صفق أبناء الاتحاد السوفييتي، سابقاً، لجورباتشوف وانتخبوه ليكون رئيساً لهم في فترة رأوا فيه أنه المنقذ لتلك الدولة في ذلك الظرف الحرج من تاريخ إمبراطورية عظمى يحسب لها العالم ألف حساب.. وما إن تولى مقاليد الحكم إلاّ وقام بتمزيق تلك الدولة الكبرى إلى دويلات متناحرة على عكس ما كان يأمل منه أبناء الدب الروسي، وقد استخدم الكثير من الوسائل لتفتيت القطب الثاني من الكرة الأرضية وأصبح هو نفسه رمزاً للعمالة والخيانة مهما بلغ ثمن تنفيذ خيانته تلك. ونحن في اليمن - وخاصة ما يطلق علينا بالنظام السابق نكاية غير صادقة - لم يعد هناك ما نخشاه لدى أصحاب القرارات الجائرة والتي تستهدف طرفاً واحداً بما يسمى سياسة تقليم الأظافر.. نعم، نحن خُدعنا كما خُدع أبناء السوفييت بجورباتشوف ولم نعِ أن لكل شعب أو حتى حزب سياسي جورباتشوف يظهر من بين أبنائه يتصرف بنفس تلك الطريقة.. إلا أننا سلمنا أمرنا طوعاً لما اعتقدنا أنها أيادٍ أمينة.. تباً لنا ولتلك الأيادي الجورباتشوفية التي أثبتت غير ذلك. يئسنا من عدالة صاحب القرار الأول في الوطن، من حيث التعامل مع الجميع بالعدل والمساواة.. فلقد جار علينا أشد من العدو نفسه وأصبح ملكياً أكبر من الملك.. وهنا سؤال يطرح نفسه: هل ما سمعناه من بعض قيادات المشترك حول حقيقة التنسيق المسبق مع من كان الرجل الثاني في النظام السابق وحزبه الحاكم للإطاحة بذلك النظام مقابل أن يكون على رأس النظام الجديد بموجب صفقة يتم من خلالها اجتثاث المؤتمر بالنفس الطويل إذا ما اعتبرنا بأن القرارات السابقة واللاحقة التي تم بموجبها نفي ثلاثة من خيرة القيادات العسكرية الشابة المؤهلة إلى خارج الوطن بحجة انتمائها إلى فصيل سياسي معين تنفيذاً لرغبات جهات معروفة ووفاءً بما تم الاتفاق عليه؟! ربما يكون ذلك صحيحاً إلى حد ما؛ لأن التصرفات والشواهد على الواقع تدل عليه بغية إضعاف الطرف المتآمر عليه - إن صح التعبير - وتحقيق الأهداف المشار إليها. ونقول هنا إن حاجز الخوف الذي توجسنا منه كثيراً انتهى بالنسبة للرموز الوطنية المستهدفة على مستوى عال، فقد تم إقصاؤهم بشكل شبه كلي. والمتبقي لدينا لا يزيد عن عدد أصابع اليد من محافظي المحافظات الذين يناضلون ضد قرارات الإقصاء التعسفية المخالفة للقوانين واللوائح التي تصدر من رئيس حكومة "الفراق" بالتزامن مع قرارات الرأس الكبيرة، في تسابق محموم يتم التفاخر به أمام أعداء المؤتمر من الداخل والخارج في مَنْ يقوم بإبعاد أكثر عدد منهم من وظائفهم لإفساح المجال أمام الإخوان المسلمين الذين تلبسوا ثوب الدين وتظاهروا بالورع والتقوى للوصول إلى السلطة سواءً في اليمن أو غيرها. وحتى أولئك المحافظين ومن يحذو حذوهم للدفاع عن القانون، فلن يتم السكوت عنهم وسيدفعون ثمن وطنيتهم، ولكنهم سيرفعون رؤوسهم؛ لأن الحق يُعلى ولا يعلى عليه. ونحن في المؤتمر الشعبي العام لن تزيدنا طعنات الغدر والخيانة واستغلال الفوضى الآنية والاستقواء بالأيادي الخارجية، إلا صموداً وثباتاً وقوة إرادة وعزيمة لمواجهة ما يهدد وطننا وكياننا ورموزنا.. "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"؟ * صحيفة المنتصف