هيمن موضوع استفتاء جنوب السودان على العديد من الصحف السودانية والمواقع الإلكترونية المرتبطة بها. وفي حين بدت نبرات تفاؤل أحيانا بأن الجنوب قد يبقى ضمن إطار السودان الموحد، فقد رأى كثيرون أن سودانا واحدا بات جزءا من الماضي وأن ما يجري اليوم ما هو إلا إرهاصات لذلك الانفصال الأكيد. وتنبثق من بين المواقف تصريحات يتيمة أوردتها صحيفة الرأي العام السودانية في طبعتيها العربية والإنجليزية ونسبتها لجيمس واني، رئيس برلمان الجنوب ونائب رئيس الحركة الشعبية ومفادها أن الوحدة "ما زالت ممكنة".
وبحسب واني فإن "الميل الكبير داخل الحركة باتجاه الوحدة"، مشيرا في هذا الصدد إلى سقوط ثلاثة أحزاب كانت تدعو للانفصال في الانتخابات الأخيرة، بالجنوب.
وقال واني إن قيادات الحركة التي تتحدث عن الانفصال "غاضبة" وتريد الضغط على الحكومة المركزية لتنفيذ المشروعات التنموية والخدمية بالجنوب.
وكشف عن أن حركته ستقود في الفترة المتبقية قبل الاستفتاء حملة للتنوير بأهمية الوحدة، وتوقع حدوث مفاجأة في النهاية بأن يختار الجنوبيون وحدة البلاد، بيد أنه اشترط أن تعمل الحكومة في الخرطوم بجد لترجيح هذا الخيار.
وأضاف "هنالك مسؤولية أخلاقية تجاه الآلاف من الشهداء، من كل مناطق السودان، ممن ناضلوا من أجل وحدة البلاد على أسس جديدة".
ويقابل تلك النغمة المتفائلة ما أورده راشد عبد الرحيم في عموده على نفس الصحيفة وما أوردته كذلك جريدة الصحافة السودانية من أن باقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية وزير السلام بالجنوب يقود اليوم حملة خارجية شرسة للترويج للانفصال.
وبحسب الرأي العام فإن الرجل "في رحلات خارجية" متواصلة تبدأ ببريطانيا، "التي وضعت أسس الدولة الجنوبية المسيحية"، وهي رحلة وصفتها الصحيفة بأنها لبحث متطلبات الدولة الجديدة التي ستقام في الجنوب.
وفي "الصحافة" يتساءل الزين عثمان عن دور قوى جوبا، التي بدأت تحزم حقائبها في موسم جديد للهجرة إلى الجنوب في مسعى لإبقاء الوحدة الوطنية.
غير أن عثمان لا يبدي أملا كبيرا في تلك الرحلة التي ستواجهها بحسبه عراقيل كثيرة، والتي هي "كالمستجير من نار المؤتمر الوطني برمضاء الحركة الشعبية"، لافتا إلى أن عراب مؤتمر جوبا السابق باقان أموم أصبح يجلس في منطقة أخرى حازما حقائبه في المطارات مسوقا لفكرة الانفصال.
وفي "الصحافة" كذلك يشير حيدر إبراهيم علي إلى أن الفترة الأخيرة شهدت عملية تطبيع ممنهج ومقصود لتداول فكرة انفصال الجنوب واستخدامها مفهوما عاديا لا يحتاج إلى نقاش أو تفسير، ويضيف أن ذلك "أمر خطر على عقل وفكر المواطنين والقيادات والنخب". أما موقع وكالة أنباء سونا الرسمية، باللغة الإنجليزية، فينسب لرئيس حزب الأمة القومي المعارض الصادق المهدي الدعوة إلى تحقيق وحدة طوعية في البلاد، وإلى مواجهة الأصوات التي تخون آلية الحكم الذاتي وتطالب "باستقلال" الجنوب كما لو كان خاضعا للاستعمار من قبل الشمال.
ودعا المهدي إلى عقد مائدة مستديرة لمناقشة كل القضايا العالقة على الساحة، وكذلك إنشاء آلية وطنية لتنفيذ برنامج لتعبئة من أجل الوحدة الوطنية.
أما موقع جريدة سودان تريبيون ومقرها باريس فأشار إلى أن تحالفا دوليا من 24 من منظمات العمل الخيري وحقوق الإنسان أصدر تقريرا حذر فيه من أن السودان "غير مستعد بشكل مفزع" لاستفتاء تقرير المصير المقرر عقده في أوائل يناير/ كانون الثاني المقبل.
وبحسب المدير التنفيذي للمركز الأفريقي لدراسات السلام والعدالة عثمان حميدة، وهو عضو في الائتلاف الدولي، فإن "فشل الاستفتاء يمكن أن يدفع السودان من جديد للعودة للحرب".
ويطالب حميدة المجتمع الدولي بالاستفادة من الفرصة التي وفرها اتفاق السلام الشامل لضمان إجراء استفتاء حر ونزيه.
ودعا التقرير، المعنون ب"تجديد الوعد" القوى التي شهدت اتفاق السلام عام 2005 لدفع الجانبين للتوصل إلى اتفاقات لتنظيم استفتاء عادل، وإلى حماية الأقليات في أراضيها.