ربما إنخدع البعض في ال”بروباغندا” الإيرانية حيال القدرات الاستثنائية لنظام الملالي على تطويع المنطقة واعادة إحياء الامبراطورية الفارسية المندثرة, لكن تلك الاكاذيب لم تنطل على غالبية شعوب الإقليم, وخصوصا في دول”مجلس التعاون” لأن حكوماتها كانت منذ البدء مدركة مدى هشاشة ذلك النظام الذي منذ 36 عاما ما إن يخرج من مأزق حتى يدخل في أزمة اكبر فيما 56 في المئة من شعبه تحت خط الفقر. لذلك قلنا منذ زمن إن أحلام الملالي الحالية اكبر من قدراتهم, ولن تكون إيران في المحصلة غير دولة خاضعة للمعادلات الاقليمية التي تفرضها حقائق الجغرافيا والديموغرافيا, وهو ما أثبتته الاحداث في اليمن حيث عجز نظام طهران عن فرض مشروعه عبر حفنة من العملاء. اليوم وبعد هرب وفد الحوثيين والمخلوع من مواجهة الشرعية اليمنية في جنيف سيجلس قادة نظام طهران يلعقون مرارة هزيمتهم لأن الاساس في هذا المؤتمر كان القرار الدولي 2216 ومقررات الرياض, وسيكون الفريق المدعوم منهم صاغرا في تلقي الشروط بعدما اثبت الشعب, ومن خلفه دول الخليج العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية, القدرة على كشف زيف الادعاءات الحوثية التي لا تختلف كثيرا عن مزاعم حسن نصرالله حيال “النصر الالهي والعيش الحر حتى لو قتل نصف مقاتلي “حزب الله” في سبيل أن يعيش النصف الباقي بكرامة”. لا شك أن الحوثي سيتبجح بنصر الهي, وفقا للقاموس الايراني, لكنه يعرف بقرارة نفسه ومعه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح انهما منيا بهزيمة قاصمة للظهر, لا تختلف عن هزائم كل اذناب طهران التي ستدرك, أيضا, أن عرض عضلاتها العسكرية لم يفرض مشروعها لأنه لم يختلف عن مزاعم جمال عبدالناصر حيال تفوقه العسكري لكن كشفت حرب يونيو العام 1967 انها مجرد مزاعم, وهي ايضا الكذبة التي استخدمها صدام حسين بشأن أسلحة الدمار الشامل محاولا ابتزاز العالم من خلالها لكن حين ازفت ساعة الحقيقة سقط نظامه في غضون ساعات وهرب الى جحر حيث ألقى الأميركيون القبض عليه. هذه الحقيقة تنطبق على ايران حرفيا, فهي سعت الى الامساك بزمام العراق وسورية واليمن وكل يوم يتكشف المزيد من أكاذيبها, لأن الدول المتضررة من عبث إيران بالشؤون الداخلية لجيرانها سعت منذ البدء الى التصدي لها وتأديبها من خلال بتر اذرعتها الشيطانية ممارسة حقها في حماية امنها القومي, لكن يبدو ان طهران المستمرة في العبث بالاقليم لم تتعلم من الدرس المغربي في مواجهة التدخلات الجزائرية بشؤون جارتها عبر ما يسمى جبهة “البوليساريو” حيث عجزت الجزائر طوال عقود عن اضعاف القدرة المغربية على المواجهة, ولا هي ايضا تعلمت من درس كوريا الشمالية التي حين عاندت المجتمع الدولي في مسألة السلاح النووي خضعت لحصار خانق. ربما يكون تصدي المقاومة الشعبية اليمنية وقوات التحالف العربي للحوثيين وقوات المخلوع يوقف ايران عند حدها, لأن حماية السفينة اليمنية ومنع العملاء من خرقها واغراقها في بحر السيطرة الايراني هو الصفعة التي ستوقظ الملالي من أضغاث أحلامهم وتعيدهم الى الواقع. * رئيس تحرير صحيفة "السياسة" الكويتية