عاهاتٌ من تنتقد برامجَ القرآن ، مضمحلةٌ العبارات التي تبحثُ عن الجزئياتِ وتنسى الكليات ، تناقشُ سفاسفَ الأمورِ وتُفسدُ جمالَ الشيء... بالأمسِ البعيدِ - أي فترة ما قبلَ الحرب – كانتِ القنواتُ اليمنيةُ تكتظُ بالمسابقاتِ القرآنيةِ وكنتُ مولعاً حدَ الدهشةِ بمتابعةِ المسابقةِ القرآنيةِ على شاشةِ الفضائيةِ اليمنية خاصة في السنواتِ التي كان يقدمُ فيها الإعلامي اليمني خالد عليان مسابقةَ رحابِ القرآن ، كنا نتنفسُ من روحانيةِ الصيامِ ونشعرُ بذلك من خلالَ سماعِ القرآنِ من أفواهِ الحفظةِ والقراءِ... اليوم في ظلِ الإنتاجِ الدرامي الهزيلِ ، وأمامَ الهشاشةِ الإعلاميةِ المنتجةِ والانفتاحِ الأثيري الواسع والفضائياتِ المتعددةِ لم نعد نجد متنفسا نقياً ، وبتنا أكثر توقاناً للروحانيةِ في مساءاتِ رمضان... وبينما أنا أعيشُ المساءَ البارحة في المنزلِ بعيداً عن ضجيجِ العمل ، واستنزافِ الوقتِ والفكرِ الفردي دونَ التزودِ قررتُ التفردُ بالشاشةِ بالمنزلِ بحثاً عن الفائدةِ والمتعةِ في آن ، ومن بين القنوات استوقفتني قناة ، ومن بين البرامجِ استحوذ عليّ برنامج "عشاق القرآن" على قناةِ السعيدة للمذيع عبدالسلام الشريحي حينها وقفتُ مشدوهاً أمامَ الشاشةِ فهذه البرامج تعتبرُ بالنسبةِ لي رئة الشهرِ ، روحانية الليالي ، وعطر الصباحات الجميلة ، كيف لا!... ونحنُ نسمعُ أصواتٍ نديةً ، ونقطفُ ثمارَ عملٍ ومجهودٍ قامَ بهِ كادر بأكملهِ ، برنامج أطل فيه الشريحي بكلِ بساطةٍ بعيداً عن الرسمياتِ والتنطعِ ، والمذيعُ الممتلئ بإنسانيةِ الإنسان هو من سيظهرُ كالشريحي بعيداً عن التعالي والاهتمام بسفاسفِ الأمور ، وحين يشعرُ المستضافونَ أنك من طبقتهم ، من بيئتهم البسيطةِ المتواضعة فإنهم سيكونوا أكثر بشاشة واكثر قبولاً بك ، وهذا هو سرُ النجاحِ ، وسرُ القبول لدى القاعدة العريضةِ من الجماهير... فدام الشريحي ينبوعاً للإنسانية، مثالاً للتواضعِ والإنسانية ولو كره المتفلسفون... * من صفحة الكاتب بالفيسبوك
