أثارت التصريحات الاخيرة لرئيس الدبلوماسية السعودية عادل الجبير الذي قال فيها أن الحوثيين جيران لنا وان الأولوية هي ملاحقة التنظيمات الإرهابية الأخرى في اليمن ويقصد بها القاعدة و (داعش ) إثارت هذه التصريحات ردود فعل واسعة . ومن خلال قراءتي المتواضعة للأحداث لا اجد في كلامه ما يستحق هذه الضجة . فالحوثيون هم فعلا جيران للمملكة . أما الشق الثاني من التصريح فكلنا يعلم أن تنظيم القاعدة متواجد بصورة رسمية ومسيطر على بعض المناطق الجغرافية في جنوب وشرق اليمن (أبين ) و (حضرموت وشبوة ) وهذا لا يعني عدم وجوده كخلاياء في بعض المناطق الشمالية وكلنا يعلم أن التواجد العسكري في جنوب وشرق اليمن هو للإمارات على حساب السعودية والتي اتضح لها أن الإمارات لها أجندة مختلفة عنها تماما ستؤدي إلى الإضرار بالمصالح القومية للمملكة واليمن . الإمارات استعانت با الأمريكان لتقوي موقفها في الجنوب في وجه السعودية وقد وافق ذلك اصلا رغبة أمريكية والتي تسعى إلى ترتيب أوراق معينة مع المملكة. كانت الاستعانة بأمريكا تحت ذريعة مكافحة الإرهاب رغم أن الحلف الإسلامي الذي أعلنته السعودية وشمل 40 دولة إسلامية والإمارات نفسها عضو فيه هذا الحلف مخصص اصلا لمحاربة الإرهاب في العالم الإسلامي كما جاء في بيان التأسيس. إلا أن الإرهاب عند الإمارات وأمريكا له صور أخرى تماما غير الذي نعرفه نحن . السعودية تدرك اللعبة تماما مثلما تدرك أن ورقة محاربة الإرهاب هي نفسها ورقة العبور والتواجد العسكري لها في المحافظاتالجنوبية والشرقية ومثلما تدرك انها كلما حاولت التقدم إلى الأمام في قضية اليمن على كل الاجاهات تشدها امريكاوالإمارات وبعض دول الإقليم من تلك المناطق إلى الخلف بطريقة أو بأخرى . الإنفصال رغبة إماراتية وإقليمية لحسابات ضيقة من ناحية الإمارات عكس السعودية التي ترى في الإنفصال إلحاق الضرر بها من الناحية الاستراتيجية في المنظور القريب قبل البعيد ومن الناحية الأدبية كذلك فهي تسعى لتزعم العالم العربي والإسلامي فكيف يكون لها ذلك إذا انفصل اليمن تحت اشرافها وهي التي أعلنت للعالم أن تدخلها فيه جاء من أجل إنقاذه . توجه السعودية اليوم بخصوص وحدة اليمن هو عكس توجهها في حرب الإنفصال عام 1994م بسبب تغيرات ومعطيات كثيرة حدثت في محيطها وأهمها سقوط البوابة الشرقية المتمثل في العراق بيد غريمها التقليدي وعدو العرب إيران وقد ساهمت امريكا في ذلك . لهذا تدرك السعودية أن انفصال اليمن سيعجل حتما بسقوط البوابة الجنوبية بيد نفس العدو وبمساعدة امريكا كذلك ومعها بعض العربان وليس شرطا أن يكون من الشمال فقط فقد اثبتت الأحداث بوضوح أن لإيران كذلك مخالب وانياب في الجنوب تحت مسميات مختلفة وهذا مالا يمكن أن تقبل به السعودية . السياسة السعودية معروف عنها طول النفس والصبر وتتصرف تصرف الشيخ الوقور صاحب الخبرة والتجربة والذي قد حفر الزمن خدود له على جبينة ولا شك أن القيادة السعودية الحالية ستستفيد من أخطاء من سبقها حيال الكثير من الملفات في المنطقة وهذا شيء طبيعي فالاحق يستفيد من أخطاء السابق .. بينما نجد هنا أن الإمارات تتصرف كشاب مراهق يفتقر إلى الخبرة والمعرفة. حفظ الله اليمن الارض والانسان من كل مكروه وحقن دما أبنائه .. ثقوا بالله اولا يا ابناء اليمن وثقوا أن دهاء الصحراء سيغلب دهاء الأبراج.