كل ” داعشي ” أو من جبهة ” النصرة ” مخابرات مركزية بالضرورة. هي الولادات المتجددة في عملية التجسس على الوطن العربي، بل هو الانتقال من جيش تجسسي مخفي الى آخر ظاهر .. ومن جيش يقف وراء الستائر، الى من يقدم لها الخدمات الميدانية في افتعال او تغيير. إذن خرحت اميركا بقواها العسكرية من العراق، لتدخله من جديد بثوب مختلف .. هذا الثوب فيه إغراء لعقول الناشئة .. بدأ العدد الداعشي او العائد ل ” النصرة ” آلافا قليلة واليوم تضاعف مرات … التنظيمان نجحا في تسويق وجودهما، مرة حين هاجمهما الاعلام وقست عليهم الادارة الاميركية وخصوصا ” داعش”، ومرة حين غمرتهم بعض المحطات والاجهزة الاعلامية بكلام الدعم. كيفما كان التعامل مع التنظيمين فهما الرابحان بكل اسف.
فالمناخ الشعبي مساعد، واللعب على المذهبية والطائفية محرض، فإذا أضفنا اليها جملة ” الدولة الاسلامية” فكأنما نحك جلد كل شاب مسلم. بعض المعلومات غير الرسمية تقول إن اعداد التنظيمين ارتفعت بشكل مذهل الى اكثر من مائتي الف، وهو رقم يسيح امامه العقل، وينبض القلب جزعا..
ومن يعمل مع المخابرات المركزية يخدم بالتالي اسرائيل، بل من مقوماته ان يكون خادما لدى الكيان الصهيوني، فيما هو سيد على آخرين. علينا إذن ان نفهم ما خلف الصورة وخلف المشهد وخلف الكلام المحكي والمروي ووراء كل معلومة وليس فقط المعلومة بحد ذاتها. نعيش كل هذا الكم من خلفيات المرئيات لكي نتمكن من قراءة الحقيقة .. ويجب ان نعترف جميعا، اننا امام متغير كبير لايمكن للامور ان تعود بعده الى ماكان سائدا .. كما علينا ان نقر انه في نهاية العام 2010 بدأ استغلال جديد للواقع العربي هدفه زيادة ستين سنة اخرى على عمر اسرايل التي رشح نهايتها هنري كيسنجر في العام 2020 ، وهي ايضا ذات النظرة الروسية في هذا المفهوم.
ومع إضافة العمر الافتراضي للكيان الاسرائيلي، تكون الولاياتالمتحدة قد اعادت السيطرة على العرب الذين تسيمهم بالمعتدلين من باب حاجتهم لسلاحها اولا حيث شركات انتاجه الاميركية امام ورطة التصنيع، اذا خلا العالم من الحروب فهذا يعني الطامة الكبرى لتلك الشركات التي ستتوقف عن العمل وسيكون هنالك بطالة لمئات الآلاف من العمال الذين سيشكلون ضغطا هائلا على الدولة . وثانيا ، ليس عبثا هبوط اسعار النفط، هي اعادة قراءة لواقع السعر الذي تتحكم به اميركا وتذكير العالم انه في يدها، تماما كما فعلت ابان حرب اكتوبر 1973. وثالثا، كسر الجمهوريات التي شكلت عنادا تاريخيا في بقائها على السلطة كل هذا الزمن، من صدام حسين الى معمر القذافي ثم الى آل الاسد ، ولا بأس ان تم تدفيع حسني مبارك ثمن بقائه الطويل في السلطة ايضا رغم ان هذا المسكين ذهب ” فرق عمله”.
جيوش السي آي أي تغزونا، وهذه المرة محملة بالبنادق والسلاح المخيف العلني، لكن من هم وراء هذا الجيش يعرفون ان السر الكامن هو اشاعة الفوضى، ومن ليس له قوة ينهار، فاذا كان صلبا كالرئيس الاسد المطلوب في هذه الحالة تبديل المفاهيم.
عالم جديد يسري في عروق المنطقة سوف يتحكم بها طويلا، ومن له نفس طويل سيرى ماهو خلف الصورة الحالية كي يتعرف على مسقط رأسه الجديد.