*سارع المرجفون والشامتون للحديث عن الخلافات الخليجية بعد قيام كل من السعودية والإمارات والبحرين على سحب سفرائها من دولة قطر ، فقد اعتبر البعض إن مجلس التعاون الخليجي الذي يجمع الدول الست في طريقه إلى الاندثار وسوف تنشأ تحالفات جديدة ، وآخرون اعتبروا الهدف من وراء تلك الخطوة إعادة قطر إلى العبائة السعودية ومنعها من الاستقلال في قرارها ، وفي رأي المتواضع أنها كلها هرطقات وكلام لا يتزن بالحكمة والعقلانية وأن الحكماء في تلك الدول يستطيعون بالعقل والحكمة إعادة اللحمة الخليجية إلى ما كانت عليه ، والتأكيد لجميع الشامتون والساخرون بأن الأخوة في البيت الواحد قد يختلفون وقد يتراشقون في الكلام لكنهم في النهاية يبقوا أخوة، وإذا خرب البيت فإن جدرانه سوف تتهاوى على الجميع ولن يسلم أحد ، ولكن السؤال الذي أرغب في الإجابة عليه هو موقف اليمن وفخامة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي من هذا الحدث ، وهل سيقف مع قطر أم مع الدول الثلاث وخاصة السعودية ؟ *وقبل الإجابة عن السؤال دعونا نتذكر ماذا كان المحللون والخبراء ودهاقنة السياسة في شتى أرجاء المعمورة يقولونه ويروجون له قبل إندلاع حرب الانفصال في صيف 94 في اليمن ، فقد كانوا يؤكدون فيما لا يدع مجالا للشك أن اندلاع الحرب في اليمن سيجعل مما حدث في الصومال مجرد لعبة أطفال، واستندت تلك التحليلاتت إلى عدة أسباب أبرزها توفر السلاح في اليمن، واعتبار أن في كل منزل يوجد من ينتمي إلى حزب ، بمعنى أن المنزل اليمني الواحد يجمع الناصري بأخيه الإصلاحي او المؤتمري أو غيرها من الأحزاب وبالتالي فإن القتال سيكون داخل المنازل نفسها ، ولكن كل هذا كان مجرد كلام فارغ لا يغني ولا يسمن من جوع ، فقد سلم الله اليمن من كل شرور تلك التحليلات ولم تمر سوى شهرين حتى كانت الأمور مستتبة وهرب دعاة الانفصال إلى غير رجعة . *والرئيس هادي ومعه كل اليمنيين الشرفاء يتذكرون الموقف القطري الرائع حيث وقف بكل مالديه لمساندة الشرعية والدفاع عن الوحدة اليمنية ، كما أن فخامته ومعه الشعب اليمني الذي يتميز بالإيمان والحكمة يتذكرون المواقف الرائعة للمملكة العربية السعودية التي وقفت وما تزال تقف إلى جانب وحدة اليمن وأمنه واستقراره وكانت الشقيقة الكبرى التي وقفت مع اليمن في أزمته مع النظام السابق وحالت المبادرة التي كانت المملكة تقف ورائها دون اندلاع حرب أهلية في اليمن، وهي الحرب التي كان الكل يجمع بأنها ستأكل الأخضر واليابس ، ومثلها دولة الإمارات التي لم تكن بخيلة وساندت اليمن في شتى المواقف ويكفي أن نتذكر أن مؤسس هذه الدولة الرائعة هو الشيخ الحكيم زايد بن سيلطان آل نهيان رحمة الله عليه. *لذلك فإن الكثيرون يحدوهم الأمل بأن يكون موقف فخامة رئيس الجمهورية هو الذي يعكس الحكمة اليمانية، ويكون موقف الأخ الكبير من الخلاف بين أخوته ، وندعوا له من كل قلوبنا أن ينجح في عمله في الإصلاح وتقريب وجهات النظر بين الأخوة الخليجيين لإصلاح ما تخرب ، فمها حدث تبقي هذه الدول ( قطر والسعودية والبحرين والإمارات ) دول يجمعها أكثر مما يفرقها ، ففي دول مجلس التعاون كل شيء مترابط (أرضا وإنسانا ، جغرافية وتاريخ ) وهم أخوة قد يختلفون بشدة ، ويتلاسنون أو يتراشقون في الكلام، ولكن الاختلاف قد يكون رحمة في كثير من الأحيان، فقد جعلنا الله شعوب وقبائل لنتعارف لا لنتعارك، وفي الأخير فإن شعوب وقادة تلك البلدان هم أخوة في كل شيء ربما تختلف وجهات النظر لكن خلق الله لنا عقلا لنتحاور ونصل إلى ما ينفع الجميع ويخدم مصالحهم ... من كل قلوبنا نتمنى أن تدوم المحبة بين شعوب وقادة دول المجلس ، وأن يزول هذا الحدث الذي هو سحابة صيف ، وربما يكون ما حدث ورائه خير كثير لا ندركه ، فرب العزة يقول في محكم التنزيل ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) _________________ صحفي يمني مقيم في الرياض