خام الحديد يقفز ل 106 دولارات للطن    بطولة النخبة للمياه المفتوحة بالحديدة على كأس الشهيد الغماري    تواصل منافسات البطولة المفتوحة لفردي تنس الميدان    السامعي يؤكد أهمية تشجيع المشاريع الطبية العملاقة لخدمة ورعاية المرضى    نائب وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين والقطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    تدشين برنامج مراجعة وتحديث وإدارة السياسات المالية والتجارية والاستثمارية    البخيتي: ندين التصنيف الامريكي للاخوان المسلمين ..    صنعاء توزع خوذ مجانية للدراجات النارية في التقاطعات    الذهب يرتفع لأعلى مستوى له مع تجدد التوقعات بخفض الفائدة الأميركية    محكمة غرب تعز تقضي بإعدام شاب قتل والده في إب    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    خالد اليماني... جنوبي أصيل أم يمني مرتد؟    فوز الكويت بمقعد العضوية في اليونيسكو لأربع سنوات    تقرير أممي: نزوح أكثر من 18 ألف شخص في اليمن منذ بداية العام    حين يتحوّل فستان إعلامية إلى معركة هوية في وطنٍ تُنهكه المآسي !!    الصحفي والمدرب الحقوقي عماد السقاف    نزال مرتقب: ديتشيفا تواجه كيليهولتز ضمن بطولة "الطريق إلى دبي" للفنون القتالية    لُوبانية    الأرصاد: أجواء باردة إلى شديدة البرودة على عدد من المحافظات والمرتفعات    العرب يعزلون سوريا بأسوار خرسانية داخل حدودها    خبراء التغذية: النظام الغذائي مفتاح التركيز الذهني    دور السعودية في اعتداء الضاحية    بركان إثيوبي يثور بعد 12 ألف عام والرماد يصل اليمن وعمان وباكستان    في الجولة الخامسة لدوري أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه تشيلسي في قمة كلاسيكية.. ومان سيتي يستقبل ليفركوزن    صنعاء.. نادي القضاة يكشف عن اعتداء مدير البحث الجنائي بالحديدة على قاضٍ وسط أحد الأسواق    أزمة وقود غير مسبوقة في المهرة    نهاية مشروع الحكم الذاتي للإخوان في حضرموت وتفكك حلف بن حبريش    عين الوطن الساهرة (6)..كيف تحوّل محاولات تجنيدك إلى صفعة للعدو    لحج.. متطرفون يهدمون قبة أثرية في أعلى قمة جبلية بالقبيطة    لحج.. مستجدات وتطورات الأحداث في طريق هيجة العبد بالمقاطرة    أحزاب تعز تدين الهجوم على موكب المحافظ والجبولي وتدعو لتعزيز التنسيق العسكري    محافظ المهرة يُشيد بدور الإصلاح والمكونات السياسية في دعم جهود السلطة المحلية    الصحة تعلن ارتفاع وفيات وإصابات التهاب السحايا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "أريد أن أطمئن" ل"أحمد سيف حاشد"    منتخب الناشئين يفوز على غوام بعشرة أهداف ويتصدر مجموعته    مونديال الناشئين قطر2025 : النمسا تهزم إيطاليا بثنائية وتتأهل للنهائي    الكاتبة اليمنية آلاء الحسني تُطلق روايتها "حينما تأكلك الجزيرة"    جامعة صنعاء تحقق المرتبة الأولى على مستوى الجمهورية في نشر الأبحاث    الأزمة تخنق الجنوبيين... صرخة النقيب إلى من بيدهم القرار    فضيحة مدوية : حسابات الدعارة على إكس.. أرباح بالملايين تحت إدارة استخبارات الحوثيين    الضالع تستعد لأول مشاركة في مهرجان التراث الدولي    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    مصادر حكومية: انفراج مرتقب في صرف المرتبات وتحولات اقتصادية تعزز فرص الاستقرار    شبوة برس تنشر صور تظهر لقاء صلاح باتيس بالمرشد للإخوان محمد بديع (صور)    تسجيل 26 حالة وفاة وألف و232 إصابة بالحمى الشوكية منذ مطلع العام الجاري    الأرصاد يحذر من رماد بركاني واسع الانتشار وأجواء باردة في عدة محافظات    لقاح وقائي لسرطان الرئة يدخل التجارب السريرية    رئيس الوزراء يؤكد استمرار الإصلاحات وتعزيز حضور الدولة وتقليل السفر الخارجي    آخر حروب الإخوان    ميسي يقود إنتر ميامي لتحقيق انتصار كبير خارج ملعبه    رئيس سياسية الإصلاح يلتقي مسؤولا في الحزب الشيوعي الصيني لبحث العلاقات وأوجه التعاون    ريال مدريد ينجو من إلتشي بشق الأنفس    تقرير عبري: نصف الإسرائيليين يعانون أمراضا نفسية بعد 7 أكتوبر    يوم كانت المائة الشلن أهم من الوزير    قراءة تحليلية لنص "حرمان وشدّة..!" ل"أحمد سيف حاشد"    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    ميزان الخصومة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأرب الجمهورية
نشر في المشهد اليمني يوم 04 - 04 - 2020

"إذا تحولت السلطة إلى عاهرة ليس شرطاً أن يتحول المثقف إلى قواد"
مولانا
إليهم جميعاً العبارة أعلاه، لا أدري من يظنون أنفسهم حتى ينادون بتسليم الدولة لعصابات الهاشمية السياسية نكايةً بأيّاً كان، إنهم يُسوّقون للوهم كالعادة، ويُسوّقون انتصارات لم توجد بعد، وإن وجدت لن تدوم، سيثور الناس وينهونها، أحاديث جمة وقنوات ومثقفون ونخب كلها تسهم في تسويق "ولد طه وهشاميته وحربه العالمية" أي والله يرددونها هاشمية عالمية وحرب كبرى عالمية، عبر وسائلهم وطبولهم ومزاميرهم وزاوملهم، ويأتي نخبوي عاجز ليُسهم في التسويق للخرافة ويدس السم في العسل، بحجة ضعف الشرعية وفسادها.
لا أحد يستطيع إنكار وجود القبيلة الهاشمية في تاريخ اليمن خلال الألف عام الأخيرة، وهو وجود طبيعي بحسب عوامل التاريخ والجغرافيا والسياسيات خلال هذه المرحلة، كما لا أحد يستطيع إنكار الحضور والبروز اليمني في كل الشرق الأوسط متعدياً إيران نحو آسيا الوسطى ومتعدياً سبته وبلاد القاط والبلغار وإسبانيا اليوم هي أندلس الأمس موطن اليمانيين الغزاة، فحركة الشعوب وتنقلات الأمم خلال مختلف مراحل التاريخ أمر بديهي يستطيع أيا كان قراءته.
وجود هواشم وفرس وحبش ورومان وترك وكرد وهنود وبنجاب في اليمن مسألة طبيعية - وتنوع يجب أن يتم الاستفادة منه - ويعود إلى مراحل وحقب الصراع السياسي والتنافس على النفوذ التجاري في مختلف المراحل التاريخية، موقع اليمن الطبيعي في قلب العالم ليس خافياً على أي مُطلّع على الخرائط ولديه معرفة بالجيوبولتيك.
هذا الشكل الخرافي للهاشمية السياسية العالمية المختلقة في اليمن هو الأمر المرفوض، وبسببه اليوم تشهد اليمن هذا الصراع الإقليمي والدولي في طريق التجارة الدولية وفي دولة هي الأقدر على رسم ملامح مستقبل القرن الأفريقي الذي لديه نفس الصفات في الجيوبلوتيك، ومن البديهي أن استقرار اليمن سيخلق استقراراً في هذه المنطقة، وسينعكس هذا الاستقرار على العالم كله.
طريق الحرير(الصيني) سيلتقي حتما بطريق البخور(اليمني) ليعود الازدهار الاقتصادي ليشمل منطقة اليمن والقرن الأفريقي ويشمل طريق اليمن البري عبر الجزيرة العربية حتى موانئ غزة وعكا.
الصراع في اليمن ليس بعيداً عن متغيرات المرحلة الحالية وما ستعقبها من مراحل، فها هو العالم يُعيد تشكيل أدواته ووسائله ودوله، كما أن نوعية السلطات الحاكمة في المرحلة القادمة ستكون خاضعةً لعمليات تشكيل شاملة، كل شعب لديه قيم وثقافة ودين ولغة وموارد متنوعة من خلالها يستطيع إعادة تعريف نفسه من خلال دولته وأنظمته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعرفية، وبها يستطيع استعادة الثقة بالذات والهوية ليحقق الاستقرار والنجاح في عمليات التنمية.
لن يكون بمقدور دولة فرض نمط حكمها وأدواتها على الآخرين، إنتهت الحرب الباردة بين الرأسمالية والشيوعية بسقوط الشيوعية السوفيتية، وها هي الرأسمالية تتهاوى بسبب ظاهر هو فيروس كورونا والذي يصغر عن دابة الأرض بآلاف المرات - تلك الدابة التي آذنت بنهاية حقبة قديمة من حقب الحكم العظيمة عند قوم استخدموا كل الممكنات من معرفة التخاطب مع النمل والطير والحيوان إلى استخدام الرياح وعلوم الفيزياء والرياضيات المتطورة التي سهلت لهم الوصول إلى وسائل النقل المادي فائق السرعة – ولأسباب أكثر أهمية قد تخفى عن البعض ويعرفها ثلة من الناس: فالحضارة المادية أهملت القيم والأخلاق وسهلت لدول كبرى السطو والاستعمار وتنصيب السلطات الفاشلة في مناطق متفرقة من العالم لتجلب لهم خيرات الشعوب من النفط إلى القهوة، ومن الألماس إلى الغاز.
نحن على مسافة زمنية ليست بالبعيدة –أو على مرمى حجر- من متغيرات عالمنا الجديد ستتخلق أنظمة أذكى من هذه الأنظمة التي أفسدت الأرض والبيئة وأثرت على الحياة وتنفس الكائنات وعلى أحوال الطقس والمناخ، وساهمت بتحويل الإنسان - الذي استطاع ترويض الحياة بما فيها من مخلوقات والتعايش معها وحمايتها من الانقراض - إلى مخلوق هش مناعته لا تستطيع مقاومة فيروس.
أنا أثق أن الإنسان عبر العقل وفهم الكون وآليات الصراع لأجل البقاء ولأجل استمرار الحياة، وعبر الروح التي لم تترك في هذا العالم عبثاً ولم تأت من فراغ، بل أُرسلت لها السماء ما يصلح حالها على الدوام في مختلف المجالات القيمية السامية، للحفاظ على إنسانية الإنسان وعدم تحوله إلى حيوان أو آلة في سوق النخاسة الجشعة.
العقل والروح حتماً سيلتقيان لإخراج هذا العالم من حالة الخوف والشقاء ولتجاوز عوائق الحياة والعمل وغرس القيم الأخلاقية التي يجب أن تضع معايير قادرة على خدمة الناس بدلاً من استغلالهم والتخلص منهم عند الاستغناء عنهم.
منذ فترة وأنا استمع لأحاديث وأقرأ عبارات هنا وهناك تدعو مأرب إلى العودة إلى أن تكون منطقة نائية ومهملة، استغرب من بعض الحماقات هنا وهناك التي تريدنا أن ننظر إلى مأرب أنها مجرد محافظة يمنية فيها نفط وقبيلة، إن هذه النظرة الدونية لمأرب يجب أن تُمحى من الوجود، مأرب اليوم تمثل الجمهورية اليمنية وتمثل الأمة والهوية والدولة اليمنية والوطن لكل أبناء الشعب اليمني، أنا شخصياً لا أنظر لمأرب على أساس أنها عبيدة ومراد- مع اعتزازي بكل قبائل مأرب - بل أنظر إليها سبأ الدولة والحضارة اليمنية الممتدة لآلاف السنين، وأنظر إلى مأرب بسكانها -القدامى والجدد- على أساس أنهم يشكلون بداية انبعاث الأمة اليمنية من جديد، لو صرفنا أموال العالم كله ما استطعنا جمع كل تلك العناصر النقية في تلك الأرض الطيبة ذات الخلود، لكنها ظروف البلد والانقلاب والحرب، ظروف محلية وإقليمية ودولية جعلت اليمنيون يهبون إلى صحراء مأرب لتصحوا فيهم الذات اليمنية لتتخلق أمتنا المنشودة هناك من جديد.
وأنا استمع للقائد اليمني الكبير سلطان العرادة وهو يتفلسف بلكنة يمنية فصيحة وواضحة جداً عن الدولة، وتجاوز الخلاف، ووضع سقف للخلاف، أجد في كلماته العزاء الوافي عن كل انهيارات المرحلة المظلمة التي مررنا بها، ولطالما انزعجتُ من الأحاديث والخطابات الجانبية التي تنصح سلطان اليمن بأن يحول مأرب إلى محافظة وقرية وقبيلة، هذا هراء ونكوث عن "العهد العالق في كل ذمة" ما يطمئنني أن سلطان العرادة لا يستمع لهم.
انتصارات الجيش الوطني في هيلان غيرت موازين القوى السياسية والعسكرية؛ أوقف برنامج الأمم المتحدة لتوزيع النازحين من مأرب إلى محافظات أخرى، وغٌير خطاب إعلام القنوات الداعمة للحوثي وصارت تردد أن هذا النصر "صار عائقاً لدعوات التهدئة في ظل أزمة كورونا" بينما كانت تحتفل بدخول الحوثي إلى مناطق نهم والجوف إبان عصر كورونا أيضاً، ولولا وجود أزمة كورونا اليوم فإن الأمين العام للأمم المتحدة كان سيشعر بالقلق من انتصارات هيلان، وحتى المبعوث الدولي جريفيث كان سيتحول إلى "هاجر ويهرول بين الصفا والمروة" بين الشرعية ليطالبها بتسليم مأرب للحوثي، وبين الانقلاب ليشرعن وجوده ويطمئنه أن أيام الشرعية باتت معدودة.
كم أنت عظيم يا هيلان والأعظم منك كتائب الجيش التي غيرت مجرى التاريخ في لحظة فارقة، حتى خطاب البسطاء تغير فقبل انتصارات هيلان كان الحديث اليائس مسيطر على الجميع " كنا نريد تحرير صنعاء ورجعنا نريد الدفاع عن مأرب" للجبال اليمنية أسرارها.
هي فرصة مواتية لتبحر سفينة اليمن. فلتلتفت ألوية الجيش الوطني لمهمتها الأساسية.. العالم مشغول بكورونا والاتحاد الأوروبي الداعم للحوثي مذبوح من إيطاليا حتى المانيا العجوز، هذه الفرصة لن تتكرر لمن يريد السلام الحقيقي لليمن ، السلام الذي طالما بشرنا به "سلام يمني يمني" يبدأ بإنهاء الانقلاب وكل ما نجم عنه، والبدء بإعادة واستعادة مؤسسات الدولة والعمل على إزالة ما خلفته الحرب.
الناس في أزمة وخوف وكورونا وأنت في الجمهورية واستعادة الدولة؟
نعم أنا هناك بالضبط، حتى "إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها" كما جاء في الأثر النبوي، جمهوريتنا هي تلك الفسيلة فلنغرسها إذاً، وها نحن هنا معكم جميعاً في الحيز الثقافي كل يوم وكل وقت نغرس الجمهورية وقيم المواطنة والهوية والأمة والدولة اليمنية استناداً لحقنا المشروع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.