كان على الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح قبل أن يحاول التغطية على الخسائر البشرية الحقيقية التي تكبدتها ميليشياته بقوله انها تبلغ ستة آلاف قتيل، وايضا قبل زعمه قدرته على الاستمرار بالحرب عشرات السنين، ان ينظر الى واقع اليمن القابع في آخر ترتيب الدول، أكان في مجال التنمية او سهولة الحياة، او السلام والامن، ويتمعن اكثر بعشرات الاف القتلى الابرياء الذين ذهبوا ضحية طموحه بالعودة الى السلطة حتى لو على الجماجم. تمسُّكُ صالح ومن خلفه الحوثي بمنطق الحرب لتحقيق اهدافهما هو قتل عمد للشعب الذي يرزح نحو 55 في المئة منه تحت خط الفقر، وهي نسبة آخذة بالتزايد جراء استمرار اللاستقرار، لذا فان مماطلة وفد صالح –الحوثي في مشاورات الكويت وعدم الرضوخ للأمر الواقع تدل على لا مبالاة هذا الفريق بعذابات اليمنيين. لا شك ان تصريحات علي عبدالله صالح عن هزيمة التحالف والحكومة الشرعية هي بمثابة اضغاث احلام لان ما تحقق خلال العام الماضي بدحر المقاومة والجيش الشرعي عصابات صالح – الحوثي من غالبية المناطق والمدن وعزلهم في صنعاء وبعض الجيوب، قد غير المعادلات ليس في اليمن وحده، بل في المنطقة ككل. ما فات صالح، هو ان هدف التحالف العربي، لم يكن الحرب من اجل الحرب، انما حماية المدنيين من القتل العبثي الذي يتعرضون له على ايدي مرتزقة ايران، ولذلك اذا كانت المواجهات استمرت سنة وبضعة اشهر فذلك نتيجة للحرص على ارواح اليمنيين وعدم تدمير ما تبقى من البنية التحتية في بلد يعاني اصلا من الفقر وغياب المشاريع التنموية، اضافة الى التزام دول التحالف القوانين الدولية في تصديها للاحتلال الايراني المقنع، والا لكانت اليوم عصابات صالح – الحوثي مطاردة في جبال اليمن. لهذا فان تباهي المخلوع بقدرته على الاستمرار في الحرب عشرات السنين يعتبر شهادة وفاة لمحادثات السلام، وهذا ما يجب ان يدركه مجلس الامن الدولي المطالب اليوم اكثر من اي وقت مضى بالاضطلاع بدوره الحقيقي والمساهمة الجدية بحماية المدنيين من عصابات هدفها القتل والتدمير، والسعي بشتى الطرق التخريبية لتحقيق مشروع التوسع الفارسي الذي سيكون قناعه صالح ألعوبة في حكم تديره طهران، وهذا بالطبع لن يرضى به اليمنيون مهما كان الثمن. المؤسف هو ان شهوة العودة للحكم قد قضت على خبرة صالح السياسية، وأعمت بصيرته عن التمعن في الخطاب نفسه الذي يتحدث به العميل عبدالملك الحوثي النسخة اليمنية عن نظيره القابع في سراديب الضاحية الجنوبية لبيروت حسن نصرالله المتبجح بعمالته لنظام الملالي والمعترف بتلقي امواله وصواريخه لقتل السوريين والعراقيين واللبنانيين من ايران، فكيف لو تركت دول التحالف اليمن يواجه مصيره على ايدي عصابات المأجور عبدالملك الحوثي، فهل كان لعلي صالح ذاته ان يحلم بالعودة الى الحكم، أم أنه سيكون منفيا في الخارج؟