أثارت الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء التابع لجماعة الحوثيين بخصوص التحقق من دخول شهر رمضان، موجة ساخرة بين اليمنيين، وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلات الفورية بالرسائل المتهكمة من تلك الفتوى. وكانت دائرة الفتوى للجماعة أعلنت أن اليوم الأربعاء هو المتمم لشهر شعبان، لكنها استدركت بأن صيامه كيوم من أيام رمضان، يحتاط للمرء المسلم من إثم إفطاره، في حال كان اليوم هو أول أيام شهر الصوم.
وهذه هي المرة الأولى التي يجد اليمنيون أنفسهم فيها أمام فتوى على تلك الشاكلة.
ويصوم اليمنيون وفق قرار لجنة الإفتاء التي تعتمد على قرار لجنة الأهلة، والأخيرة لجنة حكومية مهمتها التحقق من رؤية هلال رمضان، وقرارها هو القول الفصل، لكن المسألة اختلفت مع سيطرة الحوثيين على الحكم.
فرغم قرار اللجنة بأن اليوم هو المتمم لشعبان، صدر بيان وزارة الأوقاف التابعة للحوثيين، بأن «الإشكال حاصل في اختلاف التقاويم والحساب عند أهل المعرفة هل المتمم لشعبان هو يوم الثلاثاء ويحسبونه الثلاثين من شعبان أم هو يوم الأربعاء وكثير من العلماء من يؤكد أن الأربعاء هو أول أيام شهر رمضان وأن هلال رمضان يمكن رؤيته لولا الغيم».
وجاءت الردود على القرار ساخرة، حيث تبادل اليمنيون التهاني في هذا اليوم، وأسموه «شعبمضان مبارك».
وعلق المدون أمجد خشافة على القرار، وكتب في تدوينة على صفحته بموقع «فيسبوك»، «الحوثي يدعو لصيام الأربعاء على سبيل الاحتياط، عملًا بالقاعدة الفقهية: سبرت حجنة، عوجت شريم».
أما سياف الغرباني فكتب «رمضان الخميس، ولا بأس تصوموا الأربعاء...! كل واحد حسب مزاجه. هي هذه الفتاوي والا بلاش».
ويعود الجدل في ذلك إلى أن اليمنيين يصومون رمضان وفق حديث النبي، «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ: فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ»، بالموازاة مع حديث مأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام حول كراهية صيام يوم «الشك»، والذي يرجح أنه يوم ال30 من شعبان.
لكن بقدر ما تحول الأمر إلى سخرية وتهكم من قرار الحوثيين، باعتبار الفتوى تفتقر إلى الدقة، وهي صورة لما آلت إليه الأوضاع في اليمن من انهيار على جميع الأصعدة، لكن الحوثيين استندوا إلى رأي فقهي كما يقولون.
ويذهب الحوثيون إلى قول مأثور عن الصحابي علي ابن أبي طالب، حول صيام هذا اليوم، وفيه قال «لأن أصوم يوما من شعبان، أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان».
وجاء في بيان دار الإفتاء التي شكلها الحوثيون برئاسة أحد فقهاء الجماعة ويدعى شمس الدين، أن «دار الإفتاء تنوه على أن من صام يوم غد الأربعاء احتياطا فلا بأس بذلك وقد ذهب إلى ذلك كثير من الصحابة منهم الإمام علي وعمر وأبن عمر وعائشة وأسماء وغيرهم وقال كل منهم، لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان».
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن عدداً من الطوائف الإسلامية من بينهم الشيعة والطوائف المتفرعة منها، فإنها تستند إلى أقوال فقهية تستحسن صيام يوم الثلاثين.
وبحسب مقالة منشورة على موقع «إسلام ويب» المتخصص في الشؤون الإسلامية، فان الآراء الفقهية السُنية بشأن صيام «يوم الشك» انقسمت إلى خمسة، الأول يرى «كراهة» صيامه، والثاني يرى أنه غير مكروه، أما الرأي الثالث فيرى أنه إذا كان الجو صحواً ولم يُرى الهلال فإن صيامه مكروه لكن إن كان غائماً فصيامه جائز.
والرأي الفقهي الرابع يرى أن يتّبع الناس إمامهم، فإن صام صاموه، وإن أفطر أفطروه، أما الرأي الخامس فيرى جواز صيامه «نافلة» وعدم جواز صيامه عن رمضان.