تشهد الجبهات القتالية في الجمهورية اليمنية معارك عنيفة في كلا من محافظة تعز و مارب والجوف و لحج و ابين و غيرها من الجبهات المشتعلة بفتيل الحرب بين قوات الشرعية و مليشيا الانقلاب .. هذا على الصعيد الميداني . و هناك معارك اخرى تدور في اروقة السياسة و من خلف الكواليس لا تقل خطورة عن المعارك العسكرية. وفي رائي الشخصي فان اشتداد المعارك في الاونة الاخرة بمعظم الجبهات القتالية ما هو الا محاولة لكل الاطراف لرسم خارطة نفوذ و سيطرة لفرض مكاسب سياسية في قمة الكويت المرتقبة .. و كذالك هي المعارك السياسية لا تقل ضرواة عن تلك العسكرية .. فمثلا قرار الرئيس هادي الاخير بازاحة بحاح من منصب نائب الرئيس و تعين الفريق محسن بدلا منه ، كان محرجا و قرارا قصم ظهر مليشيا الانقلاب في اليمن لأنه ببساطة قضى على اخر آمال تحالف الانقلاب في الخروج بمكاسب سياسية من مفاوضات الكويت المقبلة . ليس هذا وحسب بل ووضع جماعة الحوثي وحلفاء صالح بين خيارين إما المضي في المفاوضات و مناقشة آلية تطبيق القرار الأممي 2216 أو المضي في الحرب ومواجهة نتائجها مرة أخرى. بالاشارة الى ان كل الأطراف اصبحت تدرك تماما ان خيار الحرب بات مكلفا جدا و لا نتائج حقيقة تلوح في الافق القريب حتى اللحظة .. وخاصة في تحالف الانقلاب الذي اصبح يعاني من شحة كبيرة بالاسلحة و الاسلحة الثقيلة تحديدا نتيجة للضربات الجوية المركزة و المتواصلة على عتاده العسكري منذ ما يقارب العام .. و برهان على ذالك ما وجد على مكونات السفينة الايرانية التي تم تفتيشها قبل يومين يتضح حجم الضرر الذي تتعرض له هذه القوات في ضل غياب الاسلحة الثقيلة عن معظم معاركها .. لذى فان قرارات الانقلاب و صمتها المطبق على قرارات هادي الاخيرة . بمثابة الموافقة و القبول بالحوار كحل اقل تكلفة . رغم ان قرار هادي كان صادما على ما يبدوا لم يستفق تحالف الحوثي صالح من الصدمة بعد او انه لم يعد لديه خيارات أخرى ليقدمها . لذى نجد السياق السياسي في تحالف الانقلاب مستمر رغم التغيرات الجديدة في اروقة السياسة و ما صاحبها من زخم إعلامي متفوات .. و كغير عادتهم في استغلال الفرص اعلاميا و تهويل الاحداث و تزيف الحقائق ، الا اننا نجدهم انتهجو التجاهل في قرار بحاح الاخير الرافض لقرار الرئيس هادي واكتفوا فقط بتغطيته اعلاميا كغيرهم. ويبدوا ان تحالف الانقلاب بدأ بالاستسلام الضمني و الرضوخ للسلام و الحل السياسي مهما كانت نتائجة .. ولكن في مقابل ذلك تطلب المملكة ضمانات أكيدة لعدم التعرض لحدودها من قبل جماعة الحوثي او قوات صالح ... و هنا يتحتم على تحالف الانقلاب الاستمرار في إثبات حسن نواياها تجاه المضي في خيار التهدئة والمفاوضات لانه الخيار الوحيد المتاح لهم . و هذا ما اكده ناطق جماعة الحوثي محمد عبدالسلام حينما قال ان الجماعة استلمت مسودة اتفاق وقف إطلاق النار من "الأممالمتحدة" وسلمنا ملاحظاتنا عليها، وما زال النقاش جاريا على المسودة ولم يتم الموافقة عليها بعد". و هذا يعني ان الجماعة ابدت حسن النوايا الجادة في إطار التحضير للاتفاق النهائي ولم يتبق لانجازه سوى بعض الملاحظات. و كذالك ايضا قبول جماعة الحوثي بوجود مراقبين دولين لمراقبة وقف اطلاق النار الشامل (عسكرين بطبيعة الحال ) و هو الأمر الذي كانت ترفضه الجماعة تماما .. مع العلم أن تدريب المراقبين بدأ بالفعل في الكويت وهو امرا لا يمكن ان يتم الا بموافقة كل الأطراف المتصارعة . و كانت جماعة الحوثي قد اتفقت مسبقا مع المملكة على وقف إطلاق النار في الحدود اليمنية السعودية و عليه فان وجود المراقبين امرا حتمي سوا تم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في الكويت او لا . و يجد المتتبع لتطورات الأحداث في الساحة اليمنية بشقيها السياسي و العسكري فانه يجد ان فريق الشرعية استطاع ان يوجد ارضية ثابتة يمكن الوقوف عليها للمفاوضات في الكويت ، عكس تحالف الانقلاب الذي اصبح يبحث عن حل فوق اي أرض وتحت اي سماء .