*سألت أحدهم عن الأسباب التي تجعل البعض يقولون إن شعب اليمن هو شعب عرطة ( عرطة باللهجة اليمنية تعني مغنم أو غنيمة )، فأخبرني بحكاية طريفة يعود زمانها إلى الانتخابات البرلمانية اليمنية للعام 93م، فقد أقسمت إحدى الأمهات على أبنائها السبعة أن يمنحوا أصواتهم لأحد المرشحين دون سواه، وجعلت كل واحد منهم يضع يده في كتاب الله ويقسم أنه سيعطي صوته لذلك المرشح. *وحين اعترض أحدهم أرغت الأم وأزبدت وهددته بالويل والثبور وعظائم الأمور، وأقسمت يمينا مغلظا أنها ستتبرأ منه، وسوف تدعوا عليه في كل صلاة تفرضها، وستحرم عليه رؤيتها طالما هي حية ترزق، فخاف الولد وأرتعب ووافق صاغرا، وقد جاء إليه أحد الأبناء وأكد له أن والدته تحترمه كثيرا، وطلب منه التدخل لإقناع والدته بالعدول عن قراها، وحين توجه إلى الأم لإقناعها بالعدول وترك أبنائها يختارون من يرونه مناسبا، وذكرها بأن هذا الأمر أمانة، نظرت إليه بشماته وهي تقول كنت أعتقد إنك عبقري ، لكن طلعت عبقري بلا عين ( بقري ) *ثم أكد لي أن الأم التي بالكاد تستطيع كتابة اسمها أدهشته بمدى معرفتها بما يدور، وأوضحت له أن الجميع لصوص، ولا فرق بين هذا وذاك، فالجميع يسعى للسرقة ونهب المال العام ( أنت رجال فاهم، وتدري أنها كلها تمثيلية، فهذا يتهم ذاك، وكل واحد يكيل التهم للأخر ويقول كلاما معسولا ويرمي بالوعود الكاذبة، وحين يبعد خصمه ويحل مكانه، يصبح أشر منه، ويجعل الأخرين يندمون عليه، ويدفعهم للقول جني نعرفه ولا انسي ما نعرفوش). *أسمع يا بني... كل اليمنيين صغيرهم وكبيرهم ، المتعلم والجاهل، الفقير والغني، يدركون إن كل المسئولين لصوص وقحين، وهم يعلمون أن أحد لن يحاسبهم، ولولا خوف أي وزير من ثورة الموظفين في وزارته إذا لم يسلمهم الرواتب ، فلن يتردد أبدا في سرقة الميزانية وإغلاق الوزارة ، فليس هناك من يحاسبهم، ومن امن العقاب أساء الأدب، وهؤلاء النواب الذين يجهلون ماذا تعني كلمة دستور، وعاجزون عن كتابة أسمائهم، لن يكونوا قادرين على التشريع، فالتشريع الوحيد الذي يفهمونه هو قانون النهب والسلب وتحقيق مصالحهم. *أما بالنسبة للأحزاب – كل الأحزاب دون استثناء - فهي أحزاب شيطانية شعارها أنا ومن بعدي الطوفان، والوزير الذي يمثل هذا الحزب أو ذاك لا يفكر إلا بتحقيق مصالح حزبه ولو كانت على حساب الشعب والوطن، والوزير الشريف الذي يقرر أن يعمل من أجل مصالح الشعب والوطن غير آبه بمصالح الحزب، فسوف يعظ أصابع الندم ، لأن الحزب سيرى فيه غير كفئ للمنصب، وسيأتون بوزير همه وشغله الشاغل مصالح الحزب قبل كل شيء، والكارثة إن كل حزب يعتقد أنه هو الحارس الأمين لمصالح الشعب. *تعتقد انك وأمثالك فقط تدركون ما تعاني منه اليمن، فتتفلسفون وتنظرون في كتاباتكم السخيفة والمملة، التي لا يقرائها أي واحد من المسئولين، فليس لديه وقت لمثل هذا الكلام الفارغ ، وكل ما يهمهم مقدار ما ينهبون، حتى لو أثبتم في كتاباتكم بالدليل القاطع والبرهان المؤكد بأن هذا المسئول أو ذاك لص وخائن، فهذا لن يهز حتى شعرة من رأسهم، وسيبقون معززين مكرمين، ينهبون ويسرقون ويوظفون أقاربهم ويحصلون لهم على المنح إلى أن يشأ الله دون حسيب ولا رقيب، فكلنا نعلم أنهم لصوص لا يخافون الله ، ولكن ما باليد حيلة... عشان كذا نحن شعب عرطة وأنا واحدة منهم، والمرشح الذي أقسمت على أولادي أن يمنحوهم صوته أعطاني مبلغا يكفيني لعام كامل وبعدها سيأتي الله بالفرج... ودمتم بخير _______________ صحفي يمني مقيم في الرياض [email protected]