من محمد الغباري: فرضت أجواء مباريات كأس العالم «مونديال كرة القدم» المقام حالياً في البرازيل نفسها على جزء من طقوس السهرات الرمضانية في اليمن، وأتت هي وجلسات القات والتلفاز ثالثهم يتسيدون الموقف بالكامل بعيداً عن صداع السياسة والأزمات الاقتصادية، وانقطاع التيار الكهربائي، حيث أصبحت المقاهي الكبيرة قبلة عشاق كرة القدم، وهم كثر يتوزعون على مجموعات من الروابط المشجعة للمنتخبات المشاركة في البطولة، غير أن القات فرض أيضاً نفسه في المجالس مع عشق الساحرة المستديرة بكل شغفها وجنونها في أجواء أمسيات رمضان لتصبح أكثر روعة، بعيداً عن حر النهار وصخبه وصيامه. يقول الطالب الجامعي هشام عبادي، كثيرون لا يمتلكون القدرة على شراء أجهزة بث المباريات، فأصبحت المقاهي هي ملاذهم والوجهة المفضلة لعشاق كرة القدم ،وهي أيضاً المتنفس للراغبين في جلسات تخزين القات، ما بعد صلاة العشاء والتراويح وحتى موعد السحور وقبل أداء صلاة الفجر. حقاً إنها أجواء غاية في الروعة يتمنى معها المرء إلا ينتهي المونديال وحتى شهر رمضان، فالمقاهي لديها مولدات كهربائية ولديها اشتراك في القنوات المشفرة التي تبث المباريات، وذلك أمر يسعدنا كثيراً. أجواء مشابهة وخلافاً للأجواء التي ينعم بها سكان المدن، فإن سكان الأرياف يحاولون استنساخ عالم العاصمة، بإيجاد أجواء مشابهة، حيث قام بعض الأشخاص بشراء مولدات كهربائية، وبيع الكهرباء لمن يريد. وقد اشترى أحد الميسورين، الذي يمتلك بقالة صغيرة جهازاً لبث المباريات، وفق ما يؤكده وليد حميد لإتاحة الفرصة للغلابة بالمشاهدة المجانية. وكبار السن يذهبون في الأغلب لقضاء ليالي رمضان في المساجد وتلاوة القرآن، لكن أغلبية الشباب يسهرون في تخزين القات ومشاهدات مباريات كأس العالم. وتبقى تكاليف السهر لدى سكان القري أقل منها لدى سكان المدن، فالقات يؤخذ مجاناً من المزارع الخاصة بكل أسرة، ومشاهدة المباريات لدى صاحب البقالة لا تكلف سوى شراء الماء أومشروبات غازية وحلويات لتحريك أوضاع تجارته. والأمر بالنسبة للنساء لا يتغير كثيراً في رمضان خصوصاً بالأرياف سوى ساعات السهر، أما في البيت أو لدى الجيران، التي تمتد جلساتهم حتى منتصف الليل.والأمر هنا يختلف عن المدن الرئيسة، حيث يمكن للنساء التسوق إلى ساعات الفجر الأولى لأن الحياة في أغلب المدن تتحول فيها الحركة ليلاً، في حين تتراجع عند الصباح وساعات النهار بشكل كبير. إرضاء الأذواق ويؤكد عبد الله سعيد صاحب مقهى كبير في صنعاء يرتاده « المخزنون» في الأيام العادية، وهو يمتلك صالة للألعاب الرياضية كالبلياردو وغيرها، أنه استعد لاستقبال الزبائن في رمضان لإرضاء كل الأذواق، من خلال تجهيز عدد من شاشات العرض، وترتيب مجالس القات الخاصة أو الجماعية للزبائن. ويلاحظ أن المقاهي الحديثة اقتصرت أوضاعها على إضافة شاشات عرض تلفزيونية إلى تلك التي كانت موجودة من قبل، إلا أن أصحابها متمسكون بقرار منع تناول القات فيها سواء في رمضان أو غيره. وتمكنت تلك المقاهي من استقطاب الذكور والإناث إليها لتناول المشروبات والأكلات الخفيفة ومشاهدة فعاليات كأس العالم بكل صخبها وإثارتها وتقلباتها وجنونها. هموم حياتية يصف المواطن عبد السلام زيد، رمضان هذا العام بأنه حالة استثنائية، فرغم أزمة المشتقات النفطية، وانقطاع الكهرباء طوال عشر ساعات في اليوم، فإن كأس العالم أنسانا الهموم الحياتية والقات مسكن الجلسات الليلية.