مقالات سعاد الحدابي من يوميات مدينة تحت الحصار 142 مهرجان مأرب الثقافي قريب من الحرب وبتوقٍ للسلام يجيء المعرض الثاني للكتاب في مأرب مبشرا بمواهب يمنية صاعدة؛ وأقلاما واعدة. وبين الحرب والسلام تنتظم حروف وتتعانق كلمات؛ ومن رحم المعاناة تزهر كتابات إبداعية وفكرية متحدية أصوات القذائف؛ وجحيم الألغام. مأرب تصنع الحراك الثقافي الأجمل متجاوزة معاناة الحرب والنزوح وقذائف الموت؛ وتحتضن الفعالية الأكثر إيجابية في صناعة الوعي؛ والأكثر تأثيرا في توجيه الرأي وإعادة البوصلة باتجاه القراءة. في مأرب يحط عصا الترحال عدد من رجال الفكر، وذوي الرأي والمثقفين والإعلاميين الذين وجدوا متنفسهم عند أعمدة عرش بلقيس، وبالقرب من سد مأرب العظيم الذي لايزال شاهدا على مملكة نقشت تأريخها في الصخر؛ ومدّت حضارتها في عمق التأريخ. فمن مأرب انطلق اليمنيون وإلى مأرب تعود خطا الأحفاد. و تجيء هذه الفعالية الثقافية متحدية لظروف الحرب؛ وجامعة لأكبر عدد من المشاركين والزائرين والباحثين عن مبتغاهم بين آلاف العناوين؛ لإصدار خمس وعشرين دار نشر يمنية وعربية. وشهد المعرض إقبالا كبيرا؛ وكأنه استفتاء شعبي على دور مأرب في الحراك الشعبي والثقافي؛ ودليل على أن هذه المدينة استطاعت أن تتخطى ظروف الحرب؛ وتتجه لصياغة الوعي المجتمعي والثقافي. وفي المعرض حُشدت فعاليات ثقافية وإعلامية، و برامج توعية مصورة وصوتية لمعالجة آثار الحرب، وما أحدثته الألغام من أضرار. في المعرض التقى المبدعون وجها لوجه مع القراء؛ وحضرت قصائد رائد القصيدة وراعي المشهد الثفافي ( عبدالعزيز المقالح) وعلت صورته و أعمدة عرش بلقيس واجهة المعرض؛ وتجلت مأرب مدينة للإبداع وواحة للنازحين من جحيم الحرب إلى صفحات الكتب وصوت الشعر. وفي المعرض عاد للكتاب مجده؛ و للقراءة دورها؛ وتجددت العلاقة بين القاريء والكتاب؛ و مسحت الأيدي غبار الأتربة وسواد أدخنة القذائف عن أغلفة الكتب؛ وتنسمت الأرواح نسائم الفكر وعبق الإبداع. مهرجان مأرب الثقافي هو أجمل ما جادت به سنوات الحرب العجاف؛ فمداد الأقلام لم يجفّ؛ وروح الإبداع لم تقتلها الحرب. اعتلت مأرب المشهد الثقافي كما تعتلي أعمدة عرش بلقيس صحراء مأرب التي لم تعد صحراء قاحلة؛ بل غدت ممتلئة بتلك الوفود وزاخرة بتلك المواهب والعقول. للمآربة أن يحتفوا بمدينتهم؛ وللمبدعين أن يحتفوا بأعمالهم التي رأت النور رغم ظلام الحرب، ولكل يمني مقيم ونازح أن يتنفس الحرية في مأرب. هنيئا لمأرب هذا المهرجان الثقافي؛ وهنيئا للمثقفين والقرّاء هذا الزخم الثقافي الجميل. هنيئا للكلمة مهرجانها؛ وللغة العربية دوام ألقها؛ واحتفاء أبنائها بها في البلدة الطيبة التي لن تبور. سعاد الحدابي 30/12/2022 1. 2. 3. 4. 5.
