عبروا كل الشواطئ، تخطوا كل الحواجز، تحدوا الصعاب، تحملوا حر الشمس ولهيبها، ومشقة صعود الجبال، وكانوا يداً واحدة، لا أنانية تطغى عليهم، ولا يأس يحبطهم. كانوا فريقاً يعمل بروح الجماعة لا الفرد، جماعة لكن بجسد واحد لأجل أن يصلوا إلى نهاية ترضي الجميع، من أجل تحقيق مستقبل أفضل ليمن ينقصه صدق الوعود، وإخلاص النية، وتحويل الأقوال إلى أفعال، وما إن تمسكوا بالفعل بعد القول، وأخلصوا النية لوجه الله لا لوجه المصلحة الشخصية، تحقق لهم ما سعوا إليه، وأنشأوا يمناً واحداً من أقصاه إلى أدناه، يمناً لكل اليمنيين شماليين وجنوبيين. ضحوا بالغالي والنفيس لأجل اليمن، وترجموا أقوالهم إلى أفعال واستحقوا لقب الأبطال، أولئك سياسيو الماضي القريب الذين صنعوا الوحدة بدمائهم، وقبل ذلك بحنكتهم وتمسكهم بمبدأ اليمن أولاً.
فهل يعلم سياسيو اليمن اليوم أن اليمن أغلى من أن تدوسه الحزبية التي لم يعرف أصحابها التقليديون كيف يستخدمونها ويوظفونها لخدمته وخدمة أبنائه؟ هل يعرفون أن اليمن أغلى من أن نقول: هذا حزب حاكم وذاك معارضة! ترى هل خطر على بالهم يوماً أن اليمن أغلى من أن يحشد كل حزب جيوشه لتناصره في مواجهة وانتقاد الحزب الآخر! إليكم أيها الساسة يا حكام البلاد، وإليكم أنتم في المعارضة.
اليمن أغلى من أن تصعدوا على المنابر وتخطبوا الساعات الطوال في سب وانتقاد لا أساس له إلا زيادة الفجوة بين أبناء الوطن الواحد، أقول لكم اليمن تسكن شغاف القلوب، ومسكنها في أعماق كل يمني، وليست شعارات نتغنى بها وقت الأزمات كما تفعلون أنتم، فحذار أن تكون اليمن الورقة التي تلعبون عليها لتحقيق مآربكم السياسية.
إذا أردتم أن تلعبوا فالعبوا بعيداً عن مشاعرنا، فنحن يمنيون حكمتنا شهد بها أعظم خلق الله صلى الله عليه وسلم، فلا تستغفلونا فقد استغفلتمونا كثيراً، وتنازلنا وتساهلنا عن كثير من حقوقنا إلا اليمن فلا ولن نتنازل عنها وعن وحدتها التي جاءت بشق الأنفس، ولن نقبل إلا بيمن موحد من شماله لجنوبه، ولن نعيش إلا أحراراً تحت ظلال وطن واحد، فاحذروا واعلموا أن اليمن واحد لا يقبل القسمة على اثنين، وكفاكم لعباً بمشاعرنا. المصدر أونلاين