قالت صحيفة العرب الدولية ان هناك مخاوف دولية وخليجية من فرضية فشل مفاوضات الكويت وانزلاق البلاد نحو المجهول في ظل تعنت الحوثيين". وكتبت الصحيفة " تتسم أجواء المفاوضات بين أطراف الأزمة اليمنية باتساع الهوة بين ما تبحث عن تحقيقه الحكومة الشرعية في إعادة الأمن وبسط سيطرة الدولة على كامل التراب اليمني، وبين ما يبحث عنه الحوثيون من إدامة للصراع بحثا عن أكثر مكاسب. فقد انتهى الأربعاء الماضي الشهر الأول منذ انطلاق مشاورات الأطراف اليمنيةبالكويت، في تواصل الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام، حين دخل الحوثيون العاصمة صنعاء للسيطرة على الحكم. وقد خلفت الحرب قتلى وجرحى، ودمارا طال الأخضر واليابس، بينما لم يخف الوسطاء الخليجيون والدوليون مخاوفهم من احتمال فشل المشاورات وانزلاق البلاد نحو المجهول. ولئن كانت المفاوضات تشهد تعثرات وأزمات، إلا أن تلك الأزمات ليست متعلقة بقضايا جوهرية بقدر ما تتعلق بمسميات، الأمر الذي يكشف عدم توازن الطرفين في المفاوضات بين حكومة تبحث عن الاستقرار وميليشيات الحوثي وعلي عبدالله صالح الباحثة عن السلطة بالقوة. وتعقد جلسات مشتركة، وأخرى منفردة، يعلّق فيها الطرف مشاركته احتجاجا، ثم يعود بعد وعود بالعمل على تلبية شروطه؛ وبين هذا وذاك، تتسع فجوة الخلاف، وتنذر بوصول المشاورات إلى حافة الهاوية. ورغم الجهود الحثيثة التي يبذلها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والأطراف الخليجية والدولية، للوصول إلى سلام مستدام في بلد تعصف به الحرب، إلا أن تلك الأطراف لا تُخفي قلقها من احتمال فشل المشاورات، وعودة الأوضاع إلى مربع الصفر. يدرك المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد، أكثر من غيره، حجم التحديات التي تواجه عمله، وقد تحدث الرجل عن “عمق الهوة” بين طرفي الصراع، و”أن البلاد تقف عند مفترق طرق حقيقي؛ إما السلام أو العودة إلى المربع الأول”، لكنه يعود، كعادة الوسطاء الدوليين، للطمأنة بأن “أجواء إيجابية تطغى على المشاورات”، وأنه بدأ في طرح بعض الأفكار لتقريب وجهات النظر بين الأطراف، وقد أبدت الاهتمام بها. وقال ولد الشيخ أحمد إن الأممالمتحدة “تعتمد المرونة” مع الأطراف المتنازعة من أجل التوصل إلى حل سياسي وتجنيب اليمن المزيد من الخسائر، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أن الأطراف عليها “مسؤوليات” يجب أن تلتزم بها. ويؤكد مراقبون أن المشاورات لا تزال تراوح مكانها، وأن الحديث عن تقدم بشأن القضايا المطروحة، ما هو إلا محاولات أممية لإنقاذها من الفشل الذي يهددها منذ يومها الأول. السؤال المركزي الذي دار في ذهن العديد من المحللين يتمحور حول المجهول الذي يتربص بالجمهورية الفقيرة في حال فشل مشاورات الكويت؟ فقد أكدت بعض الآراء أنه لا خيار أمام اليمنيين في حال فشلها سوى الحرب، والحرب فقط، لأن كافة الفرص قد استنفدت بالكامل، مشيرة إلى احتمال ابتعاد المجتمع الدولي لتغرق البلاد في أتون حرب أهلية ذات طابع طائفي. وفي السياق، نقلت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، عن الناطق باسم قوات التحالف العربي، العميد أحمد عسيري، أنه لدى قواته “اثنان من خطط العمل المتوازية تشتغل الآن، عملية سياسية وأخرى عسكرية وسيتم الوصول إلى واحدة منهما في النهاية”، على حدّ قوله. وأضاف عسيري في تصريحات لمجموعة من الصحافيين أثناء تواجده في واشنطن، الخميس الماضي، أن الهدف هو “تأمين اليمن” إما دبلوماسيا أو عسكريا، وإذا فشلت المفاوضات فإن “صنعاء ستكون حرة قريبا”، في تلويح واضح بالعودة إلى الحل العسكري، حال انهيار المشاورات أو وصولها إلى طريق مسدود. ومنذ مارس من السنة الماضية، يواصل التحالف العربي بقيادة السعودية، قصف مواقع تابعة لجماعة الحوثي وقوات موالية لصالح، ضمن عملية عاصفة الحزم استجابة لطلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بالتدخل عسكريا ل”حماية اليمن وشعبه من عدوان الميليشيات الحوثية”، قبل أن يعقبها في 21 أبريل بعملية أخرى أطلق عليها اسم “إعادة الأمل”. وقال التحالف آنذاك، إن من أهداف العملية الثانية، تكوين شق سياسي يتعلق باستئناف العملية السياسية في اليمن، إلى جانب التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للحوثيين، وعدم تمكينهم من استخدام الأسلحة من خلال غارات جوية. وتقول مصادر مطلعة إن وفد الحوثي وصالح المشترك، يواصل رفضه النقاش حول استعادة الدولة في اليمن، مصرا على “إنشاء سلطة تنفيذية للبلاد”، الأمر الذي يشكل جوهر الخلاف بين الطرفين؛ وفد الحكومة يرى أن الاتفاقات السابقة تنص على “الانسحاب من المدن وتسليم السلاح، وعودة الحكومة الشرعية إلى العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون منذ أواخر سبتمبر 2014، قبل استئناف العملية السياسية من حيث انتهت”، فيما يصر الحوثيون وصالح، على تشكيل حكومة وطنية تشرع بعد ذلك في تنفيذ النقاط المذكورة. ووفقا لمراقبين، يبحث الحوثيون وصالح، عن شرعية وجودهما في المدن، ولا سبيل أمامهم إلا الانخراط في حكومة وطنية، لكن الحوثيين في آخر المطاف يعتبرون انقلابيين بعد أن سيطروا على صنعاء وأخرجوا الحكومة المنتخبة منها. وتقول المعلومات الواردة من مصادر مطلعة على سير المشاورات إن “وفدي الحوثي والرئيس السابق ما زالا يرفضان تثبيت أي اتفاقات، ويريدان الاستمرار في النقاش العائم، دون الدخول في التفاصيل”. وفي مقابل كل هذه التخوفات من فشل مشاورات الكويت، يبدي متابعون آمالا في نجاحها، قياسا إلى الدعم الدولي اللامحدود الذي تحظى به.