بعد جريمته النكراء التي هزت العالم، وجد الحوثي نفسه أمام إجماع دولي يدينه، لقد أوجعته لعنات الإنسانية، ولاحقته صور الأطفال المتفحمة، وشردت نعاسه الهبة التي عبرت القارات، وحاصرته ليان التي ملأت الصفحات، وتصدرت الصحف، وقدمته على حقيقته. هب العالم المذعور نحو مسرح الجريمة، بحثا عن تفاصيل ما يجري، وعن سر هذا التوحش الغريب على البشرية.. عندها أحس الحوثي بأن ملفه الدموي يحوي آلاف الجرائم، وليان المتفحمة ستفتح هذه الملفات، فألقى بصورة لأحد تماثيله وإلى جانبه شخص وصفه بممثل حماس.. وهنا تلقف أنصار ليان تلك الصورة، وأزاحوا صورا تدين المجرمين، ووضعوا مكانها تلك الصورة المسربة، فإذا هي تتربع على صدر صفحات التائهين. لم يعد العالم يفهم شيئا.. لقد تركوه جانبا وذهبوا نحو مشهد مستفز بطبخة حوثية مستعجلة.. الصدمة التي اعترت اليمنيين على خلفية هذه الهدية المدرعة طبيعية، ولا لوم على أحد، فجيل نشأ تحت تأثير خطاب موحد تجاه قضية محورية، وفي درجة الثوابت من حقه أن يندب حظه.. لكن المهم أن يدرك اليمنيون أن هذا مصير من يتعامل بعاطفته مع قضايا يتحكم بها غيره؛ وأن يرفعوا شعار اليمن واليمن فقط وما عداها تظل قضايا ثانوية نتعامل معها بحسب ما تقتضيه الظروف والأحوال. ومثلما اتخذت إيران من القدس منبرا لتسويق قبحها والتهمت 4 عواصم عربية، اتخذ الحوثي من ذلك الشخص منديلا ناعما لإزالة ما علق به من أشلاء الأطفال ليصرف الناس نحو معركة أخرى. وهنا تبدو الفكرة واضحة ويمكنك فهمها بطريقتك؛ بشرط ألا تضيق بك التأويلات فتحشرني في زاوية المتعاطف مع المنديل، فقد كفرت بالمناديل والقناديل وآمنت بالوطن وحده..