى ثانية ضد الشركة مطالبين بجميع الحقوق التي ضيعتها الشركة طوال 15 عاما من العمل معها. مثل نواقص التأمينات وبدل العمل الليلي وبدل المخاطر والصحراء ومكافات لسبع السنوات وتعويض العمال عن الضرر النفسي الذي تعرضوا له.
وأصدرت الشعبة المدنية الأولى بمحكمة استئناف الأمانة بصنعاء ، 22 نوفمبر 2016، قرارا بإجراء الحجز على أملاك شركة DNO النرويجية وأرصدتها لدى البنوك تلبية لطلب تقدم به عمال الشركة في اليمن ، في قضية منظورة لدى الشعبة تتعلق بإنهاء خدمات العمال بمخالفة القانون.
ونفذ عشرات من موظفي شركة DNO النرويجية والمسرحين تعسفيا وقفة إحتجاجية، 28 يناير الماضي، في ساحة العروض بمنطقة خور مكسر في العاصمة المؤقتة عدن للمطالبة بحقوقهم المشروعة ، منددين بالإجراءات الغير القانونية والتي اتخذتها الشركة العاملة في قطاع النفط بحق قرابة 200 موظف وعامل حيث تم فصلهم بشكل تعسفي مخالف لقوانين العمل المعمول بها في كل الشركات الأجنبية العاملة في اليمن.
ويأتي تصرف الشركة النرويجية على العكس تماما من شركة توتال الفرنسية التي قدمت جميع حقوق موظفيها وعمالها ومكافآت مجزية عن فترة خدمتهم وقبل مغادرتها اليمن بذلت توتال جهودا لنقل موظفيها وعمالها الى شركة النفط اليمنية بترو مسيلة التي استلمت الحقول التي كانت تشغلها الشركة الفرنسية
وهم يخوضون صراعا قضائيا ضد الشركة النرويجية ، فان عمال وموظفي شركة DNO باليمن يؤكدون انهم سيكافحون حتى انتزاع حقوقهم ، لكن المشكلة هي تجاهل الحكومة ووزير النفط.
ويقول خبراء في النفط ، ان تصرف الحكومة يثير الاستغراب ، فهي تحتاج الى موارد مالية وهذا يكون من خلال تشغيل القطاعات النفطية التي توقفت ومنها القطاعين 32 و43 ، كما تحتاج الى الكادر النفطي المؤهل.
وكان مجلس تنسيق نقابات موظفي القطاعين 32 و43 ، حذر من أن ترك منشئات القطاعين بدون موظفين وعمال سيعرضها للتلف وربما التخريب بل إن توقف المنشئات منذ سنة ونصف عن العمل يتسبب حتما في صعوبة إعادة التشغيل بسبب التآكل الذي يصيبها.
وقال المجلس في بيان :" كلما طالت فترة التوقف كلما زادت كلفة الصيانة وإعادة التشغيل، لذلك نطالب وزير النفط بسرعة ضمنا لشركة بترومسيلة وإعادة جميع العمال والموظفين المظلومين إلى أعمالهم واعتماد الكلفة التشغيلية العاجلة حفاظا على هذه المنشئات والقطاعات التي سترفد الإقتصاد الوطني"