بعد 90 يوما من مشاورات السلام اليمنية التي احتضنتها دولة الكويت، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد النهاية المحزنة لتلك المشاورات من دون التوصل إلى أي إتفاق، وحمل أعضاء الوفدين المتفاوضين حقائبهم عائدين من حيث أتوا ترتسم على وجوههم ابتسامات عريضة، فرحين بالإنتصار الذي حققه كل وفد منهما على الآخر بعدم تقديم أي تنازلات والإصرار العنيد على التمسك برؤاه التي جاء بها منذ اليوم الأول إلى الكويت وحتى مغادرتها «وكأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا». ولا أرى أي معنى لما أشار إليه المبعوث الأممي بشأن استئناف جولة جديدة من المشاورات في غضون شهر من انتهاء الجولة الثانية في الكويت، فما الذي يمكن أن يستجد خلال هذا الشهر ليجعل المتفاوضين أكثر مرونة من ذي قبل؟ فهذه النهاية المحزنة لا شك أنها سوف تفتح المجال أمام احتمالات خيار الحل العسكري، وهو ما بدا واضحا في تصاعد الأعمال العسكرية وبخاصة في جبهة نهم القريبة من صنعاء، وارتفاع حدة التوتر والمواجهات على الحدود اليمنية – السعودية، بالإضافة إلى التصريحات التي أطلقها المتحدث العسكري باسم قوات التحالف اللواء أحمد عسيري واعلن فيها عن عودة عمليات «إعادة الأمل» وذلك عقب الإعلان عن نهاية المشاورات مباشرة. في تقديري أن الطرفين المتفاوضين أضاعا فرصة قد لا تتكرر بعقد المشاورات في دولة الكويت التي بذلت كل ما يمكن من جهود، وتحملت الكثير من الأعباء لا لشيء سوى إنجاح المشاورات والوصول إلى حل سياسي ينهي القتال، ويضع حدا لنزيف الدم اليمني، فأستحقت بذلك تقدير واحترام الشعب اليمني الذي كان على ثقة من أن أولى مؤشرات نجاح المشاورات هو احتضان الكويت لها. ومن المؤكد أن هذا الشعب بات يعلم جيدا أن الكويت، بأميرها وحكومتها وشعبها، ربما يكونون أكثر إيلاما وأسفا لهذه النهاية التي وصلت إليها المشاورات، ولكن «ما باليد حيلة»، فالحل في الأساس هو بيد اليمنيين، أما الاخرون ممن يحبون الخير لليمن وأهله والكويت في مقدمتهم، فهم ليسوا إلا داعمين ودافعين إلى هذا الحل. ما أتمناه هو أن يفكر المتصارعون ألف مرة قبل الإقدام على أي مغامرة بترجيح الحسم العسكري، فكلفة هكذا مغامرة سوف تكون مرتفعة ولن يدفعها إلا أبناء الشعب اليمني . لا وقت للكلام لا وقت لاسترجاع ما جرى في سالف الأيام وعزة الله الجليل والصمد أن البلاد في كبد والناس في كمد وليس من حل سوى الحوار والوفاق أو يكون.. الانفجار والبدد للشاعر «عبد العزيز المقالح»