* المقال يعبر عن رأي كاتبه. كان يجب أن تنشأ وساطات لوقف القصف الجوي قبل انقضاء اليوم السابع، لكن ترقب أو انتظار المرحلة البرية من الحرب هو ما يحدث وهو أسوأ ما يمكن توقعه تحت سقف الشعور بالمسئولية أمام بلد منهك وغارق في نزيف حاد على أكثر من جهة وجبهة. انقسم اليمنيون في جدل جانبي عقيم فيما بينهم على هامش العمليات العسكرية والقصف الجوي، بين مؤيد ومبرر ومعارض رافض. وتركوا مسئولية استنقاذ أنفسهم وبلادهم من محرقة خيارات واختبارات لعينة تضعهم وجها لوجه أمام جيران وأشقاء عرب في مواجهة لا أحد يعرف لماذا تساق إليها اليمن؟ أو لماذا تفرض عليها؟ اليمن لا تحتمل في الحال وفي التاريخ عبئ الانقتال أو التقاتل مع نفسها وهويتها وبعضها بعضا، فهذا ما يعنيه قتال يمني خليجي عربي. كيف سيقت الأمور ويساق اليمن سراعا هكذا إلى تخندق قتالي وعدائي في مواجهة جبهة عربية؟ أية معركة تخوضها اليمن ولأية حسابات أو لحساب من يسكب اليمنيون دمهم ويستسكبون دما عربيا؟ لم تكن من أولويات ولا في حسبان اليمنيين تسعير حرب وصراع وعداء مع يمنيين عرب ومع جيرانهم وأشقائهم. وإذا كان اليمنيون لا يحتملون وزرا في التاريخ وجرحا غائرا في الهوية كهذا، فإنهم أو جلهم (هم مثلي) تلوكهم الأسئلة الدامية: لماذا نحارب ومن يقرر بالنيابة عنا أن يحارب بنا ويضع اليمن أمام حتمية مريبة وغريبة تدفع معقل العرب ومحتد العروبة بعيدا عن الوعي بالوجود والهوية والعائلية العربية؟ كيمني، ولن أزايد أو يزايد علي أحد في إدانة واستنكار العدوان والقصف والدمار الذي خلفته والضحايا الأبرياء الذين سقطوا، إلا أنني لا أفهم ولن أفهم أبدا سببا واحدا يحتم حربا لعينة تحسب على اليمن وذمتها العربية والقومية والتاريخية، مع أشقاء عرب. كان صوت اليمن عاليا دائما في المطالبة بتكامل وتقارب وتآزر عربي. كيف انقلبت الموازين وتغيرت المعادلة واختلطت الحسابات إلى حدود التضاد واستنفار الدم في مواجهة الدم؟ صد ورفض وإدانة العدوان شيء، لن نتنصل عنه. وغيره تماما تحشيد وزج اليمنيين في معركة أشبه بالانتحار ضد أنفسهم وجيرانهم وأشقائهم العرب. قرع طبول الحرب غواية خارج السياق وعيا وعقلا ومسئولية والتزاما. بما أن اليمنيين لا مصلحة لهم بكل الحسابات في معركة كهذه، وجب أن نعرف لحساب من إذا؟ وكما قاومنا ورفضنا طوفنة ومذهبة النزاع والصراع اليمني اليمني (داخليا) فإننا ومن ذات الأسباب والقناعات نرفض معركة مذهبية طائفية يساق إليها اليمن وأهله (داخليا وخارجيا) مع يمنيين خليجيين وعرب. معركة إيران ليست معركتنا. واليمن ليست ولاية إيرانية متقدمة تخوض لحساب طهران حربا بالنيابة وبدماء يمنية وعلى حساب وجودنا ودورنا وقيمتنا وقيمنا تاريخيا وقوميا. يستحيل أن نجد لليمنيين مصلحة في حرب خطيئة وخاطئة كهذه. يستحيل أن نبرر لحرب كهذه. كما أنه يستحيل أن نقبل من الأشقاء العرب والخليجيين أن يصندقوا اليمن الكبير في مغلف مطبوع بخاتم إيران. أنتم تقترفون خطأ فادحا وخطيئة تاريخية بالغة السوء. ليس صحيحا ولا مبررا على الإطلاق هذا التحشيد باتجاه اليمن واليمنيين تحت شعارات مذهبية أو طائفية تنعدم حيثياتها لدينا. اليمن بزيديته وشافعيته كان واستمر مئات السنوات كما هو وكما عرف وكما سيبقى. نعرف أن الجيران أقرب لنا من إيران. وتعرف أن الدم ليس ماء وأن الحرب ليست نزهة ولا مقامرة. نبحث عن حلول لأزماتنا وليس من بينها الحرب والعداء مع محيطنا وبيئتنا العربية. آحلام وتطلعات الامبراطورية الكسروية لا تعنينا، فلا تقتلونا وتقاتلوننا كأعداء وخصوم بالنيابة عنها. نحن نحن.. أنتم. لسنا ننسلخ من هويتنا. طبول الحرب ليست متحدثة باسم قرابة 30 مليون يمني. اليمن ليست العدو ولا الخصم ولن تكون. لنتساعد ونجد لنا ولبلادنا مخرجا ولكم ما يفي من الضمانات والتطمينات لكبح المخاوف والمحاذير المستفَزة. لا تحاربوا اليمن واليمنيين، حاولوا أن تتفهموا حقيقة أن ما حدث وقد يحدث يخدمما تخشونه أكثر مما تتوخونه. هكذا ظروف ومعاناة وتضييق تصنع لإيران موالين ولو نكاية وردة فعل ليس أكثر. اليمنيون اليوم يفتقدون اليمن أكثر منكم وأكثر من جميع العرب. يفتقدون أنفسهم.. دولة ونظاما وقيادة يأمنون معها ويعهدون إليها تدبير مخارج وحلول ومعالجات لتا ولكم. لعلكم كنتم سببا رئيسا في إيصالنا إلى هكذا مفترق ومخنق. الحل ليس الحرب بل أن نتساعد ونتشارك معا وسويا في تجاوز الاستثناء العابر. لا قيادة الآن وفي الأثناء لليمن ولليمنيين. لا تكابروا ولا نكابر. لا سلطة ولا دولة ولا حكومة ولا مؤسسات. ستقتلون مواطنين وجنودا تركوا في العراء مكشوفي الظهر وسلمهم متعاقبوا الحكم منذ أربعة أعوام إلى المجهول.. سكاكين وعبوات ناسفة وأحزكة متفجرة وبنادق قنص ورصاصات غدة ومجازر من كل نوع. هؤلاء يمنيون خلص جار عليهم الأقارب وتجورون أنتم باحتسابهم على إيران التي لم تكن يوما خيارا أو فكرة في حسبان وحسابات أي منهم. لكن أيضا لا خيارات ولا إملاءات مسبقة، دعوا اليمنيين ينتجوا دولة ونظاما وقيادة بصورة سريعة، ساعدوهم على هذا لتساعدوا أنفسكم على توفير كلفة حروب ودماء أخوة باهضة الكلفة. لا تضعوا اليمنيين أمام خيار وخيديعيدهم إلى الانسحاق لذات مراكز القوى والتسلط والوكلاء الذين أوصلوا الأمور يمنيا ومعكم إلى ما وصلت إليه. ليسوا قدرنا الأبدي والوحيد. على العقلاء وجميع من في سعته ومتناول يده دور ومقدرة على أداء ما يسهم في درء المحذور الوشيك ومنع مقتلة عربية عربية وداحس والغبراء في نسختها الجديدة يمنيا، أن يتحدث الآن أو ليصمت إلى الأبد. من واجب ومسئولية كل ذي عقل وبصيرة وإرادة ومقدرة أن يذود اليمن واليمنيين الآن عن سبة الدهر. وهو نفس ما يتوجب على العرب كل العرب وخصوصا الخليجيين. لا تذهبوا مع الحرب.. فنذهب معا ... مع الريح.