الأرصاد يرفع التنبيه إلى تحذير ويتوقع عودة الصقيع على أجزاء من المرتفعات    الجرح الذي يضيء    اليمنية تعلن عن رحلتين اسبوعيا بين عدن وعاصمة خليجية    صنعاء.. وقفة غاضبة لوزارة الصحة تنديداً بتدنيس المقدسات من قبل مرشح أمريكي    بمعدل نمو 10.4%.. التمويل الإسلامي في عُمان يرتفع إلى 7.4 مليار ريال    حراك أمريكي داخل أروقة الإدارة الأمريكية بشأن اليمن والجنوب    قانوني يشكك في دستورية مجلس القيادة ويتساءل: كيف يطالب العليمي بالدستور وهو بلا سند دستوري؟    عشر سنوات من الوجع.. شهد تبحث عن أبيها المخفي في سجون الحوثي    نخب الإعاشة في الخارج.. خطاب تعالٍ يكشف انفصالًا عن معركة وطنهم    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    معلومات حول الجلطات في الشتاء وطرق الوقاية    عودة الأسعار للارتفاع يا حكومة    مع استمرار صراع ادوات المرتزقة..مدن الجنوب بلا خدمات    عبد الرزاق حمد الله يعتزل اللعب دوليا بعد قيادة المغرب للتتويج بكأس العرب    عقوبات أمريكية على الإخوان المسلمين    بن حبتور يكشف عن السيناريو في المناطق الجنوبية والشرقية    البنجاك سيلات يستعرض الصعوبات التي تواجه الاتحاد    تدشين صرف إعاشة أسر الشهداء والمفقودين ب 3.6 مليارات ريال    بتعاون أردني..عدوان أمريكي على الأراضي السورية    وزير سابق: تراجع اهتمام واشنطن بالملف اليمني وتعيد النظر وفقا لوقائع الأرض    معركة السيادة في عصر الاستلاب الفكري"    تفجير تعز.. قيادات إصلاحية تربوية تدفع ثمن مواقفها الوطنية    هجوم جوي يستهدف قوات الانتقالي في حضرموت    خبير في الطقس: برد شديد رطب وأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    تقرير أممي: ثلثا اليمنيين يعانون انعدام الأمن الغذائي ومعدلات الجوع تسجل ذروة غير مسبوقة    تقرير أممي: تصعيد الانتقالي في حضرموت أجبر آلاف الأسر على الفرار والنزوح    شرطة المرور تعلن إعفاء أكثر من ثلاثة ملايين مخالفة مرورية    قيادة السلطة المحلية بالبيضاء تنعي حاتم الخولاني مدير مديرية الصومعة    قراءة تحليلية لنص "نور اللحجية" ل"أحمد سيف حاشد"    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    أمطار شتوية غزيرة على الحديدة    معارك ليست ضرورية الآن    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    "أسطوانة الغاز" مهمة شاقة تضاعف معاناة المواطنين في عدن    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    الحبيب الجفري يحذّر من تسييس الدين: الشرع ليس غطاءً لصراعات السياسة    الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    السبت .. انطلاق سباق الدراجات الهوائية لمسافة 62 كم بصنعاء    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيها السعودي... دع القلق وابدأ الحياة
نشر في المنتصف يوم 03 - 12 - 2013

سعيد الوهابي كاتب سعودي شاب، قلمه لاذع وسريع، اختصر المزاج العام السعودي مساء الأحد الماضي بعدما شبع السعوديون من تحليل وتقليب اتفاق إيران مع الدول الكبرى حول مشروعها النووي، فغرّد في «تويتر»، قائلاً: «لا بد من أن السعودية تشعر بالوحدة الليلة».
نعم، لقد كانت ليلة صعبة، لما يصدر البيان الرسمي الذي رحب بالاتفاق بتحفظ بعد، تراقصت خلالها أشباح وأوهام التهديد والعزلة، عبارات تتردد على لسان المحللين تزيد القلق «إيران شرطي المنطقة» و«أميركا كعادتها تغدر وتتخلى عن حلفائها» و«تخلت إيران عن مشروعها النووي وكسبت الهيمنة». العبارة الأخيرة كانت لي، صرحتُ بها لوكالة الأنباء الفرنسية لتكون ضمن سياق القلق السائد.
ولكن ما كان لهذا القلق من مبرر ولا لتلك المشاعر المنقبضة التي تصاحب من يدخل سريره بعد يوم صعب، وهو يشعر بالوحدة، فالاتفاق طبيعي وتطور طبيعي للتاريخ، ويصب في مصلحة المنطقة لطرد تهديدات الحرب التي حامت في سمائها أكثر من عقد. كان الأمير تركي الفيصل يستخدم عبارة مختصرة لشرح الموقف السعودي حيال المشروع النووي الإيراني عندما كان سفيراً لبلاده في الولايات المتحدة، وما كان مؤتمر صحافي أو لقاء مع أميركيين إلا ويُسأل عن الموضوع، فيقول: «نحن نعيش يومنا بين كابوسين: الأول أن تمتلك إيران القنبلة النووية، والثاني أن تقوم إسرائيل بقصف المنشآت الإيرانية لتدخل المنطقة في حرب لا نعرف كيف تنتهي وأين تصل». هذا الاتفاق يريحنا من هذه الكوابيس، على الأقل خلال الأشهر الستة المقبلة عمر الاتفاق. لن تخصب فيها إيران يورانيوم يوصلها إلى قنبلة نووية، ولن تقصف إسرائيل منشآتها لتمنعها من ذلك، مع احتمال قوي أن يتحول الاتفاق إلى حالة مستدامة عندما يعود المتفاوضون إلى جنيف فتنعم المنطقة بسلام دائم.
الذي يجب أن يثير قلقنا في السعودية هي حال «القلق والتوجس» و«الذهاب للنوم ونحن نشعر بالوحدة» مثلما قال الوهابي، هذا إذا استطعنا النوم، فرئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى الدكتور عبدالله العسكر، صرح بأن «النوم سيجافي أعين سكان المنطقة»، هذه المشاعر السلبية هي ما يدعو إلى القلق، لأنها تعبّر عن حال عدم ثقة مستفحلة حيال قدرتنا على مواجهة تغيرات مستحقة في المنطقة. أزعم أن سبب الحال هو «تعوُّدنا» الاعتماد على الولايات المتحدة بوصفها حليفاً استراتيجياً يهب للعون وقت الأزمات، ثم إدراكنا بوجود خلخلة وعدم توازن في المنطقة منذ سقوط صدام حسين ومعه العراق (وليس في هذه العبارة أي تحسر على الرجل ونظامه الذي كان لا بد من أن يخرج من التاريخ)، ثم صعود تركيا قوةً إقليمية، وخروج مصر نتيجة أوضاعها الداخلية في زمن «الربيع العربي»، وانكفاء باكستان على جراحها الداخلية التي أصابتها بعد 11 سبتمبر وحربها الأهلية المصغرة مع «طالبان».
ومن ثم يمكن القول إنه في مواجهة إيران وأطماعها في المنطقة فإن السعودية تقف وحدها، وحتى لو تقاطعت مصالحها مع دول أخرى في المنطقة مثل تركيا وقطر في ساحة المواجهة بسورية، ومع الإمارات والكويت وقطر في ساحة المواجهة بالبحرين، ولكن لا توجد جبهة موحّدة ولا اتفاق لمواجهة إيران، فكل الدول التي ذكرت قبل قليل، وكذلك التي لم تذكر من دول المنطقة، لها علاقات ومصالح مفتوحة مع إيران، ولا تزال تفتقر في مجموعها إلى موقف استراتيجي موحد للمواجهة، ولا سيما في الساحة السورية، حيث تسود حال من التنافس وعدم الثقة، وهو ما سمح للنظام وحليفه الإيراني بتحقيق انتصارات على الثوار.
لم يطلق الاتفاق لإيران يداً مطلقة في المنطقة، ولكن يدها لم تكن محجورة أيضاً في زمن ما قبل الاتفاق، فهي تدخلت في سورية بالرجال والعتاد ولم تجد من يمنعها، وبالتالي لها أن تفسر الاتفاق بأن الغرب غير معني بما تفعل هناك أو في اليمن أو في البحرين، طالما أن المفتشين يقومون بمهماتهم ونسبة التخصيب عند الحد المتفق عليه، وبالتالي تنشط هناك لاختبار علاقتها الجديدة مع الغرب، وعلى السعودية أن تواجه هذا وحدها. ولكنها غير ملزمة أن تكون وحيدة، لا تزال ثمة مصالح مشتركة مع دول إقليمية كبرى، ولكن من الضروري إعادة تشكيل السياسة الدفاعية السعودية، وتبدأ باعتبار أن حال الاعتماد على الولايات المتحدة غير صحية، فتحوُّل أميركا عنا ليس لحظة «أوبامية» عابرة بل سياسة أميركية دائمة نتيجة التحولات التاريخية الحاصلة في الولايات المتحدة التي غيرت أولوياتها. بعد ذلك تنتقل المملكة إلى إعادة رسم خريطة تحالفها بالمنطقة. تركيا مهمة، وقادتها يريدون علاقات مميزة مع المملكة. مصر لم تعد بعد، فهي لا تزال في حال احتقان داخلي يشلها عن التزامات خارجها، وأقصى ما ستراه المملكة منها هو عبارة «نؤيدكم في كل ما ستقومون به» مع ابتسامة، وإن لم يفعلوا ذلك في سورية. لكي تعود مصر، وهذا يحتاج إلى زمن، فهي بحاجة إلى أصدقاء يُخرجونها من حال الاحتقان التي تعيشها وسياسة «الخوف والغضب والانتقام» إلى مصالحة وطنية حقيقية. باكستان هي الأخرى بحاجة إلى مساعدة من صديق لتحقيق مصالحة مع حركة «طالبان» ليتفرغ الجيش الباكستاني القوي لمهماته الوطنية.
من الضروري أيضاً فتح قنوات اتصال مع إيران حتى مع استمرار حال المواجهة معها. إنهم يقولون كل خمس دقائق إنهم يريدون علاقات جيدة مع المملكة. لنسمع ما لديهم ولنصبر مثلهم.
مشكلات المنطقة كثيرة، وتزداد كلما أهملت، ولكنها قابلة للحل، وثمة حلفاء وأصدقاء لنا، فليس بالضروري أن نستمر في الشعور بالوحدة بعد ذلك الأحد الكئيب.


* كاتب وإعلامي سعودي
- "الحياة"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.