♦أربكت مواعيد مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم، المُقام حاليًا في البرازيل، طقوس الحياة اليومية في اليمن الذي اعتاد مواطنوه على السهر في رمضان حتى ساعات الصباح الأولى، وهو ما حدث مع متابعتهم لمباريات المونديال. فقد جعلت مواعيد المباريات اليمنيين يدخلون الأجواء الرمضانية مبكرًا قبل حلول الشهر الكريم، وقاموا بترحيل جلسات القات (النبات المنشط) من فترة العصر -المعتاد التخزين فيها- إلى المساء لمواكبة مواعيد بث المباريات ليلًا، وسجلت الدوائر الحكومية غيابات للموظفين في الفترة الصباحية، بسبب متابعة المواجهات الكروية حتى ساعات الفجر. وتُبث مباريات المونديال طبقًا لتوقيت اليمن ابتداءً من السابعة مساء (15.00 تغ)، حتى الثالثة فجرًا (24.00 تغ)، حيث يصل فارق التوقيت بين المدن البرازيليةواليمن إلى ست ساعات كاملة، وهو ما يدفع الكثير من اليمنيين للسهر والتندّر بأنهم دخلوا شهر رمضان قبل حلوله، حيث يعتاد اليمنيون على السهر في رمضان حتى ساعات الصباح الأولى، والنوم إلى فترة الظهيرة، وهو ما يحدث الآن بين المتابعين لمباريات المونديال. ويقول بعض اليمنيين إن الأدوار التمهيدية الأولى لكأس العالم بمثابة بروفة لشهر رمضان، وإنهم سيعيشون 45 يومًا في أجواء رمضانية بسبب البطولة العالمية الأبرز. والجدير بالذكر أن منافسات المونديال بدأت في 12 من يونيو/حزيران الجاري، الذى وافق ال 14 من شهر شعبان بالتوقيت الهجري. وسجلت استطلاعات للرأي في اليمن أن أغلب اليمنيين يشجعون المنتخب البرازيلي بحرارة، ويرون في توقيت مباريات المونديال مناسبًا لهم في رمضان، وقالوا إنهم متعودون على السهر ليلًا في رمضان والدوام الوظيفي يتأخر إلى فترة الظهر، كما أنّ أغلب طلاب الجامعات والثانوية (مرحلة ما قبل الجامعة) سينهون امتحاناتهم مع بداية الشهر رمضان؛ ولذلك فهم سيتابعون مباريات المونديال بكل أريحية. الا أن عددًا من اليمنيين "الحريصين على وظائفهم"، وخاصة أولئك الذين لا يمضغون "القات" المنشط والمساعدة على السهر، يضطرون لتفويت عدد من المباريات التي تبث في وقت متأخر من الليل، ويشاهدونها مسجلة في اليوم التالي. ويرى الناقد الرياضي اليمني منصور الجرادي، أنه "يروق لليمنيين متابعة التلفزيون أثناء فترة القيلولة، وقت الاستراحة وهم يمضغون نبتة القات، من بعد الظهيرة وحتى العاشرة مساء، وبالتالي يجدون صعوبة حقيقية في متابعة أحداث كأس العالم في البرازيل هذه العام لتعارضها مع مواعيدهم، ومن ثمّ غيّر الكثيرون منهم وقت تخزين القات للمساء". ويضيف الجرادي: "المزاج العام للمقيل تبدل وغيّر الكثير ممن يتعاطون القات أوقاتهم إلى المساء وتحديدًا مع الساعة السابعة مساء بالتزامن مع بدء أول مباراة"، فيما يقول رياضيون يمنيون إن مونديال فرنسا 1998، كان الأنسب لطقوس اليمنيين، نظرًا للفارق البسيط في التوقيت بين أوروبا ومكة المكرمة والذي لا يزيد عن الساعتين. أما مونديال كوريا الجنوبية واليابان في عام 2002، فقد ترك انطباعًا سيّئًا في ذاكرة اليمنيين، حيث كانت مبارياته تُبث في الحادية عشر صباحًا (08.00 تغ) والواحدة صباحًا (10.00)؛ أي في وقت يكون الناس في أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم، ويتخوف يمنيون من أن يتسبب المونديال في فقدان البعض لوظائفهم بسبب السهر حتى الثالثة فجرًا لمتابعة آخر مباريات دور المجموعات والتغيب عن الدوام الصباحي. ويقول أحد الموظفين: حاليًا ننام ثلاث ساعات أو أربع وأحيانًا نضحي بالمباراة الأخيرة، التي تبث في وقت متأخر، لكننا لن نفعل ذلك في الأدوار المتقدمة حيث سيزداد المونديال سخونة ولن نفرط في أيّ دقيقة منه. وإضافة إلى فارق التوقيت الذي حرم كثيرين من مشاهدة المباريات التي تبدأ في وقت متأخر، في بلد يشهد اضطرابات أمنية، تأتي مشاكل تقنية لتقف حائلًا آخر أمام متابعة اليمنيين للمونديال وأبرزها "التشفير"، و الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي. ويقول الناقد الجرادي: "الكهرباء والتشفير والانترنت عوامل أثرت كثيرًا في متابعة هذا المونديال. يحاول بعض اليمنيين متابعة المباريات ولو مسجلة عبر اليوتيوب في اليوم التالي للمباراة". وينتشر القات الذي تصنفه منظمة الصحة العالمية ك"نبات مخدر"، في اليمن وخاصة بين الفقراء، وتشير الإحصائات الرسمية إلى أن اليمنيين ينفقون قرابة 25 مليار ريال يمني (156 مليون دولار تقريبًا) على القات سنويًّا. وتشهد أنحاء اليمن على فترات متقطعة تفجيرات واستهداف لموظفين وأفراد جيش وشرطة، وتندلع مواجهات عسكرية بين قوات حكومية وعناصر تنظيم القاعدة في محافظات جنوبية، أبرزها أبين وشبوة، كما تشهد محافظة عمران، شمالي البلاد، في الفترة الأخيرة، مواجهات دموية بين حوثيين وقوات الجيش.