الطقس المتوقع في مختلف المناطق حتى مساء اليوم الجمعة    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    مليار دولار التكلفة الأمريكية لإحباط هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    الدوري الاوروبي ... ميلان وليفربول يودعان البطولة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    الحكومة تطالب بتحرك دولي لوقف تجنيد الحوثي للأطفال تحت غطاء المراكز الصيفية    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    إصابة 3 أطفال بانفجار مقذوف شمالي الضالع    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    فضيحة قناة الحدث: تستضيف محافظ حضرموت وتكتب تعريفه "أسامة الشرمي"    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاومة الوطنية.. البدايات والإعلام
نشر في المنتصف يوم 24 - 04 - 2020

كان اليوم الرابع من ديسمبر 2017 م أسوأ أيام حياتي على الإطلاق.. يوم حزن، وبكاء، وتيه، وشرود، وقليل من الخوف أيضا.. لقد قتل مسلحو الجماعة الحوثية الزعيم علي عبد الله صالح، رئيس المؤتمر الشعبي العام، الذي كان قبل ذلك رئيسا للجمهورية العربية اليمنية في شمال البلاد، ثم رئيس الجمهورية اليمنية بعد اندماج جمهوريتي الشمال والجنوب في دولة واحدة.. قتلته الجماعة الحوثية ورقص القتلة حول جثمانه زيادة في الزهو والانتقام منه لمؤسس الجماعة حسين الذي لا دور للرئيس صالح في مقتله.. وضعت الجماعة يدها على وسائل إعلام المؤتمر، وقامت بحملة اعتقالات وارتكبت انتهاكات.. قبيل مغيب ذلك اليوم ألقى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطابا دعا فيه الناس أن يصلوا ركعتين بعد صلاة العشاء شكر لله.. كنت أسمع زغاريد نساء تخرج من شبابيك بعض البيوت القريبة من بيتنا في الحارة.. كن حوثيات مسرورات بقتل الزعيم. بقيت في البيت حتى اليوم السابع من الشهر، حينها جاء شاب من أسرة الوصابي إلى بيتنا يقول: قولوا لعمي فيصل يمشي، سمعتهم في المقبرة يتحدثون عنه حديث الغاضبين.. كان ذلك الشاب يقاتل مع الحوثيين في جبهة نجران، وكانت زوجتي تتفقد أسرته المعدمة، ويبدو أنه أراد رد الجميل.. أمضيت الليل دون نوم، وفي الساعة الرابعة فجرا جاء عفيف بحافلته ونقلني مع المسافرين إلى قريتي في القبيطة التي وصلتها بعد غياب شمس الثامن من ديسمبر.. أول ما دخلت دارنا قال أبي والدمع يهطل من عينيه: قتلوا علي يا فيصل.. تجرأوا على قتل رجل مثله، وهو الذي فعل وفعل، وأخذ يعدد فضائله.. صباح اليوم التالي توجهت إلى طور الباحة، ومن هناك نحو عدن.. وعند النقطة الأمنية المقامة قرب مصنع الحديد في الصبيحة منعوا دخولنا، ورجعت الحافلة بركابها صوب طور الباحة، أما أنا فنزلت منها، وقلت للسائق ارجعوا أنتم، وأنا سأدبر أمري، فقد كنت واثقا أني سأمر بسهولة بمجرد اتصال بغمدان الشريف سكرتير رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر.. كان هاتفه مغلقا وتبين في ما بعد أنه رافق رئيس الوزراء إلى السعودية في ذلك اليوم.. حاولت اقنع زيد الصبيحي يسمح لي بالمرور أو ينقلني لأمن لحج وعرفته بنفسي وقلت ان الرئيس هادي ورئيس الوزراء رحبوا بنزول النازحين المقموعين من قبل الحوثي، فقال لا علاقة لنا بهادي ولا بن دغر نحن هنا مسئولين عن أمن الشعب الجنوبي.. اتصلت بابني نادر أقول له منعوني من العبور وسكرتير رئيس الوزراء لا يرد، قال ربما أنهم يحضرون حفلا في عدن بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، لكن بعد ذلك أكد أن بن دغر سافر اليوم السعودية.. بعد أن وجه إلي زيد الصبيحي إهانات أمر بتفتيشي ووجدوا بين وثائقي بطاقة عضوية اللجنة الدائمة فسبني وسب الزعيم وسلبني كل وثائقي، وأمر بأخذ كل متعلقاتي وإيداعها العمليات وسلمهم البطاقات التي سلبها مني وهناك سجلوا قائمة بمتعلقاتي ملابس، لابتوب، هاتف، بطاقات هوية وجواز سفر.. وقالوا انظر في القائمة هل باقي شي لم يكتب، قلت بطاقتي الشخصية لم تذكر، قالوا بطاقاتك سلمت لنا من زيد وليس بينها بطاقة شخصية.. بعد أن ردوني إلى زيد قلت له بطاقتي الشخصية لم تسجل في المحضر قال هي داخل الجواز، وتبين أنه أخذها واحتفظ بها.. أمر زيد بنقلي إلى سجن في مصنع الكابلات وكان معزولا عن سجن الأسرى الحوثيين.. جاء ابني نادر وزميله ماجد الشعيبي مراسل قناة أبو ظبي، فأخرجوني من السجن واقتادوني إلى النقطة الأمنية حيث يتبلطج زيد الصبيحي. حاول نادر وماجد مع زيد الصبيحي، فقال أريد تصريحا من التحالف يسمح بدخوله، ولا سبيل غير ذلك، وأنا صاحب القرار هنا.. حاولا التواصل مع قيادات جنوبية لكن دون فايدة.. حصلت مشادة معه فأمر باحتجازنا الثلاثة في سجن مصنع الكابلات وبعد قليل افرجوا عن الشعيبي باعتباره جنوبي، كما افرجوا عن نادر لكنه قرر أن البقاء إلى جانبي.. نمنا في السجن معا، وفي اليوم التالي نجح زملاؤه في التواصل مع آخرين بشأننا، وبعد العصر مر بالنقطة حمدي شكري، فحدثه نادر بشأني، واستغرب أني لا زلت محتجزا، وقال أنه قد وجه البارحة بالسماح لي دخول عدن.. وقال لي لماذا تريد عدن، قلت هارب من الجماعة، قال بعدما تحالفتم معهم احتجتم لنا، قلت أنا مسافر القاهرة لأعمل في قناة اليمن اليوم هناك، قال ستذهب مصر تسبنا وتقول دواعش وإرهابيين كما كنتم تقولون وأنتم في صنعاء.. قلت يا شيخ تعرف أن الملابسات كثيرة، قال خذوا منه تعهد أن لا يسبنا من القاهرة ودعوه يمر، لكنه لم يكن جادا في هذه بل يمازح .. رجعت إلى غرفة العمليات كي آخذ متعلقاتي، فلم يسلمونها بل سلموها للطقم الذي سوف يوصلنا إلى إدارة أمن لحج.. مع رسالة منهم بشأني ونادر.. وركبنا حتى أوصلنا الطقم إدارة الأمن في صبر، وهناك أمر النائب بإحالتنا لمسؤول البحث والتحري واسمه مناضل الشعبي، وسلموه المتعلقات والرسالة وأخذوا منه استلام بذلك.. قرأ الرسالة ونظر إلي وإلى نادر وقال هربتم واطلقتم نار على النقطة.. كان ذلك مكتوب في الرسالة.. قلنا لم نهرب وليس معنا سلاح ولم يطلقوا، ولم نطلق بل افتراء.. اقتنع مناضل الشعبي وخاصة بعد أن عرف ما حدث لي منذ اليوم الأول، وكان قد سألني من اين انت قلت من قرية في القبيطة قريبة من طور الباحة هي قرية الركبين قريبة من راس وادي شعب وقريبة من المفاليس.. قال اعرفها فأنا من وادي شعب، ثم سألنا عن ناس في طور الباحة تعرفون فلان تعرفون فلتان قلت نعم هؤلاء كانوا من اساتذتي في المدرسة الابتدائية لكنهم استقروا في طور الباحة بداية الثمانينيات بعد أن فروا من حملة امنية لأنهم كانوا ينتمون لمنظمة يسارية قريبة من الحزب الاشتراكي..
‏قال تفضلوا واطمئنوا هناك فقط إجراءات وستمرون.. وفجأة دخل رفاق نادر (حسام ردمان، وماجد الشعيبي، وعصام الصبري وهم مراسلين صحفيين لدى قنوات بي بي سي، وأبو ظبي، ودبي... وكانوا قد بحثوا عنا في أمن لحج وفي أقسام أخرى فلم يجدونا ثم اهتدوا لقسم الشرطة هذا.. كتب مناضل محضرا وقعنا عليه كلنا ثم قال في وداعة الله.. كنت أنوي النزول في فندق لكنهم قالوا هذا خطر عليك فالحراك يفتش الفنادق، ولو اعتقلك أمن عدن لن نستطيع الافراج عنك.. بقيت في مكتب المراسلين أيام وزارني وزير الثقافة مروان دماج، كما اتصل بي من الرياض غمدان الشريف السكرتير الصحفي لبن دغر، وهذا الأخير اتصل بي وسألني عن محمد أنعم، فقلت له إنه في الطريق إلى عدن، وقال اطمأن وقل لبقية زملاءك في صنعاء ينزلوا، وبعد اسبوع ان شاء الله سنكون عندكم.. وفي الحقيقة كان الرجل يتكلم كعادته، وليس في يده شيء يفعله لنا، باستثناء أنه كان يصرف لنا مصاريف الإقامة في الفندق، خلال المدة التي أمضيناها هناك.
لم تكن تلك تجربة شخصية تخصني، فكل الذين كانوا يحاولون العبور إلى الجنوب يلقون نفس المشقة.. عرفت المزيد من هذا عندما كنت في معسكر بير أحمد.. يقع هذا المعسكر في منطقة بير أحمد، إحدى ضواحي عدن.. إليه كان يصل المقاتلون فرادى في البداية.. كان مجموع الطليعة في بداية الأمر نحو ثلاثين ضابطا وجنديا.. ما أن انتشر خبر هذا المعسكر في مطلع العام 2018 حتى بدأ المقاتلون البحث عن طريق توصلهم إلى عدن.... قدموا من العاصمة، من محافظات صنعاء، ذمار، عمران، المحويت، تعز، إب، مارب، وحتى أبين.. لكي يصلوا إلى عدن أولا كانت أمامهم أكثر من طريق، لكن فرص الوصول القليلة أصلا اصطدمت بعوائق.. كانوا يمرون عبر طرق يسيطر عليها قطاع طرق من أصناف شتى.. في البداية كان قطاع الطرق الحوثيون يتركون المسافرين يسيرون في الطريق إلى عدن، ولا يسألون عن سبب السفر إليها، لكن بعد أن سمعوا بمعسكر طارق بدأوا يكثرون الأسئلة ويدققون في الأسماء والوثائق، ولم يجتز هذا العائق سوى قلة.. وفي خطوة لاحقة كانوا يحتجزونهم.. مع ذلك تجاوز كثير من الأبطال هذا العائق ليصطدموا بعائق آخر.. انتقل هذا إلى إب وآخر إلى تعز، وآخر إلى مأرب.. ومن هناك يبدأون البحث عن طريقة للخروج منها إلى عدن.. عادة ما تكون تلك الطريقة هي السفر خفية إما سيرا على الأقدام وإما الاستفادة من خبرة سائقي الدراجات النارية وسائقي السيارات الذين لديهم تجربة طويلة في تهريب المحظورات، أو لديهم أساليبهم الخاصة في التعامل مع المسلحين الذين يقيمون الحواجز، أو النقاط الأمنية التي أصبحت كثيرة في الطرق.. ما أن يصل المسافر إلى الضالع أو إلى الصبيحة أو نقطة العلم حتى يمنع من دخول عدن من قبل بعض المتعصبين مناطقيا أو المرهقين نفسيا.. كان عدد المحظوظين قليل، إذ كانت مبرراتهم مقبولة.. مثلا : ذاهب إلى مصر للعلاج، عبر مطار عدن.. في هذه الحالة سيتعين على المقاتل أن يحمل معه جواز سفر وبعض التقارير الطبية.. من سوء حظ بعض الضباط الذين كانوا يعملون في عدن أو لحج، أن بعض المسلحين كانوا يتعرفون عليهم ويحتجزونهم في غرف مظلمة ويذيقونهم شتى صنوف الإرهاب، بدعوى أنهم قتلوا أبناء الجنوب! وللعميد قائد الورد تجربة مخيفة مع هؤلاء، حيث احتجزوه في غرفة مظلمة في مدينة الحبيلين، وكان يدخل إليه ملثمون في أياديهم سكاكين يوهمونه أنهم جاءوا لذبح رقبته.. كان الورد قبل هذا مديرا لشرطة النجدة في لحج، وكان خصيما لتنظيم القاعدة.. قال لي أن قائد تلك المجموعة كان في الهند، ولما عرف أن الورد يطلب اللجوء الإنساني إلى سلطنة عمان، أمرهم أن يفرجوا عنه، ففعلوا بعد عشر أيام، لكن وجهته كانت معسكر بير أحمد.. حدث مثل هذا لآخرين، لكنهم في نهاية المطاف كان يصلون إلى المعسكر، أما فرادا أو خفافا، أو جماعات وبمرور الوقت تزايدت الأعداد.. كانوا يخضعون من جديد لعملية تدريب يومي.. اللياقة البدنية.. المهارات القتالية.. استخدام الأسلحة.. إلخ.. إذ أن معظمهم ظلوا طيلة نحو أربع سنوات بعيدين عن الميدان العسكري.. والأسباب كثيرة ومختلفة فبعضهم كان ضحية ما سمي بالهيكلة، والبعض منهم ترك الخدمة احتجاجا على سيطرة الميليشيات الحوثية على معسكراتهم، وآخرون أجبرتهم الميليشيات نفسها على البقاء في بيوتهم، وآخرون عادوا للعمل الزراعي في قراهم بسبب قطع الرواتب، ,اكثرهم شارك في معركة انتفاضة ديسمبر2017، وبعد خسارة المعركة التحقوا بالعميد طارق.. لقد كانت خبراتهم العسكرية السابقة مهمة في نجاح عملية إعادة التدريب خلال فترة زمنية قصيرة.
‏ومن هنا توجهت كتائبهم نحو المخا.. الكتيبة الأولى، والثانية، والثالثة.. ثم تلتها الأخرى، ويوم 19 إبريل 2018 بدأوا منازلة ميليشيات الحوثي في تخوم مدينة المخا، وفي اليوم الثاني كنت وأحمد غيلان في معسكر خالد بن الوليد نشاهد بلاء مقاتلي المقاومة الوطنية.
أعود إلى ما بدأت به، وأقول عندما وصلت إلى عدن تبين لي أن الزميلين أحمد غيلان وأحمد الرمعي قد سبقاني بيوم واحد.. وسبقنا جميعا آخرون، اجتمعنا معا في فندق سماء الإمارات بشاطئ خور مكسر.. بعد أيام وضع عادل النزيلي قائمة تضم أسماء محمد أنعم، فيصل الصوفي، أحمد غيلان، أحمد الرمعي، عبد الكريم المدي، صلاح الحيدري، وأبلغنا الحضور إلى فندق رويال، وهناك التقينا صادق الأكوع ومعه عادل النزيلي وعبد الله المغربي، وعمر الصلاحي.. كلف صادق الأكوع الشباب محمد أنعم، واحمد غيلان، أحمد الرمعي يختارون أفضل الإعلاميين المؤتمريين، ذلك أن العميد طارق محمد عبد الله صالح يريد مجموعة تسافر القاهرة، ومجموعة لمركز إعلامي سوف يتأسس قريبا.. بعد ايام- 11 فبراير تقريبا- استدعينا للمقيل مع العميد طارق بمقر الهلال الأحمر الإماراتي.. واقترح أن نأخذ دورة تدريب عسكرية قصيرة نتعلم خلالها بعض المفاهيم والمصطلحات العسكرية.. بدأت الدورة يوم 18 فبراير 2018 في معسكر ببير أحمد.. وكان عددنا 15 إعلاميا: محمد أنعم، فيصل الصوفي، نبيل الصوفي، أحمد غيلان، أحمد الرمعي، عادل النزيلي، صلاح الحيدري، عمر الصلاحي، عصام العامري، عبد الرحمن ناجي، عرفات العامري وعبد الكريم المدي ، أبراهيم علي حسن، والمصور وليد الهلالي وأنور العامري.. وبدأت عملية تكوين المركز الإعلامي، لكن سرعان ما دب الخلاف بين عبد الله المغربي، وعادل النزيلي، وحسما للخلاف، تم تكوين وكالة 2 ديسمبر تحت إدارة المغربي، وبقي المركز تحت إدارة عادل النزيلي، إلى شهر يوليو حيث عين القائد مديرا جديدا للمركز هو محمد أنعم، وانتقل إلى الخوخة.. وتوسع عمل المركز حيث تفرع عنه إذاعة، ووكالة، وموقع أخباري، بالإضافة إلى ترتيب وأعداد وإلقاء المحاضرات على المقاتلين.. وتطلب هذا التوسع زيادة في أعداد الإعلاميين والمصورين والفنيين، حيث التحق به أبو جلال ، عبدالوهاب نمران ، عبد الناصر المملوح، مفتاح الزوبة وماجد المعمري ومحمد عقلان وقناف عوضه وإبراهيم جحزة ، ومحمد الردمي ،جهاد الشجني ، محمد عبد الغفور، عبد الرحمن الآنسي، ابراهيم العلوي، وعبده علي الحذيفي وعبد الجليل السلمي ، صادق شلي، ، وليد مكرد، نبيل السامعي، كمال الردمي عاطف محمد عاطف .
اليوم، وفي الذكرى السنوية لانطلاق العمليات العسكرية للمقاومة الوطنية- حراس الجمهورية، سأسمح لنفسي، تقييم أداء إعلامها، تقييما موضوعيا، على الرغم من زيف كلمة الموضوعية.. لكن قبل ذلك سوف افصل البدايات التي مررت عليها قبل قليل.
لقد بدأت قيادة المقاومة الوطنية تأسيس جهازها الإعلامي في منتصف فبراير 2018، كما قلنا حيث تم اختيار 15 صحفيا وإعلاميا، ومصورا واحد.. كان أكثرهم يعنون بقنوات التواصل الاجتماعي كما يظهر من الأسماء المذكورة سابقا.. أثناء وبعد دورة التدريب التي أشرنا إليها، كان النقاش في معسكر بير أحمد يدور حول هذه المهمة، وكان العميد صادق دويد، يرشد ويدير عملية النقاش ويوضح الأهداف، والكيفيات..
وفي شهر إبريل تم تكوين المركز الإعلامي للمقاومة الوطنية وكان يتكون في البداية من المذكورين.. كان أربعة منهم كتاب جيدين، وإضافة إلى ذلك أسندت لهم مهمة إلقاء محاضرات على الجنود، بينما تولى الآخرون النشر في وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى موقع أخبار(المنتصف نت)، ومن بداية شهر مايو أسست إذاعة متنقلة باسم حراس الجمهورية في المخا، وبسبب ضعف مداها نقلت في يونيو إلى الخوخة لكي تسمع في مديريات زبيد والدريهمي والتحيتا وغيرها من مناطق المواجهة مع الميليشيا الحوثية.. ونشأت عن المركز وكالة إخبارية باسم وكالة 2 ديسمبر. وفي شهر يوليو2018 تم مأسسة العمل الإعلامي، تحت مسمى الإعلام والتوجيه، وأسند ركن التوجيه والإعلام إلى العميد صادق دويد، وتولى محمد أنعم إدارة المركز الإعلامي وتوابعه، وما يزال في موقعه، حتى اليوم وتغلب على طريقته في الإدارة مسحة الإدارة الإنسانية.. صار فرع الإعلام (المركز الإعلامي، وكالة 2 ديسمبر، الإذاعة، موقع المنتصف نت) يتولى مهمة تزويد الجمهور بالأخبار اليومية عن المعارك الدائرة في الساحل الغربي، وفي الجبهات الأخرى، وفي الفترة التي تلت اتفاق استكهولم تم التركيز على الخروق التي تنتهك بها الجماعة الحوثية اتفاق ستوكهولم عامة وما يخص الحديدة خاصة.. كما تناول الإعلام قضايا المجتمع التهامي، مثل النازحين، ضحايا الألغام، حالة الزارعة، التعليم.. وتزويد الجمهور بأخبار حول الخدمات التي قدمتها وتقدمها المقاومة الوطنية لسكان تهامة، والأنشطة أو المشاريع التي ينفذها الهلال الأحمر الإماراتي في مناطق الساحل الغربي.
بينما يتولى فرع التوجيه توجيه خطاب هادف إلى المقاتلين من خلال الإذاعة الداخلية للمعسكر، المحاضرة، النشرة، الصوتيات، والإذاعة المحلية، حول الموضوعات التالية: العقيدة العسكرية والعقيدة القتالية ولحرب النفسية والأخبار الكاذبة والشائعات والأسرار العسكرية، والانضباط العسكري، الولاء الوطني والانتماء الوطني، والمحافظة على ممتلكات المقاومة الوطنية، وحول مضامين اتفاقات وعهود حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، وفي الحقيقة أن المنتسبين للمركز الإعلامي هم من يؤدون هذه المهمة لمصلحة فرع التوجيه، الذي يتبعه، خطباء مرشدين دينيين يقومون بالتوجيه في ما يتعلق الموضوعات العقدية والفقهية.
فإذا جئنا إلى سمات وخصائص إعلام المقاومة الوطنية، يمكننا القول أنه يتسم بقدر كبير من المصداقية، ذلك لأن قيادة المقاومة تؤكد دائما على ضرورة الاعتماد على المعلومات الصحيحة، ومن سماته أيضا أنه يتجنب كل ما له صلة بالشرعية وحزب الإصلاح.. كما يتسم بتكرار التذكير بجرائم الجماعة الحوثية لترسيخها في أذهان الجمهور.
ويؤخذ على إعلام المقاومة الوطنية- وهذه وجهة نظري الشخصية- أنه يتورط أحيانا في تناول قضايا الأصول والأعراق والمسائل المذهبية، على الرغم من أن قائد المقاومة الوطنية كان يؤكد منذ البداية على تجنب ذلك، كون الإعلام يجلب- من حيث لا يدري- خصوما جددا، ويرضي العدو الحقيقي الذي لا شك أنه يستريح لانصرافه عن عيوبه الجوهرية الكبيرة.. كما يؤخذ على إعلام المقاومة هجومه على الأمم المتحدة وبعض المنظمات والوكالات التابعة لها، ومبعوث الأمين العام الخاص إلى اليمن، وبعض المنظمات الدولية غير الحكومية كرد فعل تلقائي على تصرفات تبدر من هذه الجهات، مع ذلك هذا المأخذ ليس مهما، فمن ناحية يفرض ضغوطا على تلك الجهات لتعديل سلوكها، ومن جهة ثانية أن بعض التصريحات والكتابات تناقش التصرف نفسه وتوضح عناصر الضعف والخطأ فيه، دون استخدام عبارات هجومية لشخص بعينة أو منظمة لذاتها.. وبصفة عامة يمكننا القول أن الجهاز الإعلامي للمقاومة الوطنية يؤدي رسالته بمستوي جيد.. أما جانب الضعف فيه فيكمن في محدودية عدد المنابر الإعلامية، فهي عبارة عن وكالة 2 ديسمبر الاخبارية، وقناة اليمن اليوم في القاهرة التي تقوم بدور مساعد، اخيرا أصيف إلى ذلك موقع جديد هو منبر المقاومة المشتركة، لكن يبدو أن نقطة الضعف هذه، تجري عملية التغلب عليها من خلال اجتذاب مواقع صحفية صديقة.
هناك نقطة صعف أخرى، وهي أنه بمرور الوقت تضخم الجهاز الإعلامي، حيث صار عدد العاملين فيه يربو على الخمسين لا علاقة لأكثرهم بالصحافة والإعلام، بل قل أن الجزء الأكبر من هذا العدد يعتبر عبئا على إعلام المقاومة الوطنية.
في الختام يوصي الكاتب بعدم الهجوم على القيادات المؤتمرية، فالهجوم عليها في الوقت الذي يسود فيه خلاف داخل الأوساط المؤتمرية، يجعل المهاجمين أعوانا للخصوم السياسيين للمؤتمر.. كما ينبغي عدم استخدام مقولات الخصوم السياسيين نفسها أو محاكة السلفية، بما في ذلك عند تناول سلوك وتفكير الجماعة الحوثية، إذ يجب مراعاة أن هذا الاستخدام يقود لتقوية الخصوم السياسيين للمقاومة.. وأخيرا تجنب المبالغة في الشكوى من هجمات الميليشيا الحوثية، بأساليب توحي للجمهور برسالة مؤداها أنها في موقف القوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.