تصارع الأممالمتحدة مليشيا الحوثي -التي مكنتها من العبث والفساد بالمساعدات المقدمة من المانحين للجياع في اليمن على مر السنوات الأربع الماضية- للهيمنة على إدارة توزيع المساعدات، إلا أن الحوثيين يزدادون تمسكاً بإدارة هذا الملف الضخم المدر للأموال، والبعيد عن المساءلة والمحاسبة.
تقول الأممالمتحدة إن 70% من إجمالي تبرعات المانحين للأزمة الإنسانية في اليمن تذهب للمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، لكن دراسة استقصائية على مستفيدين مسجلين، أجراها برنامج الأغذية العالمي نهاية ديسمبر 2018، كشفت أن كثيراً من سكان العاصمة صنعاء لم يحصلوا على استحقاقاتهم من الحصص الغذائية.
ورغم تقارير المنظمات والوكالات الإنسانية والإعلامية وتحذيرات وشواهد بسرقة الحوثيين للمساعدات وتحويلها لمورد مالي لعملياتها الحربية ضد اليمنيين، ظلت الأممالمتحدة متفرجة أو متواطئة مع الحوثيين، حد تعبير العاملين في هذا القطاع.
ويقدم المانحون أموالهم لدعم العمل الإنساني في اليمن للأمم المتحدة دون تخصيص، ولا محاسبة، وتقوم الأممالمتحدة بتخصيصها وتوزيعها على وكالاتها والمنظمات العاملة في اليمن، لكنها في نهاية المطاف، تقع تحت تصرف إدارة الحوثيين.
الأممالمتحدة التي جمعت خلال السنوات الخمس الماضية 2015-2019 نحو 13 مليار دولار لدعم خططها الإنسانية في اليمن، تقول ان اعداد الجياع الذين لم تصل إليهم المساعدات ستزيد خلال الفترة القادمة، لعدم تقديم ميليشيا الحوثي تنازلات في ملف إدارة المساعدات طلبت منها.
تُصعد الأممالمتحدة ضد الحوثيين بتسببهم بمنع وصول الغذاء لنحو 6.7 ملايين شخص في المناطق التي يسيطرون عليها، خلال شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين، لكنها لم تتخذ أي إجراءات عقابية ضد هذا "السلوك الإجرامي" سرقة الطعام من أفواه الجوعى، كما لخصها ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، في حديث سابق له.
تقول منسق الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، برسالة إلى سلطات الحوثيين في أكتوبر الماضي، تطلب فيها تنازلات حول خمس قضايا رئيسية: القيود المفروضة على الحركة؛ والضغط للتوقيع على اتفاق المبدأ التقييدي؛ التأخير في توقيع اتفاقات فرعية تعوق العمليات الإنسانية؛ وتدخل في الأنشطة والمشتريات، ومعوقات تنفيذ التقييمات الإنسانية.
دعم مجتمع المانحين والمنظمات الدولية غير الحكومية الرسالة واستراتيجية الضغط، بما في ذلك سحب الحوافز لبعض المؤسسات.
تجاوبت ميليشيا الحوثي مع رسالة الأممالمتحدة وضغوط المنظمات لكن بطريقتها، حيث قامت بحل الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث (النمشا)، وأعلنت إنشاء مؤسسة جديدة - المجلس الأعلى للإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي(سمشا).
المؤسسة الجديدة التي أعلنتها ميليشيا الحوثي، تقول الأممالمتحدة إنها اتخذت تدابير قاسية برغم أنها جاءت لحل المعضلات التي طالبت بها الأممالمتحدة.
وبحسب تقرير الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، بدأت "سمشا" مؤسسة الحوثيين الجديدة لإدارة المساعدات والأعمال الإغاثية، بدأت في زيادة القيود المفروضة على وصول المساعدات، وأطلقت حملة إعلامية تستهدف الأممالمتحدة وبعض المنظمات غير الحكومية الدولية، في موقع "سمشا" ووسائل الإعلام الحوثية.
وبحسب تقرير نائب الشؤون الإنسانية، تزايدت حوادث العنف ضد العاملين في المجال الإنساني والعمليات الإنسانية في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، تمثلت في الاعتداء، والترهيب، والاحتجاز التعسفي للموظفين على حد سواء.
كما تم احتجاز الموظفين الوطنيين والدوليين بشكل تعسفي من قبل السلطات وبعضهم تم إخبار العاملين في المجال الإنساني بأن تأشيراتهم لن يتم تجديدها.
الحوادث على مستوى البلاد من العنف ضد العاملين في المجال الإنساني تضاعف في الفترة من أغسطس إلى سبتمبر.. وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، تم الإبلاغ خلال الشهرين الأخيرين، عن 80٪ من جميع الحوادث في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، والقيود المفروضة على الحركة بسبب اللوائح التقييدية وإغلاق الطرق لا تزال مستمرة، وتعطيل توصيل المساعدة وسفر الموظفين.
وأشارت المنسقية الأممية إلى أنه غالبا ما تستخدم ميليشيا الحوثي، أذونات الحركة كوسيلة لطلب مزيد من المعلومات من المنظمات الإنسانية حول الموظفين والمستفيدين والأنشطة، وتتدخل في الأنشطة الإنسانية مثل تسجيل المستفيدين المحليين أو عرقلة تقييمات الاحتياجات، وخاصة في الحديدة وحجة، حيث احتلت قوات الحوثي المباني الإنسانية في تلك المحافظات