“جزى الله الشدائد كل خير عرفت بها صديقي من عدوي” بيت الشعر هذا ينطبق على مواقف بعض الدول التي ما ان أعلنت “عاصفة الحزم” حتى أصدر قادتها تصريحات لا تعبر عن حقيقة موقفهم، وظنوا خلالها أنهم يستطيعون الاستثمار في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الخليج العربي. تخيل هؤلاء ان الأمر سيبقى عند حدود التصريحات لا أكثر، لكن عندما خضعوا للامتحان رسبوا بامتياز، هذا بالضبط حال باكستان التي تبرعت حكومتها بالدخول في التحالف العربي – الإسلامي، ولم يطلب منها رسميا ذلك، فدول “مجلس التعاون” عندما اتخذت قرارها في مواجهة الغزو الإيراني المقنع لليمن، كانت تدرك منذ البدء ان مسؤولية أمنها القومي تقع عليها وحدها، ولهذا لم تنتظر احدا في اطلاق عاصفة حزمها. في الموقف الباكستاني الذي اتخذ عبر شماعة تصويت البرلمان على الحياد في ما اسماه “الصراع في اليمن” سقط قناع الابتزاز تحت شعارات حماية الاماكن المقدسة الإسلامية، ووحدة المصير الإسلامي بين إسلام أباد والرياض، فهي كانت اداة من أدوات الابتزاز السياسي وتوهمت قدرتها على استخدامه لتغذية اقتصادها المأزوم، فيما كانت دول الخليج تدرك منذ البدء ان المساعدات التي تقدمها لتلك الدولة هي من أجل اخماد نار التطرف المنتشرة في تلك المنطقة ومساعدة إسلام أباد للتغلب على الفقر الذي هو السبب الاول لخروج مناطق شاسعة عن سيطرة الدولة، حيث تنشط الجماعات الارهابية التي لا شك تشكل تهديداً ستراتيجياً للأمنين الخليجي خصوصا والإسلامي عموما. وحتى لا يذهب الخيال الباكستاني بعيدا في التوهم انها دولة كبرى فاعلة في الإقليم والعالم الإسلامي، لا بد من العودة الى تاريخها العسكري، فهي في كل الحروب التي خاضتها كانت الهزيمة من نصيبها، منذ حربها مع الهند التي أدت الى ولادة بنغلاديش من رحمها عام 1970 وصولا الى حربها على جماعة” طالبان”، حيث عجزت عن تأديبها وقطع دابر إرهابها، ولهذا ربما نفهم لماذا طأطأت رأسها لإيران ولحست وعودها لخوفها من هزيمة جديدة على حدودها مع نظام الملالي الخبير في تفريخ الجماعات الارهابية. لا شك ان القيادة الباكستانية ارتكبت خطأ في رهانها على إيران، وحتى خوفها منها، وهي عاجلا أو آجلا ستكتشف ان التبجح الإيراني بالقدرات الصاروخية والتسليحية، والتلويح ببرنامج نووي ليس أكثر من لعبة ممجوجة، لا سيما ان هذا النمر من الورق حين اقترب من لحظة الحقيقة في ما يتعلق بالكشف الكامل عن برنامجه النووي، والتي لا شك سيتبعها المجتمع الدولي بالكشف على برنامج الصواريخ الباليستية، ستكتشف كغيرها ان كل هذا ليس أكثر من دعاية كاذبة تشبه تماما الدعايات المزيفة التي أطلقها صدام حسين طوال 12 عاماً بعد اندحاره من الكويت، وكيف تهاوت قواته بضربة سريعة ووصلت الدبابات الاميركية الى عمق بغداد بعد أيام قليلة من معركة تحرير العراق. دول الخليج ليست بحاجة الى باكستان، بل الاخيرة هي من تحتاج هذه الدول في شتى المجالات، وهي قادرة على حماية امنها القومي، خصوصا في ظل تحالفها مع عدد من الدول العربية كالأردن ومصر، ومسنودة من التحالف الدولي الذي يدعمها سياسياً وعسكرياً، وهو ما دفع إيران الى السعي لدى كل الدوائر في العالم الى وقف عاصفة الحزم حماية لصبيانها في اليمن، الذين ربتهم كما ربت ربيبها في لبنان حسن نصرالله وعصابته على الشغب والارهاب، اعتقادا منها انها تستطيع ابقاء الحوثيين خيال مآتة لها في اليمن تخيف عصافير المنطقة، لكن سيخيب ظنها، كما خاب في الكثير من الملفات. بقي القول إن على إسلام أباد التمعن جيدا في المخطط الإيراني، وخصوصا محاولة طهران تخويف العالم بقدراتها التسليحية، هذه القدرات المزعومة التي سقطت عند أبواب البحرين، ولم تطل المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، ولا استطاعت الاستقرار في اليمن.